لماذا يضعك إقراض المال للأصدقاء والأقارب في مأزق حقيقي؟
عندما يأتي بعض الأصدقاء أو أفراد العائلة لاقتراض النقود، يمكن أن تحدث أشياء غريبة بسرعة، فما سبب ذلك؟
مر معظمنا بتجربة إقراض المال لبعض أحبائنا، سواء كان ذلك في صورة كتابة شيك لأحد أفراد الأسرة الذي تأخر في دفع الإيجار أو منح صديق مبلغا من المال، على الرغم من أن ذلك قد يكون غير مريح بشكل كبير.
ويكون هذا هو الحال بشكل خاص إذا كان هذا الشخص نفسه قد استفزك لدفع المال لمالك العقار لأشهر متتالية، أو لا يبدو مهتمًا على الإطلاق بإعادة الأموال التي اقترضها منك بعد أن ساعدته في الخروج من المأزق الذي كان يعاني منه.
ومع ذلك، يلجأ العديد من الأشخاص إلى الأصدقاء والعائلة لاقتراض أموال إضافية، خاصة خلال الأوقات الصعبة.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في عام 2019 أنه عندما يواجه الشخص مصروفات افتراضية قدرها 400 دولار لا يكون قادرا على تغطيتها على الفور، فإن النهج الثاني الأكثر شيوعًا هو اللجوء للاقتراض من صديق أو أحد أفراد الأسرة (وضع الرسوم على بطاقة الائتمان كان هو الخيار الأول).
وأثناء الوباء، قد يتجه الناس بشكل خاص إلى المقربين الموثوق بهم للحصول على المساعدة.
ومع ذلك، ليس هناك شك في أن إدخال الأموال في العلاقة بين الأشخاص يمكن أن يجعل الأمور غريبة بعض الشيء. نحن بشكل عام قريبون للغاية من الأشخاص الذين نقرضهم، لكن خبراء يقولون إن إقراض المال يتعارض مع المحرمات المجتمعية حول مناقشة الأمور المالية، ويؤدي إلى اختلال التوازن في هذه العلاقة الوثيقة.
ويمكن أن يؤدي هذا إلى أن يشعر كلا الطرفين بمشاعر معقدة، مثل الخزي والإحراج والغضب.
قد يكون الخروج من هذا النوع من المواقف صعبا، لكن يمكن تجنب الكثير من الانزعاج الذي يصاحب مساعدة صديق للخروج من أزمته، من خلال التواصل الواضح وتحديد التوقعات والإطار الزمني لرد الأموال.
تقول ماغي بيكر، عالمة نفس ومتخصصة في معالجة الأمور المالية ومقيمة بولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة، إن الناس يتحدثون كثيرًا عن المال، لكننا لا نسأل بعضنا بعضا عن أوضاعنا المالية بالتفصيل. وتضيف “هناك شكل من أشكال التعتيم حول موضوع المال بأكمله، وما تملكه وما لا تملكه”.
ويقول جي مايكل كولينز، مدير مركز الأمن المالي في جامعة ويسكونسن بالولايات المتحدة، إن المال بالفعل من الموضوعات التي لا ينبغي الحديث عنها ويُنظر إليها على أنها من المحرمات، وهو الأمر الذي يجعل العلاقات معقدة وغامضة.
ويضيف: “إذا ذهبت إلى أحد البنوك وحصلت على قرض، فسيعرف مسؤولو البنك ما إذا كان بإمكاني سداد القرض أم لا. وسوف أوقع على عقد، وسيقول هذا العقد إنه إذا فشلت في الدفع، فسيحدث شيء ما: سيحجزون على راتبي، أو يستعيدون سيارتي. لكننا لا نفعل أي شيء من هذا القبيل عندما نقرض المال لأحد الأقارب أو الأصدقاء”.
هذه “الطبيعة الفضفاضة” للاتفاق، فضلاً عن “الافتقار إلى القدرة على المتابعة أو المساءلة هي التي تجعل الناس يشعرون بالقلق حقًا”.
كما أن إقراض المال لشخص ما يعني أن شكل العلاقة بالكامل يتغير. تقول بيكر: “إذا أقرضت شخصًا ما، فسيكون مدينًا لك سواء رد إليك المال أم لا – ثم ستصبح فجأة أنت الطرف الأقوى في العلاقة”.
ويؤدي هذا إلى تغيير دورك في العلاقة. يقول براد كلونتز، عالم النفس المالي والأستاذ المساعد في جامعة كريتون في نبراسكا بالولايات المتحدة: “لم تعد مجرد صديق أو فرد من أفراد العائلة، لكنك تحولت فجأة إلى مسؤول قروض”.
