تمر علينا ذكرى مرور مئة عام على صدور أول وثيقة دستورية كويتية ، ألا وهي وثيقة عام 1921م . بعد أن توفى الشيخ (( سالم مبارك الصباح )) رحمه الله اجتمع أعيان الكويت بالأسرة الحاكمة و أوضحوا لهم قرارهم في المشاركة في إدارة شؤون البلاد بشكل آخر غير الشكل القديم . حتى تمخض عن الاجتماع إصدار وثيقة تاريخية قدمها كل من :
” ناصر يوسف البدر . حمد عبدالله الصقر . إبراهيم بن مضف . أحمد الحميضي . أحمد الفهد الخالد ، عثمان الراشد ، خالد المخلد ، محمد شملان . محمد الزاحم ، عبدالرحمن محمد البحر ، مبارك الساير ، سلطان البراهيم الكليب، عبدالله الصميط ، فهد العبداللطيف الفوزان ، عبدالمحسن الصبيح، فلاح الخرافي ، علي بن إبراهيم الكليب . يوسف بن عيسى القناعي ، عبداللطيف الحمد ، يوسف الرشيد . حمد الصميط، سعود بن مشحن الرشيدي ، عبيدان المحمد ، محمد بن إبراهيم القلاف.”
وفيما يلي نص الوثيقة :
(( بسم الله نحن الواضعون أسمائنا بذيل هذه الورقة قد اتفقنا واتحدنا على عهد الله وميثاقة بإجراء البنود الآتية :
أولاً : إصلاح بيت الصباح . كي لا يجري بينهم خلاف في تعيين الحاكم .
ثانياً: إن المرشحين لهذا الأمر . هم الشيخ أحمد الجابر والشيخ حمد المبارك والشيخ عبدالله السالم .
ثالثاً: إذا ارتضى عائلة الصباح على تعيين واحد من الثلاثة فبها . و نعمت و إن فوضوا الامر للاهالي عيناه.وإن أرادة الحكومة تعيين واحد منهم رضينا به.
رابعاً: المعين لهذا الأمر يكون بصفة رئيس مجلس شورى.
خامساً ينتخب من آل صباح والاهالي (عددا معلوما) لادارة شئون البلاد على أساس العدل والانصاف.))
وبعد الترشيح اختارت الأسرة الحاكمة (( الشيخ أحمد الجابر الصباح )) ليكون حاكماً . و أتفق كل من الأسرة الحاكمة والأعيان في أبريل من العام 1921م على إنشاء أول مجلس استشاري في الكويت يعين الحاكم على إدارة شؤون البلاد وسمي (( مجلس الشورى )) . و يتكون المجلس من رئيس هو ( ( حمد عبدالله الصقر )) و نائبه الشيخ (( يوسف بن عيسى القناعي )) .
وأما بقية الأعضاء هم :
هلال فجحان المطيري
عبدالعزيز أحمد الرشيد
أحمد الفهد الخالد الخضير الخالد
عبدالرحمن خلف النقيب
خليفه بن شاهين الغانم
شملان بن علي السيف الرومي
إبراهيم المضف
مرزوق الداود البدر
أحمد الصالح الحميضي
مشعان الخضير الخالد
ونلاحظ هنا أن المجلس خلى من وجود أفراد الأسرة الحاكمة . مما يؤكد عدم الالتزام بالفقرة الخامسة من الميثاق ، كما أكدت المراجع التاريخية عدم وجود الانتخاب الوارد في الفقرة الخامسة فقد جاؤوا عن طريق التعيين .
و جاء نص الوثيقة الدستورية الثانية التي اتفق عليها مجلس الشورى مع الشيخ أحمد الجابر الصباح :
“هذا ما اتفق عليه حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر و جماعته .
أولاً : أن تكون جميع الأحكام بين الرعية في المعاملات و الجنايات على حكم الشرع الشريف.
ثانياً: إذا ادعى المحكوم عليه أن الحكم مخالف للشرع تكتب قضية المدعي والمدعى عليه ويحكم القاضي فيها وترفع إلى علماء الإسلام فيما اتفقوا عليه فهو الحكم المتبع.
ثالثاً : إذا رضي الخصمان على أي شخص أن يصلح بينهما فالصلح خير لأنه من المسائل المقررة شرعاً.
رابعاً : المشاورة في الأمور الداخلية والخارجية التي لها علاقة بالبلد من جلب مصلحة أو دفع مفسدة أو حسن نظام.
خامساً: كل من عنده رأي في صلاح ديني أو دنيوي للوطن و أهله يعرضه على الحاكم يشاور فيه جماعته فإن رأوه حسناً ينفذ.”
الأعمال التي قام بها المجلس تتمثل في اتفاق أعضائه على أن جميع الأحكام بين الرعية في المعاملات والجنايات تكون طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء ، إلا أن عمر المجلس كان قصيراً جداً ، ففي يونيو من نفس العام أي بعد شهرين من إنشائه قرر الشيخ (( أحمد الجابر )) إنهاء أعماله لانشغال أعضاء المجلس عن القيام بأعمالهم .
يتبين لنا ان هذا المجلس وضح أمرين مهمين :-
الأمر الأول :
إمكان القياس على أن اتفاقهم بتطبيق الشريعة الإسلامية في كافة المجالات بمثابة تشريع مكتوب اتخذ شكل قرار صادر من السلطة التنفيذية ممثلة في الحاكم ومجلسه الاستشاري .
الأمر الثاني :
أن هذه التجربة (( مجلس الشورى )) فتحت الباب أمام الكويتيين لمواصلة التفكير في تطوير إدارة بلدهم ، كإنشاء بلدية الكويت .
كنت أتمنى أن تنظم احتفالية خاصة بهذا الحدث الهام في تاريخ الكويت أو أن ينظم معرض خاص دائم يتناول هذه الوثيقة وغيرها من وثائق الكويت اللاحقة التي أصلت لنا أسس العملية الدستورية الكويتية ، وتبقى الدعوى متاحة لكل المهتمين والمعنيين على إقامتها .
خالد طعمة الشمري
مؤرخ
