أسوأ عملات العالم أداء في 2021.
لا يعتبر انخفاض قيمة العملة أمراً جيداً لأي اقتصاد في جميع الأحوال، وعادة ما يحدث عندما يكون هناك خطأ فادح فيما يتعلق بالاقتصاد أو السياسة.
وإلى ذلك، ترى مجلة «ذي بيزنس يير» أن ضعف التجارة الدولية، أو طباعة الأوراق النقدية خارج نطاق السيطرة، أو الخلاف بشكل عام مع بقية العالم، كلها أسباب إشاعة وواضحة لهذه الظاهرة، مضيفة أن معدل انخفاض قيمة العملة قد يصل في بعض الأحيان إلى نسب سخيفة، والتي تُعرف عادةً بالتضخم المفرط.
على سبيل المثال، تدهورت قيمة العملة الألمانية بين عامي 1921 و1922 بشكل كبير مقابل الدولار الأميركي، حيث سقطت سقوطاً حراً بأكثر من 1500 ضعف.
وأجبر تدهور قيمة العملة الألمانية حينها الناس على حمل أكوام كبيرة من الأوراق النقدية لدفع ثمن المشتريات اليومية البسيطة مثل أرغفة الخبز.
تكررت هذه القصة المحزنة مرات عدة في أماكن مثل بوليفيا والأرجنتين والبرازيل وبيرو وزيمبابوي بين الثمانينات وأوائل القرن الحادي والعشرين.
وفي الآونة الأخيرة، شهد عدد من عملات الأسواق الناشئة أداء ضعيفاً مقارنة مع العملات الأخرى لأسباب اقتصادية وسياسية، وفيما يلي بعض أسوأ العملات أداءً في 2021:
البوليفار الفنزويلي
يعتبر انخفاض قيمة العملة الفنزويلية واحداً من أحدث الحالات وأكثرها انتشاراً لانحدار قيمة العملة الوطنية.
ومنذ 2016، عانت الدولة من ارتفاع معدلات التضخم السنوية، إذ بلغ معدل التضخم في فنزويلا رقماً مذهلاً بلغ مليون في المئة في 2018 وفقاً لصندوق النقد الدولي، بارتفاع 70 في المئة على أساس سنوي مقارنة بـ2014. أما الآن، فيعتبر البوليفار الفنزويلي أسوأ عملة في العالم.
وفي 23 أغسطس 1994، قرر ثنائي فني يسمى «K Foundation Inc» حرق ما قيمته مليون جنيه إسترليني من النقد في أسكتلندا، لأسباب خاصة به. وفي حال قرر أي شخص أن يفعل الشيء ذاته اليوم، ما عليه سوى استبدال أمواله بالبوليفار الفنزويلي والانتظار ليوم أو يومين فقط!
الليرة اللبنانية
رغم أنه لا يمكن مقارنتها بالبوليفار الفنزويلي، إلا أن أداء الليرة اللبنانية في 2021 كان سيئاً إذ يمر لبنان بانهيار مالي أدى لاحقاً إلى ارتفاع معدل التضخم.
وبحسب تقارير، فقدت العملة اللبنانية ما يقارب 90 في المئة من قيمتها وأوقعت 3 أرباع السكان في براثن الفقر.
وبحلول خريف 2021، أظهرت الليرة اللبنانية بوادر استقرار، ولكن بمعدل انخفاض يصل نحو 100 في المئة على أساس سنوي، فإنها لا تزال بعيدة كل البعد عن أن تصبح العملة الموثوقة التي كانت عليها من قبل، ولامست أخيراً حدوداً إضافية من التراجع بعد أن سجل شراء الدولار الواحد نحو 30 ألف ليرة.
الروبية الهندية
أثرت جائحة كوفيد-19 على قيمة العملة الهندية، التي تحولت لاحقاً إلى أسوأ العملات أداءً في آسيا بعد أن كانت الأفضل في الربع الثاني من 2021.
وتعتبر الروبية مهيأة لمزيد من الخسائر مع عودة ظهور حالات الإصابة بفيروس كورونا إلى مستوى قياسي يهدد بإعاقة الاقتصاد.
