هرج ومرج بين حلفاء إيران إثر تسريبات المالكي… والمرجعيات على الخط
جدلٌ واسع يلفّ الأوساط السياسية والحوزات الدينية في العراق منذ أيام؛ إثر تسريبات صوتية منسوبة لنوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق، الذي لم يستطع لا هو ولا حزب الدعوة الذي يتزعمه، إثبات أنها مزورة أو مفبركة، وتقوم خطورتها على تضمُّنها أفكاراً واضحة حول الاحتراب الداخلي وتصفية مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري المناهض الأساسي لنفوذ إيران في العراق.
ففي تسريب صوتي هو الخامس حتى الآن، وصل الأمر إلى توريط المرجعيات الدينية في فتاوى للقتال داخل الوسط الشيعي، إذ كان ضيف المالكي يتحدث إليه عن فتوى نسبها إلى مرجع ديني، لكنه لم يذكر اسمه الكامل.
وقال محاوِر المالكي، إن «آية الله الميرزا، أفتى بضرورة إراقة دماء جديدة» مما يتطابق مع أفكار المالكي، الذي سبق أن تحدث في تسجيل سابق عن تشكيله 15 جماعة مسلحة، وتجنيد المئات من أبناء عشيرته «بني مالك» لحمايته.
وانشغلت الحوزات العلمية والأوساط المقربة من المرجعية، بمحاولة تحديد الشخصية التي عبر عنها التسريب الصوتي بـ «آية الله الميرزا»، وبلغ الأمر إلى حدِّ أن اضطر آية الله الميرزا عبدالله عبدالرسول الإحقاقي، لإصدار بيان نادر نفى فيه التدخل في أي أمور سياسية، وهو يشير إلى حقيقة أن أتباعه في العراق والخليج، المعروفين أحياناً بالطائفة الشيعية الشيخية، لا يتدخلون في شؤون الإمامة والسياسة، ولا يؤمنون بإقامة دولة دينية مطلقاً، ويعملون مع الدول والأنظمة الوضعية بسلام.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أن الجهة التي تعمل على تسريب بطيء للتسجيلات، أشاعت أن التسجيل السادس الذي يمكن أن يُنشر في أي لحظة، يتضمن توجيه المالكي نقداً لاذعاً لعدد من المراجع الكبار.
ويوصف المالكي بأنه «طريد المرجعية» في إشارة إلى تدخل المرجع الأعلى علي السيستاني عام 2014 في تأييد عملية إطاحته ومنعه من الحصول على ولاية ثالثة في رئاسة الوزراء، بسبب الانهيار الأمني الكبير الذي أسقط ثلث أراضي العراق بيد تنظيم «داعش»، في عهده.
ولا تقتصر آثار الزلزال الناتج عن التسريبات، على مخاوف بشأن عنف واحتكاكات بين أنصار التيار الصدري، وأتباع المالكي الحالم بالعودة إلى السلطة، بل إن انشغاله بنتائج التسجيلات المسربة، أبعده إلى حد كبير عن أجواء المشاورات التي يجريها الإطار التنسيقي وحلفاء طهران في الفصائل، لمحاولة تشكيل حكومة جديدة.
مصادر رفيعة تحدثت لـ«الجريدة» عن حالة «هرج ومرج» داخل المفاوضات بين حلفاء طهران، بسبب غياب المالكي الذي كان نفوذه يضبط النزاعات والمنافسات، نسبياً.
وتوقعت المصادر أن تؤدي تبعات التسريب الصوتي، إلى نهاية كاملة لفرص حزب الدعوة في العودة إلى السلطة، بسبب الأفكار الخطيرة التي انطوت عليها التسريبات، بشأن المرجعيات الدينية والاتهامات العنيفة للمكونين الكردي والسني.
وتضيف أن حلفاء طهران فقدوا فرصة ذهبية للعودة إلى السلطة، وباتوا في عجز تام عن إقناع الأكراد والسنة بتشكيل حكومة ائتلافية، مما سيؤدي إلى بقاء حكومة مصطفى الكاظمي وقتاً أطول، بما يعنيه ذلك من نفوذ للصدر في الحكومة الحليفة له، إلى جانب سيطرة التيار الصدري على شارع الاحتجاجات، وهي نتيجة مفاجئة بعد شهر من انسحاب 73 نائباً صدرياً من البرلمان، افترض المراقبون أنه سيؤدي إلى إضعاف الصدر ومنح خصومه فرصة مجانية للعودة بالعراق إلى ما قبل مرحلة مصطفى الكاظمي.