ما الآثار الاقتصادية لتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الكويت؟
يعد الاستثمار الأجنبي أحد ركائز رؤية الكويت التنموية (2035)، حيث تقدم السلطات التسهيلات للمستثمرين بهدف خلق بيئة استثمارية مريحة لهم، تجعلهم يجلبون مليارات الدولارات إلى البلاد.
وتهدف الكويت من دعم الاستثمار الأجنبي المباشر إلى تنويع اقتصادها، وتقلص اعتمادها على النفط، خاصة بعد جائحة كورونا التي أثبتت حاجة البلاد إلى تنويع مواردها بعيداً عن الذهب الأسود.
وتتمتع الكويت بمميزات تجعلها بلداً استثمارياً واعداً للمستثمرين؛ كارتفاع دخل الفرد، والسياسة النقدية الحكيمة، والنظام المصرفي السليم، وسوق الأوراق المالية القوية، واستقرار الأوضاع الأمنية، وتوفر الأيدي العاملة.
وبلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الكويت ذروتها التاريخية في عام 2011 بواقع 3.26 مليارات دولار، مقابل 104 ملايين دولار فقط في 2019، وسجلت البلاد بالعام المذكور 695 مشروعاً استثمارياً جديداً مقابل 1051 مشروعاً اجتذبتها البحرين على سبيل المثال.
وحسب تأكيدات هيئة تشجيع الاستثمار المباشر بالكويت تبلغ قيمة المشاريع الاستثمارية الجاري تنفيذها في البلاد 200 مليار دولار.
وتتوزع على قطاعات البناء والطاقة والمياه والمواصلات والكهرباء، والمشاريع الصناعية والكيميائية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتنوع البيولوجي والمستحضرات الصيدلانية.
تراجع ملحوظ
تظهر البيانات الرسمية الصادرة عن بنك الكويت المركزي (الثلاثاء 28 سبتمبر) تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت إلى 4.167 مليارات دينار (13.87 مليار دولار) في الربع الأول 2021، بانخفاض 3.16% على أساس سنوي، بضغط تأثيرات جائحة كورونا.
وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت من 4.303 مليارات دينار (14.32 مليار دولار) في الربع الأول 2020.
وبحسب التقرير فقد توزعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة إلى 338.4 مليون دينار (1.12 مليار دولار) في البنوك الكويتية، و3.792 مليارات دينار (12.62 مليار دولار) في قطاعات أخرى منها الاستثمار.
وامتد مؤشر الانخفاض ليشمل الاستثمار الأجنبي المباشر للكويت في الخارج ويصل إلى 9.886 مليارات دينار (32.9 مليار دولار) بالربع الأول من العام الحالي، مقارنة بـ 10.543 مليارات دينار (35.1 مليار دولار) بالفترة المماثلة.
وتأتي الأرقام الجديدة مشابهة لما سجله الاستثمار الأجنبي للكويت عام 2020، حيث سجلت البلاد تدفقات سلبية في مؤشر تدفقات الاستثمار الأجنبي، حيث خرجت استثمارات قيمتها 319 مليون دولار مقابل أخرى إيجابية بلغت 104 ملايين دولار في 2019، بانخفاض 405%، وفقاً لتقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات الصادر في يونيو الماضي.
آثار اقتصادية
وسائل الإعلام المحلية تناولت تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت بنقد كبير للأوضاع الراهنة في البلاد، حيث اعتبره خبراء “يمثل ناقوس خطر” رغم القوانين المشجعة للاستثمار.
وتسببت الأزمات السياسية التي تشهدها البلاد بين مجلس الأمة والحكومة – وفق مراقبين – في تراجع هروب الاستثمارات الأجنبية خارج الكويت بسبب عدم شعور المستثمر الأجنبي بالأمان الاقتصادي، كما كان لجائحة كورونا دور كبير في تراجع الاستثمارات الأجنبية العام الماضي.