وفي حين أن انخفاض قيمة الروبية قد يدعم الصادرات وسط التعافي الاقتصادي الناشئ من الجائحة، إلا أن هذا التدهور قد يفرز مخاطر من حدوث تضخم مستورد، وقد يصعب على البنك المركزي الحفاظ على أسعار الفائدة عند مستوى قياسي منخفض لفترة أطول.
الليرة التركية
تركيا ليست غريبة على تدهور قيمة العملات، إذ شهدت انخفاضاً كبيراً في قيمة عملتها خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي لدرجة أنه بحلول 2005، قررت الحكومة التركية إسقاط 6 أصفار من عملتها، وطرح الليرة التركية الجديدة.
وسارت الأمور بسلاسة إلى حد ما بالنسبة للعملة التركية لبضع سنوات بعد الكشف عن الليرة الجديدة.
لكن في السنوات الأخيرة، كانت هناك إشارات على أن الاقتصاد التركي سيواجه موجة أخرى من انخفاض قيمة العملة.
وفقدت الليرة التركية خلال عقد من الزمن (2011-2021) نحو 90 في المئة من قوتها فيما خسرت نحو 60 في المئة من قيمتها في 2021.
هذه ليست علامة سعيدة لأولئك المواطنين الأكبر سناً الذين ما زالوا يتذكرون الأيام الخوالي السيئة للتضخم المفرط في الثمانينات، رغم أن الرئيس التركي رجب طيب أوردغان طمأن مواطنيه والمستثمرين الأجانب بأن الليرة التركية ستستقر قريباً بإجراءات تحفيزية.
الليرة السورية
على غرار الليرة اللبنانية، عمّقت الليرة السورية خسائرها في 2021، بعد تدهورها السريع مقابل الدولار.
وفاقم هبوط قيمتها من الأزمة الاقتصادية وزاد أسعار السلع الأساسية المرتفعة أصلاً.
وعزا خبراء سبب تدهور قيمة الليرة السورية إلى وتيرة التضخم التي تعد أعلى أكبر من البلدان الأخرى، فيما أدى اتساع الفارق بين الليرة والعملات الأجنبية إلى ارتفاع أسعار المنتجات وانخفاض القوة الشرائية في سورية.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة السورية طرحت فئة الـ5000 للمرة الأولى في 2021، في مدلول على التضخم وفقدان الليرة السورية لقيمتها بشكل كبير.
الريال الإيراني
شهدت العملة الإيرانية تراجعاً في أدائها خلال العام المنصرم، لاسيما عقب توقف المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في شأن إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرم عام 2015.
وفي ديسمبر، تلقى السوق الإيراني صدمة أولى من توقف محادثات الاتفاق النووي، ما أثر على صعود الدولار أمام الريال الإيراني.
وكانت عملة البلاد سجلت في أكتوبر 2020 مستوى قياسياً بلغ نحو 320 ألفاً للدولار، حيث أدى انخفاض أسعار النفط إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد التي تعاني بالفعل من العقوبات الأميركية وارتفاع حصيلة وفيات كوفيد -19 في الشرق الأوسط.
الأفغاني
هبطت العملة الأفغانية في 2021 ما عمق الأزمة الاقتصادية المتنامية في أفغانستان، وأدى إلى هبوط العملة إلى مستوى منخفض جديد عند 125 أفغانياً مقابل الدولار.
وكانت الولايات المتحدة انسحبت من أفغانستان، ما أدى إلى حدوث سحب مفاجئ للمعونات الأجنبية في أعقاب سيطرة حركة «طالبان» على الحكم في أفغانستان في أغسطس 2021، وبحسب تقرير للأمم المتحدة، قد يتعرض اقتصاد البلاد الهش إلى صدمة عميقة وقد يخسر 20 في المئة من قيمته الاسمية في غضون عام.
وانعكست تلك الصدمة في سعر «الأفغاني» الذي كان يجري تداوله عند 77 للدولاراً قبل سيطرة «طالبان» على السلطة، وتدهور منذ ذلك الحين بشكل مطرد مع تفاقم الأزمة وشح الدولار.
وأثر هبوط «الأفغاني» على أسعار الأغذية والضغوط على السلع الأساسية اليومية، فيما يتوقع أن ترفع الزيادة الجديدة في سعر الدولار أيضاً تكاليف الإسكان في بعض مناطق كابل حيث ترتبط الإيجارات أحيانا بالدولار.
