175 حالة عنف للأحداث منذ بداية عام 2021
منذ بدء جائحة «كورونا» واتباع الاجراءات المشددة للوقاية والحد من انتشارها سواء من خلال فرض التباعد الاجتماعي بين الأفراد إلى منع العديد من الأنشطة وكذلك المناسبات والدراسة «أون لاين» وغيرها، أخذت معظم المجتمعات تشهد صورا وأشكالا مختلفة من مظاهر العنف المجتمعي ووفق احصائيات العديد من الجهات المختلفة فقد زادات نسبة العنف بين الشباب بشكل ملحوظ، ونظرة على التقارير تظهر مدى شيوع هذه الظاهرة بين الشباب والتي نال المجتمع الكويتي جزءا منها إذ لا يكاد ينتهي يوم الا بخبر عن وقوع مشاجرة بين شباب في عمر الزهور، أو حالات تبادل ضرب أو شتائم بين مجموعة اخرى، الأمر الذي استدعى الجهات الحكومية المعنية والمتخصصين إلى العمل على دراسة هذه الظاهرة وأسباب ازديادها بين الشباب، فكانت إعادة تشكيل اللجنة الخاصة لدراسة الظاهرة وسبل الحد من انتشارها ووضع الخطط لمعالجة آثارها.
«الأنباء» ارتأت الوقوف على اراء بعض اصحاب الخبرة في مجال رعاية الشباب وتناول رؤيتهم لمعالجة هذه الظاهرة فكان اللقاء الاول مع الوكيل المساعد لقطاع الرعاية الاجتماعية مسلم السبيعي الذي أكد أن الوزارة ممثلة بإدارة رعاية الأحداث تولي أهمية خاصة لتوعية الأحداث والشباب من مخاطر الانجرار الى العنف بمختلف اشكاله وهي تركز في عملها على الدور التوعوية للحدث وأولياء الأمور.
وبين السبيعي انه قبل جائحة «كورونا» كانت الادارة متمثلة في الادارة تقوم بجولات على مدارس وزارة التربية وتقوم بشرح قانون الأحداث والآثار المترتبة على الخروج على القانون والعقوبات والتي بموجبها تحد من انتشار ظاهرة العنف بين الأحداث بنشر الوعي، مبينا ان الادارة تركز في عملها على اعادة تأهيل الأحداث المعرضين للانحراف او الذين يدخلون الى الدور في احكام ويقومون على متابعتهم بشكل متواصل من قبل اخصائيين نفسيين واجتماعيين، وبالإضافة الى العمل على تعديل سلوكهم والحرص على متابعة دراستهم.
وأكد السبيعي ان ادارة الأحداث المختصة لديها حاليا 75 حدثا موزعين على جميع الدور التابعة لها، وهي تركز مع العديد من الجهات المختصة عبر لجنة خاصة لدراسة ومعالجة أسباب ظاهرة العنف المتزايدة بين الشباب وإيجاد الحلول المناسبة لها.
أسباب الجنوح
بدورها، تحدثت استاذ التخطيط الاجتماعي في جامعة الكويت د.سهام القبندي لـ«الأنباء» عن رصد زيادة في حالات جنوح الاحداث وجرائم الشباب خلال السنوات الاخيرة، وذلك يعود لمجموعة من الدوافع والاسباب، موضحة أن الانحراف والجريمة صناعة مجتمعية تعني أن الانسان لا يولد منحرفا ولكن ظروفه المعيشية وتنشئته وظروفه الاسرية والعائلية هي السبب في دفعه للانحراف.
وأضافت د.القبندي أن الحدث يبقى ضحية الاسرة المهملة لدورها التربوي، فالطفل حين يدخل في فترة المراهقة يتمنى منحه بعض الاستقلالية والحرية ليشعر بأنه قد كبر في السن، وبالمقابل فإنه يستمر بشعوره بالحاجة إلى الاهتمام والعاطفة الاسرية حتى يشعر الانسان بالقبول والأهمية وانه يجتاز مرحلة المراهقة بسلام دون القلق والشعور بالرفض.
وأوضحت ان مرحلة الشباب هي مرحلة من الطاقة والقدرات ويحتاج الشخص لأن يفرغ طاقاته ويستفيد من مواهبه، فالانسان مجموعة من الحاجات الانسانية التى يجب أن تشبع سواء حاجته للتقدير والاهتمام أو حاجاته الاجتماعية وتحقيق الذات.
