العملات الرقمية.. بين الحاجة والمخاوف
رغم التطور السريع للتكنولوجيا وتسارع وتيرة الاقتصاد الرقمي، يبقى السؤال الاكثر غموضا يراوح مكانه بين مخاوف الدول والحاجة الرقمية للعملات المشفرة.
العملات الرقمية كما هي عليه اليوم، عبارة عن مخاوف وهواجس كبيرة تؤثر على اقتصاد الدول ولذلك نرى الكثير من الدول، تسعى لإيقاف ومنع التداول فيها، لمخاطرها على الاقتصاد وارتفاع نسبة الجرائم والاحتيالات الرقمية وخاصة اذا ما تركت لأصحاب البرمجيات والتطبيقات لإيجاد وسائل لتنظيم الأسواق، وبالتالي انتشارها دون رقابة أو تشريعات نظامية تكفل حقوق الجميع.
العملات الرقمية إذا ما كانت صادرة عن الدول، ولها مقابل مادي مساوى لعملة الدولة المتداولة داخلها، ولها سعر تصريف ثابت مقابل العملات الرئيسية وتخضع لقوانين البنوك المركزية، فبتلك الحالة تكون هذه العملة مفيدة جدا للاقتصاد وتسهل الكثير من الإجراءات وتعظم الفوائد لدى الدول، من خلال الآتي:
أولا: ايصال التداول النقدي الرقمي وتمكين قاطنين المناطق النائية من استخدام النقد الرقمي دون الحاجة لوجود بنوك وبالتالي تحقيق عملية الشمولي المالي مثل ما هو الحال في حق النفاذ والتمكين لخدمات الإنترنت والبنوك الرقمية.
ثانيا: الأمن والحماية للتداول النقدي من قبل الدولة وليس من شركات أو مؤسسات خاصة أو حتى أفراد لديهم النفوذ المالي وبالتالي لا يكون هناك احتكار لفئة محددة وخاصة إذا ما تم ايضا فرض بدل خدمات على العملات الرقمية.
ثالثا: حفظ الخصوصية تثير مخاوف المتعاملين بالنقد الرقمي كون النقد الورقي أو المعدني غير خاضع للرقابة كما هو الحال في العملات الرقمية والجهات التي تصرف لغايتها
رابعا: تجنب عمليات القرصنة والاحتيال الرقمي يؤرق الدول والافراد، فلا بد من نظام أمان شامل يحافظ على أملاك الافراد كما هو الحال لدى البنوك اليوم.
خامسا: العملة الرقمية ليست سلعة تباع وتشترى أو سهم في بورصة، هو نقد صادر عن جهة رسمية وهو البنك المركزي، وذات قيمة محدودة، ويعامل بنفس قيمة العملة الرسمية للدولة.
سادسا: تسهل العملة الرقمية التجارة والتبادل التجاري بين الدول كما تساهم في تنشيط التسويق الالكتروني والتحويلات المالية وغيرها الكثير من التداولات والتجارة الرقمية بين الدول وتدعم الاقتصاد الرقمي.
سابعا: العملة الرقمية يجب أن تعامل معاملة النقد الرسمي فيجب أن يكون المتداول فيها شخص معروف وموثق حسب الاصول وليسوا اشخاص افتراضيين.
ثامنا: لتحقيق النزاهة المالية، تجنب غسيل الاموال، مكافحة تمويل الارهاب، تتطلب قوانين وانظمة خاضعة لرقابة دولية. إن عدم وجود هذه الضوابط والقوانين قد يتسبب بمخاطر استقرار مالي للدول وبالتالي قد يحدث انهيار اقتصادي ما لم يكون هناك تنظيم وتعاون كامل بين البنوك المركزية.
من هنا نرى بعض الدول قد اقرت حظر التعامل بالعملات الرقمية المشفرة ومن هذه الدول، الصين، كوريا الجنوبية، الجزائر، مصر، بوليفيا، كولومبيا، تركيا، إندونيسيا، العراق، نيبال، روسيا، وايضا الأردن حذر مواطنيه من التعامل بهذه العملات.
من هنا نرى ان على الدول التحرك من أجل تطوير عملات رقمية عالمية معترف بها من قبل البنوك المركزية وخاصة مع ما نشهده من تطور رقمي على جميع الاصعدة المحلية والدولية وفي جميع القطاعات الحيوية للدول، ومن منطلق تشجيع ريادة الاعمال وتطوير الاقتصاد الرقمي.
وعلى الدول ممثلة ببنوكها المركزية تكثيف الجهود لوضع نظام مالي رقمي يتماشى مع تطورات الصناعة الرقمية ويدعم الاقتصاد الرقمي بدلا من المواجهات لحظر العملات المشفرة وبالتالي تفرض الرقابة والسيطرة على أسواق العملات المشفرة والرقمية.