اعتصام للمربّين ودعم نيابي لأصحاب الحلال لحماية الأمن الغذائي
مازالت تداعيات قرار رفع أسعار الأعلاف تتفاعل، حتى وصلت إلى اعتصام العشرات من مربي الحلال، أمام مبنى الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية، بدعم نيابي، أمس، وسط مطالبة بحماية أصحاب الحلال وتسهيل حصولهم على الأعلاف وحمايتهم من السوق السوداء التي استغلت رفع الأسعار لتزيد هي بدورها أسعار الأعلاف وتشعلها.
فمن بين المربين المعتصمين، أكد النائب مرزوق الخليفة «ضرورة مساندة مربي الماشية ودعم الأعلاف المقدمة لحلالهم، لأنهم الدرع الواقية في منظومة الأمن الغذائي وتأثرهم سينعكس على المستهلك وسترتفع أسعار اللحوم الحمراء والألبان والدواجن وغيرها»، لافتاً إلى أن «ارتفاع سعر الشعير أدى الى ارتفاع الأعلاف الأخرى حتى انها فقدت من السوق».
وأشار الخليفة في تصريحات لـ «الراي» إلى أنه «تمت مقابلة مدير هيئة الزراعة الشيخ محمد اليوسف، لإيصال مطالب المربين في توفير الأعلاف البديلة، وزيادة دعم الأعلاف الأساسية، وفتح المراعي أمام الحلال»، مؤكداً أن «المدير العام كشف عن مخاطبة موجهة لوزارة التجارة بأن تسمح لكل من يرغب بشراء الأعلاف التوجه إلى شركة المطاحن والدقيق الكويتية لشراء الأعلاف وبالكمية التي يريدها، من دون مراجعة الهيئة أو الاعتماد على كروت الأعلاف التي تصرف منها».
وأضاف أن «الوضع الحالي يساعد على ظهور السوق السوداء من خلال الشراء من الشركة لغير الجادين في تربية الحلال وبيعه لهم، حيث إن الكثير يتسلم الأعلاف من دون وجه حق»، مؤكداً أنه سيتبنى هذا الاقتراح مع وزارة المالية والتجارة في الحكومة المرتقبة، مع أن يكون الشراء عن طريق البطاقة المدنية، ولمن يرغب من المواطنين، «فمع تطبيق هذا المقترح ستتوافر الأعلاف، ولن تجد لها مكاناً في السوق السوداء، كما هو حال كيس الخبز الذي يباع مدعوماً للجميع وبالكمية التي يرغب المستهلك بشرائها».
وشدد الخليفة على «ضرورة مساندة المربين، لأن اعتصامهم خط الدفاع الأول عن الدعوم التي تقدم للمواطن، وفي حال مضت هذه الزيادة من دون اعتراض فستنقض الحكومة على الدعومات الأخرى، كالتموين والكهرباء والماء ومواد البناء وغيرها»، متمنياً «من زملائه النواب أن يقفوا صفاً واحداً مع هذا الاعتصام والاعتراض على زيادة الأعلاف ورفع الدعوم عنها».
بدوره، أكد النائب خالد المونس أن الحكومة مستمرة في خطتها بالتخلي بشكل كامل عن مساندة أصحاب الحلال، مشيراً إلى أن «رفع أسعار الأعلاف في هذا التوقيت ينذر بكارثة كبرى وموجة ارتفاع أسعار، ليس على مستوى الحليب واللحوم فقط، ولكنه سيمتد إلى الدواجن وبقية السلع الأساسية للمستهلك والضحية المواطن ومنظومة الأمن الغذائي التي نسمع عنها فقط في تصريحات المسؤولين».
وأضاف المونس أن «أصحاب الحلال أصبحوا بين مطرقة جفاف المراعي وسندان غلاء أسعار الاعلاف، ولاسيما أن جميعهم من المتقاعدين وأصحاب الدخول المحدودة، مع الأخذ بالاعتبار أن الدولة لا تسمح لهم بالاستيراد المباشر بجانب التضييق المستمر عليهم الأمر الذي يصب في صالح مستورد اللحوم، ومن ثم السيطرة على السوق واحتكاره بشكل كامل».
وطالب وزارة المالية وهيئة الزراعة والجهات المعنية بسرعة حل المشكلة عن طريق زيادة المخصصات المالية لدعم الأعلاف، وقال: «على وزارة المالية سرعة التحرك في هذا الاتجاه دفتريا، ونحن مستعدون لإنهاء هذا الملف في لجنة الميزانيات والحساب الختامي التي اتشرف بعضويتها إذا تطلب الأمر ذلك».
