الشاعرة السعودية “المحرومة”: المرأة عندنا تختلف عن نساء العالم
القاهرة – النخبة:
كثيرون يكتبون الشعر والقصة والرواية، كل منهم يمثل مدرسة في الكتابة لها عشاقها، لكن ما يجعلك تتوقف طويلاً أن تستمع إلى الشعر في مناسبة عامة من شاعرة ترتدي الحجاب الكامل، جاءت من بيئة أكثر ما يتردد عنها أنها شديدة الخصوصية.
حيث العقيدة والتقاليد والعادات القبلية، لذا كانت مفاجأة للكثيرين القرارات التي اتخذتها الحكومة السعودية فيما يخص قيادة المرأة للسيارة ومشاهدة المباريات والسينما والمسرح.
وفي لقاء أجرته “سبوتنك” الروسية مع الشاعرة السعودية الملقبة بـ “المحرومة”، ناقشت معها تجربتها الشعرية وحال المرأة السعودية ومستقبلها خلال المرحلة القادمة.
إلى نص الحوار:
بداية ما هى قصة لقب “المحرومة” وهل هو اسمك الحقيقي؟
أنا اسمي “حياة” والحياة عكس الحرمان، والمحرومة هو لقب اتخذته لنفسي منذ عام 1425 هجرية الموافق لعام 2004 ميلادي أي منذ 14 سنة تقريباً، منذ هذا العام بدأت الطباعة والكتابة وأخذت هذا اللقب من وزارة الإعلام.
ولماذا اخترتي “المحرومة”، وهل لهذا الاختيار دلالت أو مواقف معينة بالنسبة لك كامرأة سعودية؟
هذا اللقب بعيداً عن كل الحرمان الذي تعنية الكلمة بالنسبة للبعض، إنما كان قدوتي وشاعرى والإنسان الذي أحب أن استمع له كثيراً هو الشاعر المحروم عبد الله الفيصل، فأخذت هذا اللقب منه، فكان هو المحروم وأنا المحرومة، فالحرمان المقصود قد يكون معنويا وليس ماديا.
ألم تكن هناك معاناه ولدت الشعور بالحرمان في بيئة محافظة كالسعودية؟
لكل كلمة معاناة ولكل معاناة قصة، وبعيداً عن كل القصص فأنا أحب هذا اللقب جداً وأعتز به، وقد سألت كثيراً عن هذا اللقب ولكنني لم أواجه أي مشاكل بسببه، ومن كثرة الأسئلة كتبت قصيدة حول الاسم وسميتها المحرومة وقلت فيها: “حرماني حرمان الشمس أن تضىء كيف تشاء”.
نشأت المحرومة في نجران جنوبي المملكة العربية السعودية.. فهل أثرت تلك البيئة في كتاباتك؟
“جيزان” التي نشأت بها متنوعة وتشمل كل البيئات “البحرية والجبلية والسهول” وهى واسعة جداً والمرأة في جيزان تختلف عن نساء العالم جميعاً، فهى شاعرة وأديبة وغنائية وفي البيت سيدة منزل متكاملة، أعتقد أن المرأة في جيزان هى الأنثى الكاملة، وتختلف عن نساء العالم جميعاً، ميولها متشعبة في كل الجهات وليست في جهة واحدة.
ما هى المقومات التي ساعدت المرأة في جيزان على هذا التميز؟
قد يكون للبحر أكبر دور، وقد تكون الأعشاب الموجودة في المنطقة الجبلية لها دور، فتجد المرأة متذوقة جيدة جداً في هذا المجال، ومن لم تقول الشعر في جيزان فهى متذوقة له.
ربما تكون المرأة في جيزان شاعرة وغنائية وأديبة ولكن في إطار المنزل فهل المحرومة هى أول من خرجت بالشعر النسائي بعيداً عن المحلية؟
أنا جئت إلى القاهرة مباشرة من جنوب المملكة لإلقاء الشعر في فعاليات الجناح السعودي بمعرض الكتاب، وقد حملت في جعبتي الكثير والكثير عن “جيزان”، التي أعشقها وأعشق المرأة الجيزانية بشكل عام، لأني أراها امرأة مكافحة تحفر في الصخر كي تصل إلى ما تريد، وقد جمعت في الكتاب معي 5 شاعرات، ولم أكن أنا الوحيدة التي أكتب، ما كان هنالك خمس أديبات في كتاب واحد، وكان المفترض أن هناك أكثر من ثمان ولكن البعض منهن اعتذروا لظروف خارجة عن إرادتها، وأعدكم أن شجر الجنوب سيأتي بشاعرات وأديبات أكثر.
وأين تلقي النساء الشعر في جيزان؟
النادي الأدبي في جيزان به أكثر من عشر شاعرات، ويقمن بإلقاء الشعر والمشاركة في المناسبات العامة داخل جيزان وخارجها، في الشرقية وفي الشمال وفي الرياض وفي كل مناطق المملكة لهن مشاركات.
