تصنيف الكويت الائتماني السيادي و «الدين العام» – بقلم : حماد مشعان النومسي
تطالعنا الأخبار دائما بتخفيض وكالة «ستاندرد آند بورز» المتكرر للتصنيف الائتماني السيادي للكويت، وكذلك فعلت عدة وكالات متخصصة أخرى بتفاصيل مشابهة، بسبب افتقار الكويت إلى إستراتيجية تمويل شاملة، بالإضافة إلى النظرة المستقبلية التي تتأرجح بين السلبية وغير المستقرة، وهو أمر غير مفاجئ للمختصين بوضع الاقتصاد الكويتي.
ويضاف لهذا أن جائحة «كورونا» فضحت حكومة الكويت، في عدم مسؤوليتها الاقتصادية وتركها لأصحاب الأعمال يواجهون مصائرهم دون توفير حماية لهم ودون أي أثر للأمن الاقتصادي، وبلا خارطة طريق حقيقية لتجاوز الأزمة.
والحكومة ورهطها لا حلول لديهم سوى اللجوء المعتاد لجيب المواطن أو السحب من الاحتياطي العام مما سيوصلنا إلى استنفاد السيولة النقدية فيه قبل تواريخ استحقاقات السندات الدولية وهو ما سيوصلنا لمرحلة نصبح بها غير مبالين بخفض التصنيف السيادي.
***
وهذا الوضع الاقتصادي السيئ يقع ضمن مسؤولية الحكومة والمجلس معا بسبب التقاعس وسوء الإدارة، ما أوصلنا إلى درجة أن الوكالات الائتمانية أعربت عن مخاوفها، من أن الأموال الواردة لخزينة الدولة من الدين العام (المقترح) ستنفذ خلال 3 سنوات، إذا استمر العجز حتى عام 2024 دون اتخاذ إجراءات إصلاحية هيكلية للاقتصاد، وهذا يضاف لعجز الحكومة عن إيجاد حل مستدام طويل الأمد بشأن الاحتياجات التمويلية.
***
ومن يدعي أن خفض التصنيف الائتماني السيادي للكويت بسبب عوامل خارجية وخارجة عن الإرادة لا تستطيع الحكومة التحكم فيها، كانخفاض أسعار البترول أو تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي يرد عليه رفع الكثير من الوكالات ومنها وكالة (فيتش) لتصنيفات بعض الدول.
***
الغريب في الأمر أن الحكومة لديها توصيات ومقترحات قدمتها جهات دولية ومحلية بالاضافة لتوصيات ومقترحات المجلس الأعلى للتخطيط، ولم تأخذ بها.
الأخطر من ذلك أن التصنيف الائتماني يترتب عليه بعض الأمور منها:
ارتفاع الفائدة على القروض السيادية، بنفس الوقت الذي تسعى الحكومة لإقرار قانون الدين العام لكي تقترض من المؤسسات المالية وللمصرفية، ويترتب عليه أيضا ضعف فرص الاستثمارات الأجنبية التي هي بالأساس ضعيفة جدا، وكذلك خفض تصنيفات المؤسسات المصرفية والمالية المحلية مما يرفع عليها التكاليف والأعباء.
***
رغم هذا الخفض للتصنيف الائتماني للكويت، والتحول إلى النظرة المستقبلية السلبية، واحتمالات اتخاذ قرارات خفض أخرى مستقبلا لم يصدر عن الحكومة أي إجراءات إصلاحية أو اقتصادية، بل إن ردات فعلها ليست على مستوى الحدث، وانحصرت كما أسلفت في محاولة اللجوء للدين العام أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة.
دون أن تقدم تصورا اقتصاديا شاملا يحدد الاختلالات الاقتصادية الرئيسية، ومن ثم علاجها، لاسيما تنامي المصروفات العامة، مقابل انخفاض أسعار البترول وتراجع قدرة الحكومة على تلبية طلبات العمل.
***
لاشك أن خفض التصنيف الائتماني له تداعيات قد تكون مدمرة ما لم نتدارك الأمر، لذلك من مسؤوليتنا جميعا إيجاد حلول إصلاحية تنطلق من منظومة اقتصادية متكاملة وحقيقية نتخطى بها عقود من الضياع الاقتصادي الذي انتج لنا كانتونات وهمية وريعية تعتمد على الدولة في كل شيء ولا تقدم لها أي شيء، ويجب تجاوز الخطاب الاقتصادي الإنشائي وإنشاء اقتصاد وطني حقيقي ومنتج.
***
ختاماً.. العقبات التي تواجهها الكويت لحل تحدياتها التمويلية هي في ظاهرها عقبات سياسية، وفي باطنها صراع «نهبوي» مبرمج لأقطاب ومتنفذين.