الحركة التقدمية الكويتية: رغم كل العبث بالدستور طوال العقود الستة الأخيرة سندافع عن مكتسباته وسنواصل المطالبة بدستور ديمقراطي
نعيش في هذه الأيام الذكرى التاسعة والخمسين لإصدار الدستور، وعلى الرغم من حرصنا الدائم في الحركة التقدمية الكويتية على الدفاع عن هذا الدستور و مكتسباته إلا أننا -كما المؤسسين- نرى أنه دستور أولي ودستور حدّ أدنى، لم يوجد إلا ليتم تقييمه ومن ثم تطويره في اتجاه المزيد من الحريات والسعي بشكل جدي نحو تحقيق العدالة الاجتماعية ووقف التمييز ضد المرأة، بحيث يكون دستوراً مدنياً يستظل به الجميع.
إن ذكرى إصدار الدستور تمثّل تذكيراً دائماً لنا بأن هذا الدستور تم إفراغه من محتواه ومبادئه، وأصبح بفعل فاعل ساكناً، حتى أصبح البعض يرى بأنه غير قادر على مواكبة هذا العصر ومتطلباته، ذلك أنه في الوقت الذي يسعى فيه الشعب للمزيد من الحريات وتوسيع نطاق مشاركته في إدارة الدولة، نرى السلطة تعارض توجهات هذا الشعب وتطلعاته، بل أصبحت تتحداه في ما يريد تحقيقه، حيث سلكت مسلك الفردانية في اتخاذ القرار ، وأصبحت تفرض على المواطنين توجهاتها وتسعى جاهدةً لخلق توجّه أحادي، و تبطش بكل من يخالف هذا التوجه، حتى وصل الأمر بها إلى سحب الجناسي من مواطنين كويتيين لمجرد محاربتهم لهذه التوجهات ومطالبتهم بالإصلاح، في مخالفة صريحة لمجموعة من مواد الدستور و علي رأسها المادة ٦ منه التي تنص على أن السيادة للأمة مصدر السلطات جميعاً ، و المادة ٣٦ التي تكفل حرية الرأي والتعبير.
وبمناسبة الذكرى التاسعة والخنسين لإصدار الدستور، فإنّ الحركة التقدمية الكويتية تحذر من خطورة التوجهات النيوليبرالية للحكومة، حيث أنها تمثل تعدياً صارخاً على الدستور الحالي ومكتسباته، فالتوجه للخصخصة ليس حلاً لمشكلات الاقتصاد وسوء الإدارة، وإنما هو تنفيع للقلة وتفريط بمقدرات الدولة، وعند التحليل سنجد أن فساد بعض القيادات الحكومية وسوء إدارتها المتعمد، هو ما أدى إلى فشل أو تردي كثير من المؤسسات والمرافق العامة القطاعات وعلى رأسها التعليم والصحة ، علاوةً على ذلك فإن المادة ١٣ و المادة ١٥ من الدستور تعارض وبشدة تخصيص قطاعي التعليم والصحة، وهنا وجب التنويه إلى أن هذه التوجهات النيوليبرالية تمنح الطبقة الراسمالية الطفيلية تأثيراً كبيراً يقوي سطوتها في عملية صناعة القرار في الدولة، ويشهد التاريخ والتجارب في بلدان ومجتمعات عديدة كيف أدى مثل هذا التوجّه إلى سحق الطبقات المتوسطة والشعبية والعمالية.
ختاماً ، فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نستذكر في هذه الذكرى وبكل فخر واعتزاز كل مَنْ ناضل من أجل هذا الدستور ودافع عن حقوق الشعب، وفاءً لهم وحتى لا يتم اختزال هذا المكسب في شخص أو مجموعة واحدة، فمنهم مَنْ ناضل لتحقيقه كمطلب ديمقراطي من الرواد الأوائل في الثلاثينات، ومنهم مَنْ كان من المؤسسين ومنهم مَنْ سعى للحفاظ عليه وتصدى للمحاولات المتكررة للعبث به، ومنهم مَنْ استشهد، ومنهم مَنْ تم تهجيره هذا غير الآخرين الذين وضعوا في غياهب السجون لسنوات وتمت محاربتهم حتى في لقمة العيش، و من هذا المنطلق فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نتمسك بالمكتسبات الدستورية وسندافع عنها، وفي الوقت نفسه سنواصل المطالبة بدستور ديمقراطي حقيقي يضع أساساً لنظام ديمقراطي برلماني مكتمل الأركان وقيام دولة مدنية حديثة عادلة احتماعياً، وفي هذا السياق فإننا ندعو الحركات والمجاميع السياسية والنقابية للالتفاف حول المضامين المدنية لهذا الدستور ، وللسعي الدائم لتحقيق الديمقراطية الكاملة التي تحقق توجهات الشعب الكويتي وتلبي تطلعاته.
الكويت في ١٠ نوفمبر ٢٠٢١