مقاولة مغربية تمنح جلد الأسماك “حياة ثانية”
نراها في أحواض المياه تسبح، فتعطي للإنسان إحساسا بالراحة والاسترخاء بالنظر إلى حركاتها الهادئة، أو نأكلها لما لها من فوائد صحية كثيرة. لكن هل خطر على بالك يوما أن ترتدي حذاء من جلد السمك؟ أو تشتري حقيبة يدوية أنيقة مصنوعة من مخلفات الأسماك.. تبدو الفكرة غريبة نوعا ما.. لكنها حقيقة واقعية لفكرة أخرجتها للوجود نوال علاوي مهندسة شابة منحت لجلود الأسماك حياة أخرى.
فكرة المشروع
عادة ما يتم التخلص من جلود الأسماك كنفايات ويتم تجميعها حتى تتحلل وتصبح مادة زيتية غير أن المهندسة نوال العلوي تنبهت إلى القيمة التي تحتويها هذه الجلود فأعطتها حياة ثانية.
عن فكرة إنشاء مقاولة “سيسكين” التي تقوم بإنتاج وتسويق منتوجات جلدية فاخرة صنعت من جلد الأسماك، تقول نوال علاوي في تصريح خصت به “سكاي نيوز عربية”، “عندما كنت طالبة في المدرسة العليا للنسيج والألبسة، كنت عضوة في إحدى الجمعيات التي تشجع الشباب على خلق المقاولات الاجتماعية، وفي هذا الإطار كنا نقوم بزيارات ميدانية لمنطقة سيدي رحال (منطقة قريبة من العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء)، ومن خلالها نحاول جرد المشاكل التي تعاني منها المنطقة والساكنة، ومحاولة إيجاد حلول مبتكرة”.
من خلال الدراسة الميدانية استنتجت أن هناك مشكلين أساسين، ويتعلق الأمر بنفايات الأسماك التي تتواجد في الميناء، والتي تخلف روائح كريهة، وفي نفس الوقت يلعب بقربها الأطفال مما قد يؤدي إلى أمراض تنفسية. المشكلة الأخرى هي أن نساء هذه المناطق لا يحصلن على عمل مستقر، وهذا ما يدفعهن للاشتغال في ظروف قاهرة لكسب قوت يومهن بأجر ضعيف جدا مقابل ساعات العمل الطوال.
أمام هذه الخلاصات، تردف نوال بالقول: “حاولت التفكير في حل وبعد أبحاث معمقة فكرت في جمع نفايات جلود الأسماك لتحويلها إلى جلد”. مشيرة أنه “بعد عدة تجارب تمكنت من تركيب وصفة لدباغة جلود الأسماك انطلاقا من مواد طبيعية كالحناء”.
وبهذه الطريقة وبفضل نفايات الأسماك، رأت النور إكسسوارات فاخرة من جلد السمك بما يستجيب لمتطلبات كل شخص يبحث عن منتوجات أصيلة وطبيعية.
وجوابا على سؤال هل تظل رائحة السمك عالقة بالحقائب والمحفظات؟ أردفت بالقول نوال: “لا لأن الزيوت التي توجد بشكل طبيعي في جلد السمك تم تعويضها بزيوت الدباغة وزيوت طبيعية ولا تبقى سوى رائحة الجلد”.
“في البداية كان الغرض من المشروع إيجاد بديل لنسوة يعملن في تقشير الأسماك، لكن مع الإقبال المتزايد على هذه المنتوجات بدأت تتوفر فرص شغل أكثر للنسوة، سواء المشتغلات في تحضير الجلود، أو اللواتي يسهرن على صبغها وتجفيفها”. تقول المهندسة المغربية نوال بنبرة متحمسة.
ما يميز مقاولتي “سييكين” تضيف: “بفضلها تمكنت من خلق فرص عمل لنساء المنطقة وذلك باحترام تام لظروف العمل حفظا لكرامتهن ومجهوداتهن الكبيرة”. كما أن مشروعي صديق للبيئة: فبعدما كانت نفايات الأسماك ترمى على ضفاف البحر، “سيسكين” تمكنت من تدويرها ومنحتها حياة ثانية.
عن خطوات عملية التصنيع، تقول المتحدثة ذاتها، “نأخذ جلد الأسماك ونتخلص من القشور، ثم يغطى الجلد بخلطة من الأعشاب المحلية الموجودة بكثافة في المغرب، ويظل لأيام، ثم يتم تنظيفه، ثم يصبغ بمواد طبيعية تماما، ثم يتم تحويله إلى منتجات مثل الحقائب والأحذية والإكسسوارات”.
حصلت المهندسة على العديد من الجوائز، كما تمكن مشروعها من الظفر بفرصة لقاء الأمير هاري وميغان خلال زيارتهما الأخيرة للمغرب. بالإضافة إلى تمثيلها المغرب في عدة مناسبات عالمية كمؤسسة مشروع صديق للبيئة.
تعتمد نوال على التسويق الإلكتروني، وتمتلك معرضا لمنتوجاتها تستقبل فيه الزبائن الباحثين عن منتوجات إيكولوجية وبجودة عالية. كما أنها لا تقتصر على السوق المغربي، بل تسوق خارج أرض الوطن بالاعتماد على منتجات طبيعية محلية خالية من أي مواد صناعية أو كيميائية.
ولطالما شكل استعمال جلود بعض الحيوانات المعرضة للانقراض في مجال الأزياء والموضة، محط انتقاد من طرف الجمعيات المدافعة عن الحيوانات والنشطاء في المجال البيئي، ما جعل عددا كبيرا من العلامات التجارية العالمية تتوقف عن استخدام فرو وجلود هذه الحيوانات في منتجاتها. لذلك فالمهندسة المغربية نوال علاوي وجدت ضالتها في جلود الأسماك لما تزخر به المملكة من ثروة بحرية مهمة ومتنوعة.
نوال علاوي مقاولة مغربية شابة أبدعت في مشروعها “سيسكين” صديق البيئة، منحت حياة لجلد الأسماك وحفظت ماء وجه نساء عاملات بمهن البحر.