موسم سحب الدولارات السائلة إلى بنوك الكويت
ويكتسي الإصداران الأخيران أهمية خاصة كون تجميع الأموال هذه المرة لن يكون موجهاً نحو دعم القاعدة الرأسمالية للبنوك، كما درجت العادة المصرفية، منذ بدء تسجيل ظاهرة إصدارات أدوات الدين التي تدخل ضمن الشريحة الأولى الإضافية لرأس المال «Tier 1»، وذلك في إطار وفاء البنك بمتطلبات مقررات (بازل 3) الخاصة بكفاية رأس المال وتعليمات بنك الكويت المركزى الصادرة بهذا الخصوص، حيث جاء هذه المرة لدعم تحسين النسب الرقابية ذات الصلة بتعزيز السيولة طويلة الأجل ونسب السيولة الرقابية، وكذلك تنويع مصادر التمويل لهذه البنوك.
وعموماً، يحظى توجه المصارف الكويتية نحو الصكوك والسندات في الآونة الأخيرة بأهمية كبيرة للقطاع المالي، نظراً لكون هذه الإصدارات أصبحت بمنزلة «الظاهرة»، وعديد من المساهمين يبحث عن أهمية الاستعانة بتلك الأدوات، لكن السؤال الذي يبرز للواجهة: لماذا تلجأ البنوك المحلية لإصدار سندات وصكوك لدعم تحسين النسب الرقابية لديها؟
مصرفياً، هناك أكثر من سبب يحفز البنوك الكويتية، خصوصاً التي لديها خطط توسع طامحة لتعزيز نسب السيولة المصرفية بإصدارات الدخل الثابت، يمكن سردها في الآتي:
1 – وفقاً لبيانات بنك الكويت المركزي، بلغت سحوبات الحكومة من ودائعها في النصف الأول من العام الجاري نحو 1.069 مليار دينار (3.55 مليارات دولار)، ما يشكل 13.64 في المئة من الودائع، فيما سجلت ودائع الحكومة تراجعاً بنحو 398 مليوناً (-5.47 في المئة) على أساس سنوي مقارنة بمستواها في يونيو من العام الماضي.
وتعني هذه الأرقام مصرفياً أن على البنوك التحرك لتعويض السحوبات الحكومية بإصدارات هيكلية كلاسيكية لجهة الاستقرار، وهنا تعاظمت فكرة أدوات الدخل الثابت طويلة الأجل التي تصنف على أنها أكثر استقراراً لطرحها على آجال تصل لـ5 أضعاف أعمار الودائع الحكومية.
2 – بخلاف خصائص السندات والصكوك التي تستخدم لتعزيز رؤوس الأموال وتمزج بين خاصية الأسهم والدين، فإنها تشبه الودائع التي تستخدم في تحسين نسب الرقابية لا سيما الودائع الحكومية المستقرة، الأمر الذي يجعلها بوجهة نظر وكالات التصنيف الائتماني العالمية والجهات التنظيمية المحلية بمنزلة مصدات في سلم الاستحقاق المصرفي تخفف أي ضغوط قد تترتب على أي سحوبات حكومية غير متوقعة.
3 – فائدة التمويل متوسط الأجل الذي يصل لـ5 سنوات وكذلك الذي يزيد على ذلك بعام أو اثنين، لا تزال متدنية والسيولة وفيرة بالسوق، ما يذكي سيناريو السحب، خصوصاً من الدولارات السائلة المعروضة إقليمياً وعالمياً لتعزيز نسب السيولة الرقابية وتمويل خطط التوسع الائتماني.
4 – هناك من يرد على اعتبار الفائدة المتدنية بالقول إنها لن تعوض الودائع الحكومية الأرخص فائدة، وهنا تبرز وجهة النظر المصرفية بأنه إذا كان تسعير السندات والصكوك أعلى من تسعير الودائع الحكومية من حيث الهامش، إلا أن هذه الأدوات تعد الأقل تكلفة إذا تم حسابها على أساس الفترة، حيث يعتمد مقدار الفائدة على أجل الاستحقاق، فأجل الودائع الحكومية كما هو معلوم لا يتجاوز عادة سنة، بخلاف السندات والصكوك محل الحديث الذي تصدر لفترة تصل 6 سنوات، ومن ثم تكون تكلفتها من الناحية المحاسبية متساوية أو أعلى بقليل من فائدة الودائع الحكومية إذا تم قياسها بناء على الأجل.
