التايم تختار إمبراطور تويتر “Elon Musk” رجل العام: هل هو بروس وين الحياة الواقعية؟
في القصص المصورة للأبطال الخارقين هناك شكلين نمطيين للأغنياء يمكننا اختزالهم في شخصيتي بروس واين، المليونير الذي يشعر بالفقراء ويسخر حياته لمحاربة الجريمة وجميع أنواع الفساد، ليعيش العامة في أمانٍ وطمأنينه. على الجانب الآخر من ذلك النمط، هناك Lex Luthor، و King Pin، نموذج المليونير الشرير الذي يسخر كل مدخراته محاولًا فرض سيطرته على من حوله. بين هذا وذاك النموذجين، يقبع مليونير الحياة الواقعية Elon Musk ، والذي فاز مؤخرًا بلقب “رجل العام” من مجلة تايم. أحد اكثر الجوائز إثارة للجدل، وتفاوتًا في المعايير على مر العصور. ولكن يا ترى، ما هو الوجه الحقيقي لElon Musk، هل هو المليونير الهائم في عشقه للسعي نحو عالمًا أفضل، أم أنه وجه بشوش لزعيم شرير لا نعرف عن شره شيئًا؟ هذا ما سنناقشه اليوم.
ما هو سلاح Elon Musk الأول؟
الإجابة هي: تويتر. يمتلك المليونير Elon Musk 16 ألف تغريدة على منصة التواصل الاجتماعي Twitter. بينما يمتلك قرناؤه عددًا أقل بكثير من التغريدات. Bill Gates مثلًا يمتلك 3 آلاف تغريدة، و Jeff Bezos يمتلك أقل من 300 تغريدة! كما يمتلك ماسك 65 مليون متابع على هذه المنصة، عدد يتجاوز عدد متابعي حسابات أكبر شركات السيارات مثل Fordsو Volkswagen و Honda و Toyota مجتمعين! والسؤال هنا هو، لماذا كل هذا النفوذ لهذا الرجل؟ وكيف بدأ أصلًا.
الإجابة ببساطة هي أن شركة تسلا في 2020 تخلت عن قسم العلاقات العامة بشكل نهائي، وأصبح Elon Musk هو الوجه الدعائي الأول، والمتحدث الرسمي باسم الشركة. اتخذ من وقتها Elon Musk نهجًا بسيطًا للدعاية. التحدث مع الناس، والإعلان عن أخبار شركته بنفسه، بشكل مُبسط لا يبدو في ظاهره أنه لغرض الدعايا. لقد نالت تلك الطريقة إعجاب وقبول الجماهير المتابعة لحسابه، كونه مليونيرًا، يدير شركات عملاقة مثل Tesla و Space X، ولكن في نفس الوقت قد تجده يرد على تساؤلاتك بخصوص أحد شركاته. مثالًا على هذا، في أحد المرات اقترح أحد ملاك سيارات تسلا أن تضيف الشركة تحديثًا على برنامج السيارة لجعل كرسي السائق يعود إلى وضعه الطبيعي بعد ركنها. رد Elon Musk عليه بإن هذا اقتراح رائع، وأنه سيتم إضافته في تحديث لاحق. لا أحد يفعل هذا سوى Elon Musk.
في مرة أخرى، أجرى ماسك استفتاءًا على بيع 10% من حصته من أسهم شركة تسلا، وجاءت الأرآء بنعم، فنفذ الأمر! يقول البعض بأن هذا الاستفتاء كان معروف نتيجته مسبقًا، ولكن في كلا الأحوال، لقد كسب ماسك الرهان، وفاز باحترام العامة الذين لا يفكرون فيما وراء ظاهر الأمور. وهكذا حصل على شعبيته الجارفة عبر منصة تويتر، والتي جعلته يتحكم حتى في أسهم البورصة!
كيف يتحكم “ماسك” في أسهم البورصة؟
عندما أعلن Elon Musk أن شركة Tesla لن تقبل عملة البيتكوين الرقمية، نتيجة استهلاكها لموارد بيئية كبيرة أثناء التعدين، انخفضت أسهم البيتكوين بنسبة 15% كاملة! فهل كان ذلك للصالح العام أم كانت هناك دواقع أخرى؟ في الحقيقة لا أحد يعرف، ولكن يمكننا جميعًا أن نشهد بتأثير ماسك الشديد على سوق العملات الرقمية، خصوصًا في الفترة الأخيرة بعد تسببه في ارتفاع أسهم عملة Dogecoin بنسبة 7% بعد أن نشر “Meme” أو مزحة عن العملة الجديدة.