وفي حديث لـ”الخليج أونلاين” أكد الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة الكويت، الدكتور طلال البذالي، أن “الاستثمار الأجنبي المباشر شهد تراجعاً خلال السنوات الماضية في الكويت، وزاد خلال عام 2020؛ بسبب جائحة كورونا والإجراءات الحكومية التي تم اتخاذها لمواجهة المرض، من إغلاقات للمؤسسات والحظر”.
ويضيف البذالي في هذا الصدد: “الكويت غير مناسبة للمستثمر الأجنبي، حيث القوانين الموجودة تمنع تملك الأراضي للمستثمرين، وطبيعة العمل البيروقراطية لا تتناسب مع طموح المستثمرين الأجانب، حيث تأخذ إجراءات منح الأراضي أوقاتاً طويلة تصل إلى سنوات”.
ويجب على الكويت – وفق البذالي – “تقديم تسهيلات للمستثمرين الأجانب ضعف التي تقدمها دول الخليج الأخرى، وعدم فرض ضرائب عليهم في بداية عملهم، ولكن شرط أن يقوموا بتوظيف كويتيين بنسبة 60% من العاملين في مشاريعهم، ويكون بذلك تحصيل رسوم غير مباشرة”.
ويشير الخبير الكويتي إلى أن بلاده “تحتاج إلى المستثمرين الأجانب، لكون خروجهم من البلاد سيكون له آثار اقتصادية على المدى البعيد، خاصة أن البلاد تعتمد في موازنتها على النفط، الذي سيشهد خلال السنوات القادمة تراجعاً بالتسويق، مع زيادة الطاقة البديلة، واعتماد العالم على الغاز الطبيعي غير الموجود في الكويت”.
ويمكن للكويت، بحسب المختص الاقتصادي، “الاستفادة من توطين التكنولوجيا من خلال استقطاب المستثمرين الأجانب بالمشاريع التي سيقومون بها، وخدمة البلاد من خلالها”.
ويوصي البذالي السلطات في بلاده “بتسهيل العمل أمام المستثمرين، وفتح المجال أمامهم عبر رفع القيود عن مشاريعهم، وتقديم التسهيلات الحكومية”.
تشجيع حكومي
وسبق أن عملت الحكومة الكويتية على تشجيع الاستثمار من خلال عدة قوانين أقرتها، حيث طورت القوانين المحلية لجذب الاستثمارات الأجنبية كجزء من رؤية الكويت 2035، ومن ذلك القانون رقم 116 لسنة 2013 لتشجيع الاستثمار المباشر في دولة الكويت، كخطوة أولى لجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال توفير الحماية المطلوبة، وكذلك منح مزايا معينة للشركات الأجنبية لدخول السوق المحلية الكويتية.
كما يهدف قانون “الصديق للمستثمر” الجديد، الذي تم تنفيذه في عام 2015، إلى تعزيز تدفق الأموال الأجنبية إلى البلاد من خلال فتح المزيد من القطاعات للاستثمار، وإصلاح التشريعات المتعلقة بالملكية، وتقديم حوافز جذابة، وجعلها أسهل بكثير وأسرع للمستثمرين للحصول على ترخيص.
وأنشأت السلطات الكويتية بموجب القانون “هيئة تشجيع الاستثمار المباشر الكويتية – KDIPA” لتسهيل الإجراءات المتعلقة بالمستثمرين الأجانب.
وكلفت هيئة تشجيع الاستثمار المباشر بتنفيذ السياسات والعمليات التنموية والتنظيمية والترويجية والدعوة اللازمة لتشجيع الاستثمار في البلاد.
كما منحت هيئة تشجيع الاستثمار المباشر (KDIPA) صلاحيات واسعة لجذب المستثمرين، ومن ضمن ذلك منح إعفاءات ضريبية وجمركية للمستثمرين المؤهلين لمدة تصل إلى 10 سنوات، وتبسيط بيئة الأعمال لتعزيز القدرة التنافسية للأعمال في البلاد، وتخفيف العقبات أمام الاستثمارات.