وهناك أيضًا درجة عالية من الشك وعدم اليقين بالنسبة للمُقرض، لأنه بغض النظر عن مدى قربك من الشخص الذي تقرضه، فقد لا يكون لديك أي فكرة عن كيفية تعامله مع الأمور المالية. في الواقع، يقول خبراء إن معظم القروض لا تُرد مرة أخرى. تقول بيكر إنه في تسع مرات من أصل 10 لا يرد الشخص القرض الذي حصل عليه من صديقه!
ويتفق كلونتز مع هذا الأمر، قائلا: “يتعين عليك أن تكون متقبلا من الأساس وبنسبة 100 في المئة أنه قد لا يمكن استردادك للمبلغ الذي أقرضته”.
وغالبًا ما سيعطي الشخص الذي يطلب منك القرض أولوية لدفع جميع فواتيره ونفقاته الأخرى أولا قبل التفكير في رد المبلغ الذي حصل عليه منك. وحتى في هذه الحالة، سيفترض هذا الشخص أنك مرتاح ماليًا لدرجة أنك لا تهتم بما إذا كنت ستستعيد أموالك أم لا!
يقول كلونتز: “ما يحدث عادة هو أن الشخص الذي اقترض منك بعض الأموال سيبدأ في تجنبك، ثم تبدأ أنت في الشعور بالاستياء. سوف تشعر وكأنك تتعرض للاستغلال، وستشعر أن شخصًا ما لا يحترم حدودك أو لا يحترمك أنت شخصيا”.
ويضيف: “إنها لحظة حرجة للغاية، لأنك إذا أقرضتهم المال، فقد يؤدي ذلك إلى تدمير العلاقة، وإذا لم تقرضهم فقد يؤدي ذلك إلى تدمير العلاقة أيضا، لأنهم قد يشعرون بالاستياء منك لأنك لم تساعدهم في تلك الأوقات الصعبة وفي اللحظة التي يحتاجونك فيها”.
ويتفق الخبراء على أنه إذا وُضعت في هذا الموقف دون أن تضع خطة واضحة لاسترداد أموالك، فمن المحتمل أن يأتي ذلك بنتائج عكسية. يقول كلونتز: “إنها وصفة للشعور بالاستياء”.
بطبيعة الحال، فإن دفع المقابل المادي لوجبة عشاء أو فاتورة مشروبات لصديقك أثناء خروجك معه يختلف تماما عن إقراض شخص ما مبلغًا محددًا من المال. لكن الخبراء يقولون إن إقراض المال للأصدقاء يصبح مشكلة عندما يتكرر أكثر من مرة، وعندما يتوقع منك الصديق أن تستمر في دفع فواتيره.
يقول كولينز: “هذه هي اللحظة التي يجب أن تكون فيها واضحا تماما، وأن تقول له إنك سعيد بالخروج معه لكنك لن تدفع ثمن العشاء الخاص به هذه المرة. يتعين عليك أن تلتزم بهذا النوع من الشفافية مسبقا مع الناس”.
أما إذا طُلب منك إقراض شخص ما مبلغا كبيرا، فإن “القاعدة الأولى هي أن تمنح نفسك وقتًا للتفكير في الأمر”، كما يقول بيكر، إذ يتعين عليك أن تستشير شريكك في الحياة أو أفراد أسرتك أو أي شخص آخر يشاركك قراراتك المالية.
يقول كولينز إنه حتى إذا لم يكن لديك عقد مكتوب، فيتعين عليك أن تضع خطة سداد بمواعيد نهائية محددة. فإذا أقرضت شخصا ما نصف قيمة إيجاره – 500 دولار على سبيل المثال – فقل له “أعلم أنك تحصل على راتبك يوم 15 في الشهر، فما رأيك أن ترد لي الـ 500 دولار يوم 17 في الشهر؟ أو إذا كنت ترغب في دفع هذا المبلغ على دفعتين بقيمة 250 دولارًا، فيمكنك أن تدفع لي 250 دولارًا يوم 15، و250 دولارًا يوم 30 من الشهر”.
يقول كولينز: “كن دقيقًا للغاية في هذا الأمر”.
تقول بيكر: “قد يبدو هذا قاسيًا لبعض الأشخاص، لكنني سأجعل الشخص الذي يقترض مني يكتب عقدا بذلك”.
وتطالب بيكر الشخص الذي يقرض شخصا آخر بأن يكون محددًا قدر الإمكان، بل ويتعين عليه أن يطرح فكرة تحصيل فائدة على المبلغ الذي أقرضه، حتى ولو لم تكن بنفس قيمة الفائدة التي يحصل عليها البنك.
وتضيف: “امنح هذا الشخص فرصة للتفكير في الأمر مليًا، ومعرفة ما إذا كان يريد حقا أن يقترض منك أم أنه من الأفضل له الذهاب إلى أحد البنوك، فذلك الأمر يجب ألا يكون شخصيا تماما ولن يفسد العلاقة بينكما”.
وبغض النظر عن طريقة الإقراض، يتعين عليك أن تبتعد تماما عن إقراض صديقك الذي له ماض سيء في الأمور المالية.