ويترافق هبوط العملة مع أزمة في النظام المصرفي في أفغانستان، حيث يجد المودعون صعوبة في الوصول إلى أموالهم وسط انقطاع البنوك عن النظام المالي الدولي بسبب التهديد بفرض عقوبات أميركية.
الروبية الباكستانية
انخفضت قيمة الروبية الباكستانية بنسبة 30.5 في المئة مقابل الدولار في السنوات الثلاث والنصف الأخيرة، لتصبح الروبية واحدة من أسوأ العملات أداءً في العالم، حيث انخفضت 12 في المئة تقريباً بـ2021 وأكثر من 17 في المئة منذ أن قفزت إلى 152.50 مقابل الدولار في منتصف مايو.
أفضل العملات
في المقابل توقع خبراء في «غولدمان ساكس» انتعاش السياحة في النصف الثاني من 2022، مع وضع البات التايلندية والدولار النيوزيلندي والأسهم المصرية على رأس رهاناتهم.
وتوقع «غولدمان ساكس» أن يتحول الانتعاش الاقتصادي الذي يقوده التصنيع إلى تعافي قطاع السياحة مع عودة السياح الأجانب إلى الشواطئ والجبال بعد مضي عامين على جائحة كورونا.
وأبدى البنك تفاؤله في شأن عملات البلدان المصدرة للنفط بما في ذلك الدولار الكندي والبيزو المكسيكي والروبل الروسي، مقابل تخفيض الانكشاف على الدولار الأسترالي واليورو، وراهن خبراء «غولدمان ساكس» على البات التايلندي، الذي انخفض 10 في المئة عن العام الماضي.
وفيما يلي بعض أفضل العملات أداء في 2021:
اليوان الصيني
كان اليوان الصيني من بين أبرز العملات الرئيسية التي تمكنت من تحقيق عوائد إيجابية مقابل الدولار في 2021.
أولاً، لابد من التوضيح هنا أن اقتصاد الصين يصعب تصنيفه، إذ لديه العديد من سمات الأسواق الناشئة، لكن اقتصاد العملاق الآسيوي أصبح ضخماً للغاية خلال العقد الأول من القرن 21 لدرجة أنه يقزم اقتصادات متقدمة عدة، بل كلهم تقريبا في الواقع، ومع ذلك، لاشك أن الاقتصاد الصيني قوة لا يستهان بها. لا عجب إذاً أن اليوان الصيني كان في طريقه إلى الارتفاع.
الريال البرازيلي
مع الإنجازات الاقتصادية الملحوظة التي حققتها البرازيل منذ 2000، تمتعت عملتها بنمو مطرد من حيث القيمة بين عامي 2005 و2010. وبعد أن عانت لفترات طويلة من التضخم المفرط خلال الثمانينات، استطاعت البرازيل تثبيت عملتها.
لكن منذ فبراير 2020، أثرت الجائحة على الريال البرازيلي ليفقد أكثر من 30 في المئة من قيمته، ولكن هناك دلائل على أنه قد يعود قريباً.
على سبيل المثال، لدى صندوق النقد الدولي توقعات إيجابية للبرازيل من حيث الناتج المحلي الإجمالي وتعادل القوة الشرائية في نهاية 2021، وهناك احتمالات بأن يستمر تعافي الاقتصاد البرازيلي بـ2022، مما يرتفع قيمة الريال مرة أخرى.
الراند الجنوب أفريقي
ظلت عملة جنوب أفريقيا، الراند، ثابتة إلى حد ما من حيث القيمة على مدى السنوات الخمس الماضية، بمعدل وسطي يبلغ 2.5 راند لكل دولار.
لكن في ذروة الجائحة في جنوب أفريقيا، فقد الراند بعض قيمته، حيث وصل إلى الحضيض في يونيو 2021، عندما أصبح أكثر من 3 راندات يساوي دولارا واحدا. لكن لاحقاً، حققت عملة جنوب أفريقيا انتعاشا جيداً.
اعتبارًا من نوفمبر 2021، أصبحت أكثر قيمة من أي وقت خلال العام الماضي.