الكويت تنفض غبار كورونا.. هل ينتعش قطاع السياحة المتضرر؟
تنفض الكويت، مثل بقية دول الخليج العربي، عن كاهلها تداعيات جائحة كورونا التي أنهكت مؤشرات الحياة الاقتصادية والاجتماعية فيها وفي جميع دول العالم؛ بسبب القيود التي فرضتها لوقف تفشي الجائحة.
سلسلة من الإجراءات أقرها مجلس الوزراء الكويتي مؤخراً لتخفيف قيود كورونا بهدف عودة الحياة إلى طبيعتها، بداية من إلغاء التباعد الاجتماعي وصولاً إلى إعادة فتح مطار الكويت الدولي بكامل طاقته الاستيعابية، واستقبال القادمين من جميع الدول.
هذه الإجراءات التي تهدف إلى تطبيع الحياة في البلاد تأتي أيضاً ضمن مساعي حكومة الكويت لدعم اقتصادها وتنشيط حركة السياحة التي تراجعت خلال العامين الماضيين، بسبب جائحة كورونا.
وسيكون العنوان الأبرز في هذه الإجراءات استئناف فتح مطار الكويت بكامل طاقته التشغيلية ما يعني زيادة أعداد السياح حيث سيستقبل المطار 30 ألف زائر يومياً بدلاً من 10 آلاف في الوقت الحالي.
كما سيصل عدد شركات الطيران العاملة في مطار الكويت الدولي إلى 52 شركة طيران، منها شركتان محليتان وشركات إقليمية وعالمية.
وفي مارس 2020، أعلنت الكويت تعليق كامل رحلات الطيران من وإلى البلاد، قبل أن تعود سلطات “الطيران المدني” وتعلن، في يونيو من العام ذاته، استئناف تشغيل المطار على 3 مراحل.
وحسب نص الإعلان، آنذاك، تبدأ المرحلة الأولى من تشغيل المطار بنسبة 30% (أغسطس 2020)، والثانية بنسبة 40% إلى 50%، (فبراير 2021)، والثالثة تشغيل كامل بنسبة 100%، في أغسطس 2021، لكن جائحة كورونا عطلت تنفيذ هذه المراحل في موعدها بشكل دقيق.
خسائر هائلة
وتعني إعادة تشغيل المطار بكامل طاقته استعداد الكويت لموسم سياحي غني يحقق انتعاشة جيدة لهذا القطاع، الذي تكبد خسائر فادحة خلال العامين الماضيين، بسبب حظر السفر وتداعيات الوباء الدولية.
وبلغت خسائر قطاع السياحة في الكويت منذ بداية جائحة كورونا في مارس 2020، ما يزيد على 600 مليون دولار.
إضافة إلى أن 65% من شركات ومكاتب السفر أغلقت أبوابها، وفقد 10 آلاف و800 موظف في القطاع أعمالهم، وهذا الرقم يمثل 90% من عدد العاملين بمجال السياحة، حسب بيانات اتحاد مكاتب السياحة والسفر.
وكشف تقرير للمجلس العالمي للسفر والسياحة أن حجم قطاع السياحة في الكويت بلغ 1.069 مليار دينار كويتي (3.55 مليارات دولار)، ليشكل 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2020، مقابل 2.1 مليار دينار (6.97 مليارات دولار) في العام 2019، الذي بلغ آنذاك نحو 5.3% من الناتج المحلي.
وأظهر التقرير أن إنفاق السائحين الأجانب في الكويت تراجع من 342.5 مليون دينار (نحو مليار دولار) بـ 2019، إلى 120.5 مليون دينار (399 مليون دولار) في 2020، بنحو 64.8%.
وأشار التقرير إلى تراجع مساهمة قطاع السياحة والسفر في التوظيف بنحو 21.5%، حيث خسر نحو 28.6 ألف شخص وظائفهم في القطاع في 2020.
ذلك الانحدار المخيف في مؤشرات قطاع السياحة، يرتبط به أيضاً تراجع اقتصاد الكويت بنسبة 8% في العام الماضي 2020، في أسوأ انكماش تشهده البلاد منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.
وحسب تقرير بنك الكويت الوطني (أكبر بنوك البلاد)، تسبب الانكماش الاقتصادي في إغلاق الشركات وخفض مستويات التوظيف وتوقف المشاريع.
ولتجاوز هذه الخسائر بدأت تحركات جدية في الكويت لإحياء نشاط السياحة في البلاد، أبرزها إعلان شركة المشروعات السياحية الكويتية، وهي ذراع الحكومة للاستثمارات السياحية، اعتزامها زيادة رأسمالها بـ250 مليون دينار (831.39 مليون دولار) ليصل إلى 300 مليون دينار من 50 مليوناً حالياً.
وتتطلع الشركة، التي أُسست عام 1976، إلى تنشيط السياحة في الدولة الغنية بالنفط، حيث تعول الحكومة على هذا القطاع لدعم اقتصادها غير النفطي، في ظل عدم استقرار عائدات النفط، والخسائر الكبيرة التي تلحقها بين الحين والآخر.
وقال عبد الوهاب المرزوق، الرئيس التنفيذي لشركة المشروعات السياحية، في مؤتمر صحفي عقده نهاية الشهر الماضي: إن “رؤيتنا هي أن نعيد العصر الذهبي للسياحة في الكويت، وأن نجعل القادم أفضل”.
وأوضح أن الشركة تسعى إلى تطبيق 95 مبادرة استراتيجية تتضمن مشروعات بتكلفة 380 مليون دينار (1.26 مليار دولار) على مدار عشر سنوات.
وبحسب مجلس السفر والسياحة العالمي فإنه من المتوقع أن ينمو القطاع السياحي الكويتي بنحو 4.5% سنوياً حتى العام 2028.
وعلاوة على ذلك، تعتزم الحكومة الكويتية تطوير مشاريع لإدارة التراث والثقافة، وإنشاء استراتيجية للسياحة تتماشى مع أفضل الممارسات، ومراجعة قوانين السياحة لمعالجة الفجوات القائمة وتعديل اللوائح.
كما تهدف، وفق تقرير نشرته وسائل إعلام محلية في سبتمبر الماضي، إلى التنسيق مع مختلف القطاعات المعنية لوضع استراتيجية لتعزيز ممكنات قطاع السياحة.
وفي السياق، أفادت مجلة “فوربس” الأمريكية، في سبتمبر الماضي، أن الكويت تهدف لاستقطاب السياح من جديد في سياق مساعيها الرامية لضخ دماء الحياة في اقتصادها مثل بقية دول الخليج عقب تداعيات كورونا.
وينعكس قطاع السياحة في الكويت على أكثر من 32 قطاعاً رئيسياً وفرعياً، منها حركة شركات السفر، والمطار، والتسوق، والصناعات التراثية والحرفية، إضافة لقطاعات النقل وسيارات الأجرة، والمطاعم والمقاهي وغيرها.
كما أن تنشيط السياحة سيؤدي إلى زيادة الطلب على الاتصالات وغيرها من الخدمات والسلع، وتحسين الإقبال على المراكز والأنشطة الفنية والثقافية والمعارض.
ولعل أبرز المنشآت المستفيدة من تنمية السياحة الفنادق، التي تتطلع إلى استقبال السياح، بعد تراجع نسب الإشغال فيها إلى 20% بسبب إغلاق المطار.