هل كان للقرارات الحكومية الأخيرة المتعلقة بالمرأة السعودية، دور في تشجيعك للسفر خارج المملكة وعرض تجربتك الشعرية؟
بالنسبة لي، فهذه ليست المرة الأولي التي ألقي الشعر بها خارج المملكة، فقد سبق وشاركت منذ 7 سنوات في معرض الكتاب الدولي في بيروت، ولا أقف بجانب من يقول أن المرأة السعودية منتقصة الحقوق أو أنها محبوسة، فمن فترة طويلة وأنا أرى المرأة السعودية تخرج وتذهب وتشارك، فليست هناك أي قيود مفروضة على المرأة السعودية، فهم يرون أن حجابها “قيد” وأنا جئتكم بحجابي، ولكم أن تفسروها كما تشاؤون.
إذاً لماذا ثارت الدنيا عندما أعلنت المملكة رسمياً عن بعض القرارات التي تقولين أنكن تقمن بها منذ زمن؟
منذ القريب ونحن نسمعهم يتحدثون عن المرأة في السعودية وكأنها كم مهمل، وليس لديها حقوق، والحقيقة عكس ما يقولون، فالمرأة كانت ومازالت حرة، تذهب وتشارك وتسافر وتشترك في معظم المناسبات والمحافل، وقيادتها للسيارة ما هى إلا زيادة خير نتيجة المجالات الجديدة التي فتحت أمام المرأة، والحكومة في المملكة دعمت المرأة بشكل كبير في الآونه الأخيرة ومن البداية ولكنها صارت مكثفة في الآونة الأخيرة.
ما الهدف إذاً من تلك الدعايات حول حقوق المرأة؟
رؤيتهم قاصرة في أن حجاب المرأة هو العائق أمامها ويمنعها من الإبداع، وأنا لا أرى أى رابط بين حجاب المرأة وإبداعها وانطلاقها أمام العالم، وأنا عن نفسي أعتز بحجابي ولم يمنعني من أن أبدع وأشارك وأثبت حضوري في أي محفل أتواجد به.
لما لم تحصل المرأة السعودية على حقها الإعلامي لكي يرى العالم نماذج مختلفة للمرأة السعودية؟
المرأة السعودية لم يهضم حقها إعلامياً، لكن نحن مجتمع لنا تقاليد وعادات وموروث ثقافي خاص بالمرأة، له حقوقه وسريته وعالمه الخاص، وهذا لا يعني عجزها عن آداء واجباتها أو المطالبة بحقوقها، والمرأة السعودية مبدعة في كل المجالات.
هل هناك قهر وتسلط أسري ضد المرأة؟
لا أرى أن هناك قهر أو تسلط، فعندما أردت السفر، أبي هو من قام بحجز تذاكر السفر لي، ويرافقني أخي، فالأسرة هى الداعمة الأولى بالنسبة لي ولم تكن عائق أمامي، ولا أستطيع أن أنكر أن هناك عوائل ترى أنه، من باب الدين والحياء، اختلاط المرأة بالرجال شىء منهي عنه، وهذا جانب من جوانب الأسر، ومن وجهه نظري هذا حرص زائد من جانب الأسر وليس خوف، هم يريدون المرأة أن تكون كالدرة المصونة.
هل الكثير من النساء يتفقن معك في تلك الآراء؟
البيئة التي أعيش فيها مؤيدة لكل كلامي وهذا ما لمسته بنفسي، فالحديث والنقاش مع الغير إذا كان لا يخدش الحياء ولا يأتيها في مكامن دينها، فتأكد أن المرأة السعودية ستكون موجودة في كل مكان، فالمرأة السعودية موجودة اليوم كطبيبة وصيدلانية في المستشفيات العامة والخاصة، وأستطيع القول بأننا متفائلون جداً بأوضاعنا الحالية وبما سيأتي في المستقبل.
عودة إلى الشعر.. تأثرت برصانة الشعر العربي هل يمكن أن تتحولي للكتابة باللون العامي؟
هذه ميول شخصية، البعض يعجب بالشعر الفصيح، وآخرون بالشعر العمودي أو النثري، فقد تجد من هى في جيزان وتعجب بالشعر غير المقفى، ومنهن من تلتزم بالقصيدة الجاهلية المقفاه.
ما مدى تأثرك بالشعر الجاهلي؟
طبيعي تأثرت، فأنا تخصص لغة عربية ودرست الشعر الجاهلي وصدر الإسلام والأموي والعباسي والأندلسي، وأعشق الشعر الأندلسي، نظراً لما تمتع به من انفتاحات وغزل عفيف، فالشعر الأندلسي هو أول من تغزل في البيئة، وأرى أنه كلما زاد الشاعر في القراءة واطلع كلما أبدع في الكتابة.
هل تفكري في التنقل بين الشعر والرواية؟
كتبت خمس قصص وموجوده في كتابي”تحت الرماء حب”، فالرواية أو القصة تكون متنفس للشاعر وليس هروباً من الشعر، فليس كل شاعر كاتب قصة، ولكن بعض الشعراء يكون له لون مختلف في الرواية عن الشعر، فكل لون من ألوان الأدب يخرج لون معين من الأحاسيس.
في النهاية ماهى رسالتك للمرأة السعودية؟
المرأة السعودية امرأة كاملة قوية صامدة مجابهة، محاربة تستطيع الوصول لما تريده بأي مكان وبأي طريقة، طالما لا يمس شريعتها أو دينها أو حجابها أو حتى إلتزاماتها الشخصية، أتوقع أن المرأة السعودية خلال السنوات القادمة ستحلق بعيداً وستعلن عن نفسها في كل المحافل.
أجرى الحوار: أحمد عبد الوهاب