عندما نزل الوحي على نبينا محمد بن عبد الله عليهأفضل الصلاة و أتم التسليم أخذ يدعو الناس إلىعبادة الله عز و جل بدلاً من عبادة الأوثان ، وقدمرت دعوته بمراحل عديدة نذكر منها إرسالالرسائل وايفاد الوفود ، جاء في صحيح مسلم ” أننبي الله – صلى الله عليه وسلم – كتب إلى كسرىو إلى قيصر و إلى النجاشي و إلى كل جباريدعوهم إلى الله تعالى ، وليس بالنجاشي الذيصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم” ، إن إقليمالبحرين الذي كان خاضعاً للفرس و إلى الولاةالمعينين عليه كان له نصيب من وصول الدعوةالإسلامية ، فقد قام رسولنا الكريم – صلى الله عليهوسلم – بإيفاد العلاء بن الحضرمي –رضي الله عنه– إلى المنذر بن ساوي حاكم البحرين حينها ، والكويت و التي كانت أراضيها تعرف باسم كاظمة والقرين تعتبر جزءاً من إقليم البحرين آنذاك.
العلاء بن الحضرمي هو العلاء بن عبدالله بن عبادبن أكبر بن ربيعة بن مالك بن عويف بن مالك بنالخزرج بن أياد بن صدى بن زيد بن مقنع بنحضرموت الحضرمي ، أسلم في بداية الدعوةالإسلامية قبل فتح مكة المكرمة ، أما المنذر بنساوي فهو المنذر بن ساوي بن عبدالله بن زيد بنعبدالله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيدمناة بن تميم .
يثور حول تأقيت إرسال المراسلات أكثر من رأي ،فقد رجح فريق الاعتماد على توقيت واعترضه آخر ،فالفريق المكون من ابن هشام والطبري و البلاذرييتفقون بأن العلاء حمل الرسالة إلى المنذر فيالسنة الثامنة للهجرة الموافقة لسنة 630 م أما ابنسعد فإنه يرى توقيت نشر الدعوة في السنةالثانية للهجرة ، أما ابن سيده يراها في السنةالسادسة للهجرة.
لقد كانت الظروف في إقليم البحرين عند مراسلةالرسول – صلى الله عليه وسلم – للقائم عليهاملائمة لنشر الدعوة الإسلامية فيها ، فالدولةالساسانية التي عُرف عنها ممارسة البطش والظلمعلى البشر كان همها وهدفها التوسع دون الوقوفعلى حاجات الأقليات التي تقف أمام طريق سيرهافي السياسة التوسعية التي حملت الراية العسكريةالعنيفة والتي لم يكن للرحمة عندها أي متسع ، إنالشعوب التي عاشت على إقليم البحرين من عرب وأنباط و أكراد و أتراك و فرس لم يكن لهم حول أوقوة ، لأنها في نظرهم طبقة أقرب ما تكون إلىالرقيق ، حيث ساد النظام الإقطاعي والذي ترتبعليه حرمان هذه الطبقة من الحقوق و الامتيازات ،و أخذت الدولة تفرض عليهم الضرائب الباهظة ، بلوصل الأمر إلى بيع الناس مع الأراضي ، إضافةًإلى أن الضريبة التي كانت تسمى بالخراج كانتتساوي نصف المحصول ومعها أنواع أخرى مثلضريبة النوروز وضريبة المهرجان وضريبة الموائد ،و كلها أنواع من التعسف والذل والهيمنة التيكانت تمارسها السلطة الساسانية بقيادة كسرىقباذ ، ولعل صنوف العنت والجبروت التي كانتتُمارس على المستضعفين من الشعوب المختلفةومنها شعب البحرين الذي كان مختلفاً عن بقيةالمكونات العرقية الأخرى بجوانب شتى كالعرقواللغة والدين قد مهد الطريق إلى حدوث شرخداخل الدولة الساسانية ، الأمر الذي أدى إلىحدوث انقسام سياسي نتج عنه ضعف الدولةوتبعثرها حتى أخذت تفقد السيطرة على هذهالشعوب ، من جانب آخر كان للمؤامرات والدسائسداخل بيت الحكم الكسروي نصيباً لا يستهان بهفي إضعاف هذه الدولة الظالمة مثل قتل شيرويهلأبيه ابرويز مع انشغال الجناح العسكري بالحروبمع الروم مما تمخض عنه تحميل الدولة تكاليفحربية باهظة ومكلفة .
القول اللين والحكمة التي استعملها العلاء بنالحضرمي وبيمينه رسالة الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وسلم – كانت بمثابة الوسيلة المُثلىلأجل تمكين أهل البحرين من الفكاك والخلاص منالظلم والجور الذي كان يمارس عليهم ولفتراتطويلة من قبل الفرس دون قتال أو قطرة من دم ،وبذلك أسلم المنذر بن ساوي و معه العرب وبعضالعجم ، أما المجوس و أهل الكتاب من يهودونصارى فقد أخذ منهم الجزية .
المطهر بن طاهر المقدسي يبين في البدء والتاريخأنه : ” قد حمل العلاء من مال البحرين إلى بيتمال المسلمين مائة وثمانين ألفاً من الدراهم فيرواية و ثمانين ألفاً من الدراهم.”
وفق ما ذكرته المصادر مثل كتاب طبقات ابن سعدوفتوح البلدان فإن العلاء بن الحضرمي بقي علىالبحرين حتى وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم– ولم يعزل ، لكن الطبري وابن الأثير وابن كثيرذكروا بأنه عزل في العهد النبوي وحل محله أبانبن سعيد بن العاص ، كما أن هنالك من فرقوفصل في أسد الغابة و الإصابة و بين أن العلاءكان على ناحية من البحرين منها القطيف و أبانكان على ناحية فيها الخط.
مؤرخ كويتي
