تراجُعٌ كبير في مستوى الثقافة و الترفيه في الكويت .. عكس الدول المجاورة
بينما كانت المواطنة الكويتية «حصة» مندمجة مع المغني في الحفل المقام في دبي أخيرا، وتقاطر على حضوره مواطنون خليجيون ومن دول عربية عدة، لم تنتبه «حصة» إلى لكزات الشابة التي تجلس إلى جانبها في المقعد المجاور، وهي شابة بحرينية تدعى «شيخة»، حيث سألت «حصة»: أنت كويتية؟ وعندما ردت حصة بالإيجاب، سألتها شيخة مجدداً: صج عندكم نائب برلماني يقول الحفلات دمار؟ والا إشاعة؟!
ابتسمت «حصة» على استحياء، وردت قائلة: «صج للأسف»، فما كان من «شيخة» إلا أن عبرت عن اندهاشها واستغرابها متسائلة: إين ذهبت «درة الخليج» كويت الفرح والوناسة؟ مستدركة: لقد كنت من أشد المعجبات بالكويت وأحرص دائماً على حضور مهرجانات وحفلات «هلا فبراير»، لكنني لاحظت تراجعاً كبيراً لديكم خلال السنوات الأخيرة في وسائل الترفيه والثقافة وحفلات الغناء بخلاف ما يجري بدول الخليج المجاورة التي تشهد انفتاحاً وتطوراً غير مسبوق، ماذا حدث لكم؟ ومن يتعمد سرقة فرحتكم يا كويت العز؟ من يسرق الفرحة من الكويت؟
حصة ردت بكل حسرة وألم: كنا أول دولة في الخليج تعرف التلفزيون وتقام فيها دور سينما عامة يرتادها المواطنون والخليجيون، ليس ذلك فحسب، بل كانت الفرق الاستعراضية والغنائية تُدعى إلى الكويت وتقيم الحفلات كفرقة رضا المصرية وكركلا اللبنانية بخلاف المطربين من كل دول العالم العربي.
وبصوت متقطع اعترفت حصة: نعم.. لم نعد درة الخليج، فقد كنا على مستوى الدولة والمجتمع منفتحين على الحياة نتطلع الى التطور الفكري والسياسي والاقتصادي، لكننا واجهنا في المقابل عراقيل أصحاب الفكر المتشدد ورافعي شعارات العادات والتقاليد والمظاهر السلبية.
الكويت تمتلك كل المقومات التي تؤهلها لكي تصبح في مصاف الدول المتقدمة فنياً وعلمياً وفكرياً وسياسياً وسياحياً وترفيهياً، كما تتوافر بها جميع العوامل الأساسية لازدهار الثقافة والفنون، لكنها غارقة في صراع وحرب مواجهة الفساد «الفاشلة» -حتى الآن-، وأصبح الحديث عن التنمية بشتى مجالاتها مجرد شعارات رنانة لا أفعال على أرض الواقع، وهذا كله يعود إلى ضعف الاهتمام بالثقافة والعودة إلى الوراء والانغلاق الفكري والمجتمعي.
أين ذهبت مظاهر البهجة؟
حديث «حصة» ليس سوى خلفية لما يحدث في الكويت من تدخلات في حريات المواطنين، سواء من نواب أو بعض المتشددين في الدين، رغم أننا نعيش في ظل دولة مدنية، وحرية المواطن بها من الأساسيات التي كفلها الدستور، فالحكومة باتت ترضخ لأعداء الفرح والمتشددين، فتجور على الحريات العامة، ما ادى الى تراجعها بسبب الاستجابة لضغوط أصوات النشاز التي لا تمثل الأغلبية الكويتية من المواطنين ولا تسعى الى الخير.
ويبدو أن خضوع الحكومة للضغوط النيابية، والالتفات إلى ما تثيره بعض حسابات وسائل التواصل الاجتماعي يعطي انطباعاً سيئاً عن الكويت، عربياً وعالمياً، خاصة من الإخوة الخليجيين الذين اعتادوا رؤية احتفالات الكويت بصورة مختلفة تماماً وفي أزهى حلة، كما أن كل أسرة تحتاج أن تشاهد مظاهر البهجة التي تضفي رونقا وأجواء من الفرحة للمقيمين والضيوف أيضاً.
واستدركت «حصة» بصوت حاد: «هناك بعض الاصوات التي تريد أن تعود بالكويت الى الوراء، ولا تريد لها التقدم في وقت تعيش دول الجوار انفتاحا وحرية كبيرة غير مسبوقة على صعيد الترفيه والحفلات الغنائية، اما الجهات الرسمية في البلاد فاتجهت الى التضييق على المواطنين.
لا خضوع ولا استسلام
في هذه الأجواء وقبل أن تستكمل «حصة» حديثها عن الأوضاع التي وصلت إليها الكويت حاضراً، قاطعتها الشابة البحرينية «شيخة» بالقول: عليكم بالعمل وعدم الخضوع أو الاستسلام لهذه الأفكار، وعلى حكومة الكويت أن تنظر حولها وتشاهد ما وصلت إليه الدول المجاورة، وتحديداً الإمارات والسعودية، لتخطو خطاها في التقدم والازدهار والتنمية.
هزت «حصة» رأسها، مع ارتفاع أصوات الموسيقى، قائلة لجارتها: دعينا من السياسة خلينا نستمتع بالحفل.