تصريحات صادمة للبروفيسور نيل باتريك عن الكويت: عصر الرفاه انتهى
الكويت – النخبة:
دعا البروفيسور في جامعة لندن للدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، نيل باتريك، الذي يزور البلاد بدعوة رسمية من المجلس الأعلى للتخطيط، حيث ألقى محاضرة حول إصلاح سوق العمل في دول مجلس التعاون الخليجي، تبعته حلقة نقاشية حول الموضوع، دعا حكومات دول الخليج الى التحلي بالشجاعة لمصارحة شعوبها حول المصاعب الاقتصادية والمالية التي تمر بها، وبأن عصر الرفاه قد انتهى.
وبحسب صحيفة “القبس” حذّر باتريك من أن ترشيد الانفاق في الكويت وبقية دول الخليج أصبح ضرورة وليس خيارا، وأن مكافحة الفساد يجب أن تكون الخطوة الأولى من أجل الإصلاح ومن أجل اقناع الرأي العام بأي خطوات قاسية في هذا الإطار مثل فرض الضرائب والرسوم. وأشار الى أهمية إصلاح سوق العمل في الخليج وإحلال العمالة الوطنية بدل العمالة الوافدة استعدادا لدخول ملايين الخريجين الى هذه السوق خلال السنوات القليلة المقبلة. ونصح بالتركيز على برامج التدريب والتأهيل والتوعية بضرورة قبول أي وظيفة دون الشعور بالخجل منها.
وفي ما يلي نص الحوار:
- ما تقييمك لخطة التنمية في الكويت؟ وهل يمكن حصرها بالمشاريع الإنشائية أم لها جوانب أخرى؟
ــــ المشاريع الإنشائية وحدها لا تكفي ولا بد من أن يرافقها استثمار في رأس المال البشري وخلق توازن في سوق العمل بين القطاعين العام والخاص، مع مراعاة احتياجات الطبقة العاملة الوسطى. وأظن أن ذلك لا يسير في الاتجاه الصحيح.
- كيف تنظرون للتحديات السياسية وأثرها في إحداث هذا التوازن في الكويت خصوصا، والخليج العربي عموما؟
ــــ ينبغي على الحكومات مخاطبة الرأي العام بشفافية حول الوضع الاقتصادي والمالي لهذه الدول، وأن تصارح شعوبها بأن مرحلة الرفاه توشك على نهايتها، في ظل انهيار أسعار النفط الذي يشكل مصدر الدخل الرئيسي لمعظم دول الخليج. لكن المشكلة ان الرأي العام ومجلس الأمة لا يتقبلان الاصلاحات ذات الكلفة العالية، والمثل الأجنبي يقول ان «الديك الرومي لا يصوّت لمصلحة عيد الشُكر»! والحكومة تتذرع بمعارضة البرلمان، إذا لم تكن راغبة في اتخاذ قرارات صعبة.
ضمانات اجتماعية
- هل ترى شراكة بين القطاعين العام والخاص في الكويت؟
ــــ لا بد أن تكون ثمة شراكة حقيقية بين القطاعين تصاحبها اجراءات تنظيمية توفر ضمانات اجتماعية للعمالة الوطنية وخلق روح المسؤولية لنجاح الشراكة في خطط التنمية المنشودة، لكن لا بد من الانتباه الى ان القطاع الخاص في الكويت «ليس خاصًا تمامًا»!.
- هل ترى فرقاً بين الكويت وبقية دول الخليج من حيث مشاريع التنمية والتحديات الاقتصادية؟
ــــ الكويت تختلف عن جيرانها من حيث طبيعة النظام السياسي، فهي تتمتع بدرجة من الديموقراطية ولديها دستور وبرلمان يقوم بدوره التشريعي والرقابي.
وتقوم الحكومة في الكويت بشرح التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد لمجلس الأمة والتأكيد على جديتها في معالجة آثار انخفاض عوائد النفط والاتجاه نحو ترشيد الانفاق مع كسب التأييد الشعبي لذلك، من خلال التأكيد على أن هذه الخطط لا تستهدف دخل المواطن.
