قبل أكثر من 20 سنة في طريقي لجاخور المرحوم الوالد في «كبد»، كنت أشاهد حارس أحد الجواخير لاحظت عليه عادة يومية غريبة استهجنتها في البداية، حيث يقوم كل يوم في الصباح الباكر بنقل روث البقر، أعزكم الله، الموجود في الجاخور إلى الخارج بجانب الحائط ثم يرميه ويعود في اليوم الثاني ليعمل نفس الشيء ولا يراكمها فوق بعض، بل يفرش الطريق فيه على شكل طولي.
سألت حارس جاخور المرحوم الوالد عن هذا الفعل فرد علي «بابا هذا يطلع فلوس معاش مال هو»، استغربت جوابه كيف يكسب راتبه الشهري من تجفيف روث البقر.
أخيراً شرح لي أن هذه المادة ثمينة ومطلوبة بشدة من المزارع، نظراً لفائدتها في تخصيب التربة، فيتسابق إليه المزارعون كل أسبوع كل واحد منهم يدفع أكثر لهذه المادة الغالية، وتصل مكاسبه منها مبلغا يعادل راتبه الشهري.
وفي السنة الثانية لي في أميركا أتى إلى جامعتي طالب يوناني سنه صغيرة جدا حتى انه لم يبلغ 18 عاما بعد، ولم يكن يعرف أحدا وكانت غرفته في سكن الجامعة بجانب غرفتي، فأصبحنا أصدقاء نأتي ونذهب معا لكافتيريا الجامعة، وكل مرة كان يسأل عمال الكافتيريا عن «فتا تشيز» وكانوا يردون بعدم وجودها ولاحظت إلحاحه عليهم، فسألته ما هي، رد علي إنها جبنة تصنع من حليب الماعز كانت تصنعها لهم والدته في قريتهم «وشكله» كان مدمن عليها.
في عطلة نهاية الأسبوع أخذته في رحلة إلى منهاتن وبحثنا عن مطعم يوناني ووجدنا وجبته المفضلة، لكن اكتشفنا أنها غالية وتعتبر من الوجبات الراقية نظرا لندرتها.
العبرة من هذه القصص فائدة تربية الحيوانات الرعوية كالبقر والغنم والماعز وأيضا الدجاج، وهو أمر لم يكن يخلو منه أي بيت كويتي قبل 50 و60 سنة بحكم وجود (الحوش) الذي اختفى من كل البيوت الحالية.
لذلك أتمنى أن تتعاون هيئة الزراعة وهيئة الإسكان للعمل على عودة تلك العادة الاقتصادية الجميلة في تصميم المناطق السكنية الجديدة ليتم تخصيص جزء من البيت أو حتى في السرداب أو السطح لتربية حيوانات رعوية يستفيد من إنتاجها وخيراتها أهل البيت وتعمل كرافد لميزانيتهم وتعفيهم من شراء منتجات الحليب والأجبان المليئة بالمواد الحافظة من الجمعيات وكذلك لمَ لا يكون لديهم خط إنتاج حتى وإن كان ضئيلا يبيعون الزائد منه في السوق وعلف تلك الحيوانات متوافر في كل بيت وهو مخلفات الخبز والخضراوات.
العملية الهدف منها دعم ميزانية الأسرة الكويتية المنهكة ومتأكد هناك الكثير من الإخوان من لديه تصور أفضل وأذكى لتطبيقها.
٭ نقطة أخيرة: الفكرة السابقة يجب أن تكون بداية مبادرات وأفكار جديدة تعمل على زيادة دخل الأسرة الكويت وهناك الكثير من الناس لديهم أفكار أفضل وأفضل منها فقط يحتاجون إلى الدعوة والمبادرة.
