في رثاء العم ثامر مطلق الجدعي
لم اتعود على كتابات الرثاء، فطوال فترة عملي الصحفي كتبت العديد من الاخبار والمقالات ولكن لم اكتب مقالاً لرثاء الا والدي رحمه الله وهذا ثاني مقال اكتبه، فاليوم الجمعة هي الثانية لوفاة العم ثامر مطلق الجدعي بو فواز، عرفته منذ صغري، كان صديق لوالدي منذ سبعينيات القرن الماضي، عرفته شامخاً في أصعب الظروف، مبتسماً في اشد المواقف، ثابتاً ومناصراً للحق حتى وان كان وحيداً، فلم يخف لومة لائم في رأي رأه صحيحاً، فكان يبحث عن مرضاة رب العباد.
التقيته مرات عديدة ولا اذكر متى اول مرة، فكنت اراه مع والدي في ديواننا، او أزوره مع والدي في ديوانه، ومكتبه، فكان يسأل عن احوال الكل، الصغير قبل الكبير، يضحك وينصح الكل، لا يتردد بإبداء النصيحة، او المشورة لكل محتاج، ابواب مكتبه مفتوحة للكل، وقبلها باب قلبه، فكان الناصح كأب وصديق قبل ان يكون المحامي، التقيته مرات عديدة في المحكمة، يبادر بسؤالك:” اخدمك بشيء يبا..، محتاج شيء تراني حاضر…”.
تحديداً في سبتمبر من عام 2013 توفت والدتي، وكان والدي بحاجة لكل حضن، لكل قلب، لكل صديق فمن توفت هي صديقة دربه، ونصفه الاخر، فرأيت العم ابا فواز حاضراً في العزاء لثلاث ايام، بجانب والدي، يطبطب عليه، وبعد العزاء يحرص على زيارة والدي والخروج معه، فكان ونعم الصديق وقت احتياج والدي له.
في مايو 2017 توفى والدي، فكان العم ثامر حاضراً بقلبه قبل جسده، بنصائحه قبل كلماته، بدمعته قبل صمته، لم يتردد بلحظة بفزعته لنا، كان المفترض نحن من يسأل عنه، فكان لا يغيب اليومان الا اتلقى رساله منه، ولم تمر مناسبة لأبناء “جاسم” الا هو حاضراً، ولم يمر عيد او رمضان او اي مناسبة الا ورسائله قبل رسائلنا.
كوني رئيس تحرير صحيفة الكترونية طالتني قضايا اعلام، فكان حاضراً للدفاع عني، مقدماً النصيحة و المشورة، لم يرضى بأخذ دينار واحد مقابل القضايا، فكانت اخر قضية يوم وفاته، جاءني اتصال منه ليلة وفاته، “باجر قضية … الشباب بيحضرون وجهزوا كل شي”، وبيوم وفاته وتحديداً بعد الجلسة وصلني اتصال من احد العاملين في مكتبه:” استاذ عبدالله الاستاذ بوفواز يسلم عليك وحضرنا والامور كلها جيدة…” بعدها بساعات وصلني خبر وفاته، كان كالصاعقة، نرتضي بحكم الله، وحزننا عليه لأنه “فقيدة” رجل كريم وشهم، صاحب ابتسامة، ودماثة خلق، رجل لن يتكرر في هذا الزمان، رجل من الطراز الاول، لا يضاهيه احداً، حزننا عليه كحزني يوم وفاة والدي، فلم يكن لنا كعم، ولم يكن لوالدي صديق، فكان لنا اب بعد وفاة والدي، وكان لوالدي اخ في حياته.
عزائنا جموع المعزيين في مقبرة الصليبخات، في اوضاع كورونا وتخوف الناس من الحضور، الا جموع غفيرة حضرت لواجب العزاء، جموع غفيرة وقفت بالساعات لتقديم واجب العزاء، انتهى الدفان، ذهب كل شخص لبيته، ولم ينسوه الناس، تداول خبر وفاته أكثر من 5000 مغرد ليصعد هاشتاق ترند باسمه، فما كان بينك وبين الله يابو فواز ليكتظ الكل للعزاء، فماذا فعلت يا عمي لينعيك الكل.
نسأل الله ان يغفر له ويرحمه وان يجعل قبرة روضة من رياض الجنة.