من جانبه، أكد مدير الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية الشيخ محمد اليوسف أن «الهيئة لا تملك صفة الضبطية القضائية لضبط ومخالفة بائعي الأعلاف المدعومة في السوق السوداء، فالضبطية بيد وزارة التجارة والصناعة، وقد طلبنا منها نقل اختصاصات الضبطية القضائية لموظفي الهيئة منذ شهرين، إلا أنها لم ترد علينا حتى الآن».
وقال اليوسف، خلال استقباله مربي الحلال المعتصمين أمام مقر الهيئة، إن«هناك لجنة سيتم تشكيلها قريباً تضم هيئة الزراعة ووزارة التجارة وشركة المطاحن والدقيق الكويتية، للقيام بجولات تفتيشية على أماكن بيع الأعلاف المدعومة ومخالفة البائعين لها»، مؤكداً أن «ارتفاع الأسعار هو ارتفاع عالمي وليس للهيئة دخل في ذلك»، لافتاً الى أن «هدفنا أن نوازن بين الأسعار بالتنسيق مع الجهات المعنية لمصلحة مربي الحلال».
20 ألف مربٍّ حقيقي من أصل 36 ألفاً
عبر مربي الحلال جمال الحربي عن استيائه من رفع أسعار الأعلاف التي بدأت من زيادة سعر بيع الشعير، حيث يباع الآن بسعر 4.300 دينار، بينما كان في السابق بـ3.400 دينار، لافتاً إلى أن الدعم المقدم من الحكومة يلغي المربين الحقيقيين الذي لا يتعدى عددهم قرابة 20 ألف مربٍّ، بينما في أوراق الهيئة قرابة 36 ألفاً، بزيادة 16 ألف مربّ وهمي يتسلم الأعلاف المدعومة، ويبيعها للتجار في السوق السوداء في الوفرة والعبدلي والصليبية، وأمام مقر الهيئة في الرابية ومقر شركة المطاحن في الشويخ دون حساب أو عقاب.
وأشار الحربي إلى أن «المربين يعانون من نقص أعلاف التبن والبرسيم والحشائش بشكل عام، وعدم دعمها من قبل الحكومة، وسبق أن خاطبنا الهيئة بأهمية دعمها لأنها إنتاج محلي، وقد يقف الاستيراد للشعير بأي وقت وتحت أي ظرف إقليمي أو صحي، مثل ما حصل في جائحة كورونا وحتى تكون هذه الحشائش البديل عن الشعير لإطعام حلالنا».
وطالب الهيئة العامة للزراعة بالكشف عن إنتاج المزارع التي تم توزيعها لتوفير هذه الحشائش والتي تحولت إلى استراحات وديوانيات، وتركت الهدف الأساسي التي وزعت من أجله.
ودعا الحربي إلى فتح المراعي أمام المربين، لأنهم احتاروا بين شباك وزارة النفط وشباك الهيئة العامة للبيئة، حيث تحتكر هاتان الجهتان معظم المراعي، متسائلاً: «أين يذهب المربي بحلاله مع إغلاق المعابر الحدودية مع الدول المجاورة؟».
بيع مباشر من الشركة للمربي
طالب خلف الشمري (مربي أغنام) بأن «يكون بيع الأعلاف مباشرة من شركة المطاحن إلى المربي، حسب النظم المتبعة في الدول المجاورة للقضاء على السوق السوداء للأعلاف، بالإضافة إلى تخصيص أسعار الأعلاف من خلال زيادة الدعم، خصوصاً الشوار الذي يعتبر من توالف شركة المطاحن، أي أنه إنتاج محلي ورخيص، فلماذا يباع على المربين الكيس منه بسعر 3.600 دينار، بينما سعره لا يتعدى 300 فلس؟»، مؤكداً أن أرباح شركة المطاحن معتمدة على بيع الأعلاف المدعومة.
انهيار مشاريع الشباب
قال المربي علي سلمان العدواني إن «هناك انهياراً قادماً ينتظر مشاريع الشباب المستثمر في تربية الماشية لارتفاع أسعار المواد المدعومة، وعدم وجود الأعلاف البديلة، بالإضافة إلى عدم قدرة الشباب على تربية أعداد كبيرة من الحلال، فمن كان يملك 500 رأس غنم تجده اليوم يملك 200 رأس، وعجلة البيع في ازدياد خوفاً من الخسارة، خصوصاً أن البيع من الأم المنتجة وليس من الطلي الجاهز للذبح، وهذا مؤشر خطير على انهيار سوق اللحوم».