في أحد المرات هبطت أسعار أسهم شركة تسلا (الذي يديرها هو) بنسبة 10% كاملة بسبب تغريده بأن سعر الأسهم عالٍ للغاية.
يقوم Elon Musk، من يتحكم في الMemes، يتحكم في الكون. لقد غرد بهذا في أحد المرات، وبالفعل يمكننا رصد ازدياد عدد المزحات التي يغرد بها عن ذي قبل، واتباعه نهج الانتشار حتى في اوساط من هم ليسوا مهتمين كثيرًا بشركاته. هذا النهج هو الأساس الذي يجعل Elon Musk شخصية ناجحة في الوصول إلى أعداد كبيرة من البشر والتأثير عليهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
هل يستحق Elon Musk لقب رجل العام: نظرة على ما حدث خلال العام المنقضي.
لقب رجل العام هو لقب تمنحه مجلة التايم العريقة للشخص الأكثر تأثيرًا سواء بالسلب او بالإيجاب على البشرية، وبالنظر إلى ما حدث في العام المنصرم، فإن Elon Musk هو بالفعل أحد أكثر الشخصيات تأثيرًا، وربما في بعض من السنوات الماضية أيضًا.
في هذه السنة حدث الآتي:
- قدم Elon Musk حلقة من حلقات برنامج SNL الشهير، وصرح بأنه أول شخص مصاب بمتلازمة أسبرجر يقوم باستضافة وتقديم البرنامج، دعمًا منه لمرضى هذه المتلازمة.
- تسبب أيضًا في أواخر 2020 في جدل حول مدى خطورة فايروس كورونا، وجعل الكثيرين يستهترون به، مما تسبب في الكثير من الإصابات في دولًا كانت لتتجنب أزمات اقتصادية وصحية لو لم يزرع Elon Musk في عقل الجماهير فكرة الاستهانة بالفيروس.
- عرض جائزة قدرها 100 مليون دولار لمن لمن يعرض تقنية لإزالة ثاني اكسيد الكربون من الغلاف الجوي
- قام بالفعل بالإعلان عن مبادرة لاستخدام ثاني أكسيد الكربون، المتسبب الرئيسي في الاحتباس الحراري كوقود للصواريخ التي تنتجها شركة SpaceX التي يعمل هو رئيسًا تنفيذيًا لها.
- روج بشكل كبير لعملة الDogecoin على مدار شهور متواصله كونها عملة أكثر استقرارًا من Bitcoin.
- فازت شركة SpaceX بمناقصة بقيمة 2.9 بليون دولار لبناء قاعدة استقبال رواد فضاء على القمر.
كانت هذه أهم محطات Elon Musk هذا العام فقط، ولكن لابد أن نعترف بأن نفوذه قد امتد لسنوات، كون قصة صعوده تشبه حياة الكثير من الشباب حول العالم. قد لا تعرف عزيزي القارئ بأن Elon Musk كان على وشك الإفلاس في أزمة 2008 المالية.
ازدادت شعبية Elon Musk منذ أعلن عن شريحة Neuralink، ومن ثم السيارات الكهربائية، ثم مشاركته لأراؤه المثيرة للجدل حول الكثير من جوانب الحيارة، ونظريات المؤامرة التي يؤمن بها على المستوى الشخصي.
أما عن الأسباب التفصيلية لاختياره كشخصية العام، يمكنك الاستماع لرئيس تحرير مجلة التايم بنفسه وهو يروي حصاد العام لElon Musk من خلال الفيديو بالأسفل.
في النهاية، لأننا في الحياة الواقعية وليس القصص المصورة، علينا أن نعي جيدًا بأن نموذج بروس وين على الأرجح هو رؤية متفائلة للشخصيات أمثال Elon Musk، الأغنياء الذين يتمتعون بنفوذًا واسعًا. ما أقصده هو أن معظم هؤلاء الأغنياء لا يسعون سوى للتسويق لأنفسهم وشركاتهم، منهم من يسوق لها كونها أفضل شركة على الصعيد الأخلاقي، مثل فكرة تسويق سيارات تسلا الكهربائية كونها سيارات صديقة للبيئة، لا أظن شخصيًا بأن هذا كان رغبةً في الحفاظ على البيئة بقدر كونها استغلالًا لما يحتاجه السوق.
يعتبر Elon Musk أحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في السنوات الأخيرة، ويتزايد نفوذه باستمرار، ولكن علينا ألا نحاول الحكم عليه وتصنيفه كشخص جيد، أو سيء، وإنما معرفة كيف يؤثر هؤلاء الناس على حياتنا بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن نتمتع بالوعي الكافي لتجنب أي تأثير غير مرغوب فيه خصوصًا على الأجيال الصغيرة التي لا تزال تكون وعيها.