وبالنظر لفترة السنتين اللتين عشنا فيهما جائحة «كورونا» تقريبا، ومراحل الحظر واغلاق المدارس والجامعات والنوادي فإن الحرمان من ممارسة الشباب لانشطتهم وتطوير قدراتهم الى جانب المشاكل الاسرية وحالات الطلاق وغيرها كلها دوافع وظروف تزيد من القلق والتوتر وفقدان السيطرة على ردود الافعال.
مواجهة الظاهرة
وعن المقترحات لمواجهة هذه الظاهرة، قالت د.القبندي إن ذلك يكون بمواجهة الاسباب، فالشباب طاقة المجتمع وقوة بنائه، لذلك يجب وضع الخطط المجتمعية للاستفادة من قدراتهم، فوزارة التربية معنية بتربية الشباب وتنمية مهاراتهم واكسابهم مختلف المهارات والانشطة والحرف والرياضة ومختلف النجاحات ليشعر الشاب بذاته وينشغل بما هو مفيد،
وزارة الاعلام ببرامجها الاعلامية التوعوية وتبني قضاياهم، وايضا الاسرة التي تدرك أهمية ان العائلة هي سور الامان لحماية النشء، واخيرا القوانين المفعلة وادارة التقويم الاجتماعي للسلوك المنحرف ليعود المنحرف الى الطريق الصحيح وتعديل سلوكه.
زيادة حالات العنف
بدوره، بين مدير ادارة رعاية الأحداث د.جاسم الكندري ان ظاهرة العنف من الظواهر السلبية المنتشرة في المجتمع وهي منتشرة في كافة مجتمعات العالم وليس في المجتمع الكويتي فقط.
وأشار د.الكندري الى ان ادارة الأحداث لديها خطة وقائية تعمل بموجبها مع الأحداث المعرضين للانحراف قبل الجائحة، فقد كنا نتواصل مع الأحداث المعرضين للانحراف عبر المدارس ونظرا لجائحة «كورونا» وإيقاف التدريس في المدارس، وتم تكليف الجهاز الفني بمتابعة ورصد مشاكل الأحداث ومنها العنف من اجل وضع خطة علاجية ووقائية من حملات إعلامية توعوية لقاءات تلفزيونية والصحافة وإعداد بروشورات توعوية لتقديم النصائح والإرشاد للأبناء الأحداث.
خبراء ومختصون
وبين د.الكندري ان لجنة رعاية الأحداث تختص بقضايا الأحداث المعرضين للانحراف وتضم مجموعة من الجهات المختلفة في الدولة منها الى جانب وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة الصحة ووزارة التربية ادارة حماية الأحداث في وزارة الداخلية لمتابعة بعض القضايا والظواهر المستجدة في المجتمع الكويتي، وهي تركز حاليا على انتشار ظاهرة العنف في المجتمع وتدرس هذه الظاهرة وتستعين ببعض الخبراء والمختصين لأجل مكافحة الظواهر السلبية في المجتمع الكويتي، وهو ما تركز عليه اللجنة في عملها خلال المرحلة الحالية.
وأوضح ان صورة العنف متنوعة بين المشاجرات والضرب المؤدي الى الموت والضرب والخطف والقتل وكلها ضمن صور العنف في المجتمع، مشيرا إلى أنه لدى الادارة 75 نزيلا مودعين في دور رعاية الأحداث منهم فتيان وفتيات وتختلف الجرائم المنسوبة إليهم بين السرقة والقتل وهتك العرض ومختلف أشكال العنف والمشاجرات والضرب والخطف، وهم من مختلف الجنسيات كويتيون وغير محددي الجنسية ووافدون.
محاضرات وندوات
وأكد د.الكندري ان الادارة تركز عملها على الأحداث المعرضين للانحراف عبر إقامة محاضرات وندوات في بعض الدور الإيوائية للأحداث المعرضين للانحراف (دور الضيافة الاجتماعية)، ونشدد على تثقيف النزلاء في هذه الدور ونعمل على تقوية العلاقة بين الحدث والاسرة، كما نعمل عن الاستعاضة عن التوعية في المدارس نتيجة إقفالها الى الوصول الى اكبر عدد من الشباب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتقديم النصح والإرشاد عبر كافة الوسائل الإعلامية المتاحة.
الأحداث و«كورونا»
وعن تأثير جائحة «كورونا» في زيادة انتشار العنف رأى د.الكندري أنه بالنسبة للأحداث فقد سجلت زيادة في مظاهر العنف الأسباب كثير منها إيقاف الانشطة والإقفال والحظر في المنزل، كلها عوامل تركت اثارا نفسية وللأسف أدت الى زيادة ملحوظة في أشكال العنف وصوره، الى جانب الأسباب الأخرى من التفكك الأسري، الطلاق، اهمال الاطفال والاحداث داخل الأسرة، غياب الحوار الأسري والأسباب الاقتصادية والنفسية وغيرها من الأسباب.
