«الكويت المسرحي21» أعاد الروح… لـ «أبو الفنون»
ليلة مسرحية بامتياز، شهدها مسرح الدسمة أول من أمس، حيث اهتزّ المكان بالهتاف والتصفيق من جانب الجمهور الذي غصّت به المدرجات، بعد أن عادت الروح مجدداً لـ«أبو الفنون»، فور افتتاح فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمهرجان الكويت المسرحي، تحت رعاية وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري، والذي أنابه في كلمته الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كامل العبدالجليل.
وشهد الحفل، حضور حشد غفير من محبي المسرح، والمسرحيين والمسؤولين، فإلى جانب العبدالجليل، حضر الأمين العام لقطاع الفنون في «مجلس الثقافة» الدكتور بدر الدويش، ونخبة كبيرة من الفنانين، بينهم جاسم النبهان ومريم الصالح وهيفاء عادل وجمال الردهان وفيصل العميري وعبدالعزيز الحداد، وحمد الصراف، وباقة أخرى كبيرة من النجوم والمسرحيين.
بدأت مراسم الافتتاح بكلمة لراعي الحفل، ألقاها نيابة عنه الأمين العام للمجلس الوطني والثقافة والفنون والآداب كامل العبدالجليل، التي استهلها بالقول: «يسعدني أن أنقل لكم خالص تحيات وزير الإعلام والثقافة، متمنياً لكم التوفيق والسداد لمهرجان الكويت المسرحي في دورته الجديدة، وتحقيق كل ما تصبون إليه من أهداف وغايات خيرة لرفعة وإنماء الحركة المسرحية في كويتنا العزيزة، موطن العطاءات والنجاحات المتميزة، وريادة الحركة الفنية والإبداع المسرحي منذ زمن بعيد، التي ساهمت بترسيخ دور المسرح الفني والثقافي البناء في المنطقة، بإشعاع نور المسرح الكويتي الوهاج»، معرباً في الوقت ذاته عن مشاعر الفرح بعودة المهرجان هذا العام، بعد التوقف القسري القاهر العام الماضي بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا.
ولفت إلى أهمية المهرجان ومكانته الفنية الكبيرة، والذي يعتبر مناسبة لتفعيل الحراك الثقافي والفني للمسرح ليكون رافداً مهماً لظهور المواهب والإبداعات عند فنانينا الشباب من الجيل الواعد، «كما أن مهرجان الكويت المسرحي يساهم بدور رئيسي في دعم وتطوير الحركة المسرحية، وهو منصة حضارية لدولة الكويت، ويشرفنا في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أن نقوم على تنظيمه وتكريس جهودنا لتحقيق أهدافه سنوياً».
وتابع: «إن الحركة المسرحية في بلادنا شهدت نمواً وتطوراً مضطرداً في الثلاثين عاماً الماضية، من حيث الاعتماد على خبرات فرق المسارح الأهلية على أيادي من تحملوا أعباء ومسؤوليات استمرار عطاء المسارح الأهلية وتاريخها الحافل بالإنجازات، في عقد جديد متطور عن السابق».
مشيراً إلى ازدياد عدد الفرق المسرحية في القطاع الخاص، «التي نكن لمؤسسيها الفنانين وافر الاحترام والتقدير، ولهم منا واجب التشجيع والدعم والمؤازرة.
كما نحيي نجاحات (مسرح الشباب) للهيئة العامة للشباب، الذي ولد كبيراً، وتمتع بمزايا الإبداع في العروض والنجومية الشبابية الصاعدة. ونسعد بدور المعهد العالي للفنون المسرحية في جميع خدماته التعليمية والبحثية والتطبيقية، ونشاطاته الهادفة لإثراء الحركة المسرحية من خلال روافد مخرجاته التي تغطي مختلف المهن في العمل المسرحي، وفي صدارتها اكتشاف المواهب الشابة المؤدية باتقان التمثيل وتجسيد الشخصيات بمهارة وواقعية».
وأكد العبدالجليل أن جميع الفرق المشاركة في المهرجان، ومنذ انطلاقته في العام 1989، تحرص على حمل الأمانة والمسؤولية لتقديم عروض راقية رفيعة المستوى ومشرفة في حمل القضايا وطرح الحلول في معالجات فنية متكاملة، يحتضنها المسرح ويرسخ فيها دوره واستمرار مسيرته في التوعية والتنوير، كشريك في عملية البناء والإصلاح وتنمية المجتمع.