متطلبات الإصلاح
- هل يمكن أن يكون للقطاع الخاص دور لحل مشكلة الإسكان، كما حدث في تجربة بريطانيا، حين أشركت القطاع الخاص في بناء مساكن حكومية مقابل منح الحكومة الفرصة له في تطوير مشاريع أخرى؟
ــــ هناك اختلاف كبير بين الكويت وبريطانيا من حيث النظام السياسي والمساحة والسكان، لكن يمكن للقطاع الخاص هناك، المشاركة في وضع الحلول للمشكلة الإسكانية من خلال إطار قاوني يضمن حقوق الأطراف المختلفة.
- ما أهم المتطلبات الملّحة للإصلاح في الكويت؟
ــــ لا بد من تصحيح مسار العمل الاقتصادي والتنموي، بما في ذلك معالجة الفساد الإداري والمالي من أجل خلق قناعة لدى المواطن أن الحكومة جادة في الإصلاح، ويجب إشراك البرلمان في الخطوات الحكومية لكي يشعر المواطن أنه شريك حقيقي في الإصلاح.
فرصة ذهبية
- هل تتفق مع تقرير البنك الدولي بشأن إعادة بناء الكويت بعد التحرير (من الاحتلال العراقي)، الذي ذهب إلى أن الكويت أضاعت فرصة ذهبية لبدء الإعمار على أسس سليمة؟
ــــ لم تكن لدى الحكومة الكويتية أي خطة إستراتيجية للتنمية بعد التحرير، وأنا أتفق مع التقرير بأن الكويت كان يجب عليها أن تستثمر تلك الفرصة، التي سنحت بعد التحرير مباشرة، خصوصاً أن المواطن كان أكثر تقبلاً لفكرة الإصلاح. وفي تقديري أن التنمية ليست فقط مشاريع إنشائية، إنما أيضاً استثمار في العنصر البشري وإصلاح نظام التعليم والخدمات الصحية.
ضرائب ورسوم
- ما رأيك في خطط فرض الضرائب والرسوم؟
ــــ هناك فارق كبير بين الدول الغربية، التي تقوم على أساس «الضريبة مقابل التمثيل»، ودول الخليج، ومع ذلك، يمكن استثمار هامش الديموقراطية في الكويت لتحقيق إصلاحات جذرية.
- كيف تقنع الحكومة المواطنين بأهمية الإصلاح الاقتصادي؟
ــــ يجب على الحكومة القيام بحملة توعية لإقناع المواطنين بالعمل في أي موقع، وفي أي مهنة من دون الشعور بالخجل من هذه المهنة أو تلك. وفي خطٍ مموازٍ، يجب على الحكومة توفير التعليم المهني المناسب والتدريب لقوة العمل المحلية لملء الفراغات الناتجة عن الاستغناء عن العمالة الوافدة.
تأمين الوظائف
- ما المشكلة الأكبر المتوقع أن يواجهها سوق العمل في دول الخليج مستقبلاً؟
ــــ المشكلة الأكبر هي تأمين الوظائف للملايين من الخريجين الشباب، والأعداد الكبيرة من الخريجين، الذين لا يتلقون التدريب المناسب، ولا يلبون احتياجات السوق.
- ما الحلول المقترحة لإصلاح سوق العمل الخليجية؟
ــــ تبني خطة التنمية مع وزارات الدولة المعنية، كوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ووزارة الداخلية و«المالية» و«التخطيط» و«التجارة»، وبالتعاون مع القطاع الخاص للتعاطي مع مشكلات هذا القطاع.
تغيير خطط وزارة العمل القائمة على نظام «الكوتا»، وإلغاء نظام الكفيل، وخلق سوق عمل حرة وذات كادر وظيفي وتدريبي إلزامي.
تعريف مختصر
البروفيسور نيل باتريك حائز على شهادة الدكتوراه من جامعة لندن للدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، حيث إن موضوع رسالته هو «السياسة الخارجية لدولة الكويت (1977/1961) ـ أيديولوجية عدم الانحياز والسعي نحو الأمن».