مجلسنا.. و«سحارة» بوشميس! – بقلم : طارق إدريس
قبل 60 عاما أتذكر ويتذكر كل ربعنا أيام الجلسة عند الدكاكين بالفريج، بعضنا يفترش الأرض وآخرون محافظون على «دشاديشهم» يجلسون على سحاحير المرطبات! «بوشميس» الله يذكره بالخير كان يفضل سحارة البيبسي كولا!! ليش ما ندري و«بو خماس» يحب النجرة والغشمرة ودائما يسحب السحارة من تحت «بوشميس» علشان يطيح على التراب وتتوسخ دشداشته!
وحنا نضحك عليهم وعلى نجرتهم !! يا حلو ذيك الأيام عندما كنا أطفالا لا نتجاوز العشر والاثني عشر عاما.. أيام صداقة الطفولة الجميلة وجلستنا مع بعضنا البعض بالبراحة وبجوار الدكاكين! راحت تلك الأيام وبقيت ذكراها الجميلة ويا حلو مجلسنا زمان الطفولة متكاتفين ومتعاونين ونساعد بعضنا البعض!
راحت الأيام وتفرقنا وكبرنا ودارت الدنيا على الجميع لكن تلك الذكريات هي الباقية! و«بوشميس» الوحيد فينا يحب كل شيء قديم وعتيج.. علشان چذي احتفظ بسحارة البيبسي وبفكرته الجميلة، بالطبع انتم تعرفون أن السحارة زمان مقسمة إلى خانات حوالي 24 خانة، كل قنينة لها خانة! علشان تحفظها من التلف والكسر!
«بوشميس» ابتكر لعبة الحظ وكسب من وراء تلك الفكرة مردودا ماديا بسيطا غير لعبة طاش وما طاش، فكرته كانت ترقيم خانات السحارة ووضع أشياء مألوفة لنا داخل كل خانة.. وكنا نسحب أوراقا مطوية ونفتحها والرقم المكتوب عليها يعني الشيء المحفوظ بلفافة الورق داخل تلك الخانة!
كل واحد فينا يسحب مرة أو مرتين وأحيانا اكثر إذا ما أعجب بحظه الأول وهكذا! كان «بوشميس» يربح 50 فلسا عن كل سحبة، ويعطيك مع حظك «بطل البيبسي» زيادة!
راحت الأيام وما زالت سحارة البيبسي الحظ الكبير في حياة «بوشميس» تدرون ليش؟ لأن هوايته جمع كل شيء قديم ولأنه احتفظ بتلك السحارة وعرضها في مزاد المقتنيات التاريخية والتراثية عن طريق الواتساب ليجني مالا كثيرا من وراء سحارة الحظ لعبته المبروكة!
ونحن في هذه الأيام نعيش حالة سحر «بوشميس» وسحارة الحظ لأننا في الثمانينيات أسسنا «سحارة» التأمينات الاجتماعية وادخرنا رواتبنا في هذه السحارة العجيبة التي تشبه سحارة «بوشميس»، ولكن هناك اختلافا بين مجلسنا أيام زمان حول سحارة «بوشميس» ومجلسنا اليوم حول سحارة التأمينات الاجتماعية.. التي دخلت خانة الاختلاف بالرأي بين الدستوري والقانوني بسبب «منحة المتقاعدين» وانتهى الخلاف بحسم المقتنعين وتعرض بين رأيين، لذلك نقول إن خانات سحارة «بوشميس» هي الأفضل ولكن هل يسمح لنا القانون دستوريا بأن نضع سحارة التأمينات الاجتماعية في مزاد التحف والمقتنيات التراثية القديمة مستقبلا! ربما ننتظر عهد «بوشميس» الحفيد حتى نعرف مصير سحارة التأمينات الاجتماعية بالمستقبل، والله من وراء القصد! وسلامتكم.