5 – أدوات الدخل الثابت تعطي استقراراً أبعد في إدارة الأصول والخصوم في ميزانية البنك، ما يجعله بعيداً عن التنافس على الودائع الحكومية، والدخول في حرب أسعار، مثلما حدث في الفترة الأخيرة مع وديعة طرحتها إحدى الجهات الحكومية، بقيمة 50 مليون دينار ولأجل سنة، حيث فاز بها أحد البنوك التي تعمل وفقاً للشريعة الإسلامية بعرض سعر بلغ 2.35 في المئة، وهي أعلى فائدة مُنحت بالكويت في زمن «كورونا» حتى الآن على الأجل نفسه.
6 – تعد هذه الإصدارات مؤشراً جيداً على وجود خطط للتوسع الائتماني مستقبلاً، ويعني ذلك أن رؤية البنوك المستقبلية للفترة المقبلة تعكس الثقة في قوة الاقتصاد الكويتي، والقطاع المصرفي رغم التحديات التي تفرضها جائحة فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي، للدرجة التي استدعت معها تعزيز مستويات السيولة وتدعيم المتطلبات الرقابية تمهيداً للانطلاقة الائتمانية، لا سيما وأن أسعار الفائدة الحالية محفزة لتخزين الأموال.
7 – تزايد التوقعات بخصوص توجه الفيديرالي الأميركي لرفع أسعار الفائدة، سواء في العام الجاري أو المُقبل، يشجع البنوك على التحرك مبكراً بتجميع أموال رخيصة، للاستفادة منها في تمويل عمليات الإقراض القصيرة حالياً، ومنحها في الفترة المقبلة بهامش أعلى إذا تقرر زيادة الفائدة.8 – تحرك البنوك نحو دعم تحسين النسب الرقابية ذات الصلة بتعزيز السيولة طويلة الأجل ونسب السيولة الرقابية، وكذلك تنويع مصادر التمويل لهذه البنوك، يعني أن رؤوس أموالها باتت معززة، والحاجة أكثر الآن نحو توفير تغطية للتوسع الائتماني.
9 – موقف المصارف المركزية في الخليج عامة تغير بدرجات متفاوتة، وأصبحت البيئة التنظيمية مشجعة لمثل هذه الإصدارات، التي تدعم نمو القطاع الخاص الائتماني، استقامة مع الرؤية المستقبلية لكل بنك وخططه التوسعية، لا سيما إذا كانت إستراتيجيته للمستقبل تتضمن قدرة أكبر على احتواء المخاطر التي قد تطرأ.
«الوطني» و«برقان»
نجح بنك الكويت الوطني في سبتمبر الجاري بتسعير سندات غير مضمونة ذات أولوية في السداد (Senior Unsecured Notes) مقومة بالدولار، تستحق السداد بعد 6 سنوات وقابلة للاسترداد بعد 5 سنوات من تاريخ إصدارها بقيمة مليار دولار، في أكبر الإصدارات المقومة بالدولار للمؤسسات المالية في الكويت.
وبلغ إجمالي طلبات الاكتتاب على الإصدار الجديد 1.7 مليار دولار ليصل معدل تغطية الإصدار إلى أكثر من 1.7 مرة ما يعكس الإقبال الكبير من المستثمرين العالميين.
وأعلن بنك برقان في الشهر نفسه حصوله على موافقة بنك الكويت المركزي لإصدار سندات غير مضمونة ذات أولوية بالسداد بقيمة 500 مليون دولار أو ما يعادلها بعملات أخرى.
وأوضح البنك أن إصدارات السندات يأتي ضمن برنامج سندات اليورو متوسطة الأجل، مشيراً إلى أن السندات ستصدر إما بتاريخ استحقاق يحل بعد 5 سنوات وفائدة ثابتة، وإما بتاريخ استحقاق يحل بعد 6 سنوات وقابلة للاسترداد بعد 5 سنوات من تاريخ إصدارها، وذلك بفائدة ثابتة للخمس سنوات الأولى وفائدة متغيرة للسنة السادسة حتى تاريخ الاستحقاق، مبيناً أن التنفيذ الناجح للصفقة سيسمح بتعزيز السيولة طويلة الأجل ونسب السيولة الرقابية.
240 مليون دينار سندات وتورقاً
أعلن بنك الكويت المركزي، أمس، تخصيص آخر إصدار لسندات وتورّق البنك المركزي بقيمة إجمالية بلغت 240 مليون دينار، لأجل 6 شهور وبمعدل عائد 1.25 في المئة.