وقال د.الكندري إن العامل الاسري أساسي في حماية الحدث او انحرافه، بالاضافة الى اصدقاء السوء الذين لهم تأثير كبير بانجرار الأحداث الى الانحراف، وتشير الإحصائيات من مختلف الجهات الى ازدياد الحالات في قضايا الأحداث بمختلف أنواعها والقيادة من دون رخصة تتصدر حالات الأحداث، وتليها مخالفة قانون البيئة من قضايا الأحداث ومنها التدخين بأماكن مغلقة وايضا القضايا المرتبطة بالعنف.
دور الإدارة
وعن دور الادارة في رعاية الأحداث أشار د.الكندري إلى أن من أهم المور التي تقوم بها: توفير الرعاية الشاملة وتعديل سلوك الأحداث المنحرفين والمعرضين للانحراف وفقا لقيم وعادات وتقاليد المجتمع، وبالنسبة للأحداث المودعين بالدور الايوائية العمل على غرس قيم الولاء للوطن والاعتماد على النفس، كما تقوم الادارة بدارسة بعض الظواهر السلبية التي تزداد في المجتمع ومنها ظاهرة العنف، ويتم وضع خطط التوعية للحد منها عبر حملات نشر الوعي بوسائل الاعلام والندوات والتنسيق مع الجهات المختلفة للتعريف بقانون الأحداث، الى جانب الدور التي تتبع لها، والجهاز الفني يقوم بالرعاية الاجتماعية الشاملة والتي تشمل البرامج الاجتماعية والنفسية والصحية التربوية والتعليمية، وايضا لدينا برامج دينية وثقافية، وهناك تنسيق مع الهيئات والمؤسسات بالدولة (التربية، الصحة، نيابة الأحداث، محكمة الأحداث).
بدوره، أشار التربوي مبارك الحربي إلى أن ظاهرة العنف قديمة متجددة في جميع المجتمعات وليس في الكويت فحسب، غير أنها تزداد في بعض الظروف والحالات التي تترافق بالضغوط النفسية والاجتماعية، كما حصل مع الإغلاق والحظر المترافق مع جائحة «كورونا» وما صاحبها من ظروف استثنائية.
وأكد الحربي أهمية الدور الذي تقوم به الأسرة أولا من خلال متابعة الأبناء ومعرفة أصدقائهم وميولهم وتربيتهم على التسامح وعدم إيذاء الآخرين مع التأكيد على الثوابت الدينية والأخلاقية والتربية المجتمعية السليمة بعيدا عن العصبية وإثارة الأمور المستفزة للآخرين.
وأوضح الحربي أن محاربة العنف تتطلب جهودا حكومية ومجتمعية متكاملة أساسها التوعية والإرشاد وأن يقوم كل بدوره المنشود، والوقوف على الأسباب أولا وعلاجها قبل أن تستفحل وتصل إلى ذروة لا يمكن بعدها الا استخدام أصعب الحلول على الشاب والأسرة والدولة.
إحصائيات متزايدة
قال د.جاسم الكندري: للأسف فإن جرائم العنف بأنواعها وفق الإحصائيات الرسمية في ازدياد منذ بداية العام الحالي وهي جرائم عند الأحداث، وهناك ما يقارب 175 حالة عنف بمختلف صورها وأنواعها في النصف الاول من العام الحالي أكثرها الضرب والمشاجرات 159، الشروع بالقتل 5، جرائم القتل 4، الخطف والحجز 5.
دور الأسرة والحكومة
على الاسرة الاهتمام بأبنائها وتوفير كل ما يساهم بملء وقت فراغهم بالأنشطة او متابعة برامج مفيدة، وبعد فتح المدارس بإذن الله تقع المسؤولية على جميع مؤسسات الدولة، والمطلوب أن تتضافر كل الجهود في جميع جهات ومؤسسات الدولة من اجل مواجهة هذه الظاهرة.
رسالة للأهل والأسرة
أكد د.جاسم الكندري أن الابناء هم ثمرة الحياة علينا الاهتمام بهم ورعايتهم ومراقبة سلوكهم وتقديم النصح والارشاد لهم والحوار معهم، وديننا الحنيف أوجد الاهتمام وحسن تربيتهم على الوالدين تربية ابنائهم على الخلق والقيم الفاضلة».