ومضى يقول: «يتابع (مجلس الثقافة) عن كثب تطورات الحركة المسرحية باهتمام وحرص شديدين وتوفير مقومات التطوير. لذا صدر القرار الوزاري رقم 13 لسنة 2021 حيث شمل في بنوده الجوانب التي تهيئ البيئة المحفزة والمنظمة والمهيئة لقيام الأعمال المسرحية القيمة ذات المحتوى الثقافي والمفيد للمجتمع، ويعالج القرار بعض السلبيات التي كانت تواجه المسرحيين في السابق، وبما يحقق المصلحة العامة، ونعمل حالياً مع الجهات الرسمية على وضع اللمسات النهائية للائحة تطوير الحركة المسرحية، والتي عمل بجهود مخلصة على إعدادها وصياغتها نخبة من الأساتذة الأكاديميين والممثلين عن المسارح الأهلية مع المختصين في إدارة المسرح بالمجلس الوطني، ويتواصل إصدار سلسلة دورية (من المسرح العالمي) التي كانت قد صدرت في شهر أكتوبر العام 1969، والتي ترفع الذائقة الفنية بتقديم مسرحيات عربية وعالمية مترجمة، مرموقة وقيمة تخدم الباحثين والطلبة والمهتمين في شؤون المسرح على السواء».
وختم كلمته قائلاً: «سوف نضع في العام المقبل الخطوات التنفيذية لمشروع طباعة وإصدار موسوعة للأعمال المسرحية الكويتية التي قدمت في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي للفرق الأهلية، بهدف المحافظة عليها وحمايتها كملكية فكرية وتراث وطني، وتوثيقها وإتاحتها للطلبة والباحثين والمهتمين في شؤون المسرح الكويتي، فتلك الأعمال المسرحية الخالدة تعتبر قاعدة صلبة، انطلق منها المسرح في الكويت، الذي أرسى قواعده كبار الرواد بعطائهم الرائع والمبدع».
استحضار الروّاد
بعدها، انطلق عرض الافتتاح المُبهر، والذي كان بعنوان «رسالة فنان» حيث قدّم درساً مهماً استحضر فيه الروّاد، واستذكر مآثر الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا، ورفاق دربه.
والعرض من تأليف الكاتبة فاطمة المسلم وإخراج يوسف البغلي، وبمشاركة مجموعة من الفنانين، بينهم جاسم النبهان ومريم الصالح وهيفاء عادل وحسن البلام وعبدالعزيز المسلم ويعقوب عبدالله وعلي العلي وعبدالعزيز النصار وعبدالله الخضر وشيماء سليمان وشهد العميري وضاري الرشدان، وغيرهم.
وقد حلّق العرض المسرحي بالجمهور فوق خشبة المسرح التي غطاها التراب بعد توقف قسري، كما عاد إلى الماضي، مستذكراً من رحلوا عنّا، من أمثال «بوعدنان» وعلي المفيدي وأحمد الصالح وانتصار الشراح ومشاري البلام وعبدالعزيز المنصور، وباقة أخرى ممن أثرت الحركة المسرحية بأعمال ظلّت راسخة في ذاكرة الجمهور.
كما شدّد العرض في رسالته على ضرورة الارتقاء بما يجب أن يقدم فوق خشبة المسرح من كوميديا هادفة جُبلنا عليها، فالمشهد الذي جمع بين الفنان عبدالعزيز النصار بـ«كراكتر» (نهاش فتى الجبل) وبين الفنان عبدالله الخضر بـ«كراكتر» (بو حامي)، كان كفيلاً بتعريف المتلقي على ماهية الكوميديا التي عرفناها فوق خشبة المسرح، وبين كوميديا اقتحام الخصوصية. أيضاً، دعا العرض المسرحي إلى ضرورة عدم التفريط بلغتنا الأم، وأهمية الحفاظ عليها، فهي أساس كل حديث وكل منطق وثقافة.
تكريم… للعطاء
خلال حفل الافتتاح، دعا عريفا الحفل، الفنان حسن البلام والمذيعة نجلاء الكندري كلاً من العبدالجليل والدويش للصعود على المنصة لتكريم الفنانين والمسرحيين المحتفى بهم في الدورة الحادية والعشرين، تقديراً لما بذلوه من عطاء وسخاء في خدمة الحركة المسرحية على مدى سنوات، وهم: الفنان أحمد العامر، الفنان دخيل الدخيل، الفنانة الدكتورة أحلام حسن، الدكتورة خلود الرشيدي، الفنانة سماح والفنان فاضل الدمخي.
في حين كشفت اللجنة العليا المنظمة للمهرجان عن أعضاء لجنة التحكيم، وهم: عبدالله الغيث رئيساً، وعضوية كل من الدكتورة إلهام الشلال والدكتور محمد المهنا والدكتورة ريهام العوضي والفنان فيصل العميري.