«هيئة الاستثمار» مصدومة: احتياطات جهات حكومية مركونة… بدون عمل!
كشفت مصادر مطلعة لـ«الراي» أن نقاشاً مفتوحاً بين مسؤولي الهيئة العامة للاستثمار المعنيين بإدارة السيولة، يشير إلى وجود صدمة من آلية تعامل العديد من المؤسسات الحكومية مع فوائض سيولتها، منوهة إلى أنه وفقاً للمرصود لدى «الهيئة» لا يجيد بعض مسؤولي هذه الجهات التصرف الأمثل مع رأس المال النقدي المتوافر لديها عبر احتياطاتها، بما ينسجم مع المتغيرات التي فرضتها ضغوط السيولة التي يواجهها صندوق الاحتياطي العام.
معدلات عالية
وذكرت المصادر أن ثمة قناعة لدى مسؤولي «هيئة الاستثمار» تفيد بأن غالبية الجهات الحكومية، لا تستغل فوائض سيولتها على النحو الأمثل، وأن لديهم أرباحاً متراكمة، واحتياطات عالية لا يُفترض الاحتفاظ بها بعيداً عن خطوط «هيئة الاستثمار» لإدارة السيولة الحكومية، باعتبار أنه ليس من محددات عمل مسؤولي هذه الجهات استغلال ما لديهم من سيولة بالكفاءة نفسها التي يتميز بها القائمون على إدارة سيولة «الاحتياطي العام».
وغمزت المصادر إلى أن من هذه الجهات، مؤسسة الموانئ الكويتية والصندوق الوطني لتنمية ورعاية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومؤسسة البترول الكويتية، وغيرها من الجهات المرتبطة مالياً بصندوق الاحتياطي العام، فيما استبعدت بنك الكويت المركزي من القائمة على أساس صلاحياته ومسؤولياته النقدية المتعددة في استخدام فوائض السيولة المتوافرة لديه، من قبيل تنظيم السيولة بين البنوك.وذكرت المصادر أن احتفاظ مؤسسات وهيئات بمعدلات عالية من السيولة من باب تعظيم احتياطاتها، واكتفائها بتحويل فوائض سيولتها إلى الخزينة العامة بشكل سنوي يضيع على «الاحتياطي العام» فرصة استغلال كافة السيولة الحكومية على النحو الأمثل، موضحة أنه يتعين التحرك على إعادة تبويب احتياطات هذه الجهات، وإحالتها فوائضها إلى «الاحتياطي العام»، بما يضمن رفع كفاءة إدارة السيولة النقدية الموجودة في هذه الجهات.
خطأ التبويب
وأشارت إلى أنه يترتب على ذلك، توافر مستويات عالية من السيولة في حسابات هذه الجهات دون عمل ولمعظم السنة، وإلى حدود تشكّل أحياناً وزناً بميزانيات هذه الجهات، وهنا يبرز أيضاً بوجهة نظر مسؤولي «هيئة الاستثمار» خطأ التبويب لدى هذه الجهات، مبينة أن المصلحة العامة تسترعي الدفع بالاستغلال الأمثل لجميع السيولة المركونة احتياطياً في الميزانيات الحكومية، لا سيما في ظل الضغوط التي يواجهها صندوق الاحتياطي العام منذ فترة طويلة.
وذكرت المصادر أنه لُوحظ في الفترة الأخيرة أن العديد من الجهات الحكومية وقعت في «فخ السيولة»، بعد تنامي احتياطاتها إلى مستويات أعلى من المفترض تسجيله، موضحة أن ارتفاع معدلات فوائض السيولة، دون حاجة ملحة لامتصاصها في فرص محددة منتظر تفعيلها قريباً، والاكتفاء بتحقيق الفوائد التقليدية بإيداعها في النظام المصرفي يتسبب بخسارة للمال العام، خصوصاً عندما تكون الأموال المركونة في خانة الاحتياطات هائلة، ولا يوجد لها عمل حقيقي.
وقالت «بالطبع مسؤولو (هيئة الاستثمار) يتفهمون أن السيولة المتراكمة في احتياطات هذه الجهات مستثمرة محاسبياً واستثمارياً، لكن في ظل تراجع سيولة (الاحتياطي العام) إلى مستويات غير معتادة حتى في ظل ارتفاع أسعار النفط تبرز فكرة إعادة هيكلة الاحتياطات العالية الموجودة في ميزانيات جهات حكومية عدة وفوائض سيولتها، على أن يتم تحويلها إلى (الاحتياطي العام) وضمان إدارتها وفقاً لأنظمة (هيئة الاستثمار)».
خطوة مستهدفة
وبيّنت المصادر أن الخطوة المستهدفة تضمن حسن إدارة كامل السيولة الحكومية، على أساس أن وجودها في (الاحتياطي العام)، يعني أن غالبية الأموال ستدخل في دائرة الأموال المدارة في فرص حقيقية، وضمن مجالات استثمار أوسع لرأس المال النقدي المتاح في هذه الجهات، ما يدر على المال العام عوائد أفضل.
معارضون: تسييل الاحتياطات لا يستقيم مع خطط العمل
مقابل رأي «هيئة الاستثمار»، هناك في الجهات الحكومية المعنية من يملك رأياً معارضاً لنزعة الهيئة لاستثمار كل دينار غير مستغل في الاحتياطات المكونة في ميزانيات هذه الجهات عن طريقها، حيث يلفت أصحاب هذا الرأي إلى أن سلوك تسييل الاحتياطات لا يستقيم مع خطط العمل المأمولة من بعض الجهات الحكومية، استثمارياً وتمويلياً وتوسعاً، علاوة على أنه لا يوجد قانون ما يجيز التحول المطلوب محاسبياً.
وأضافوا أن ميزانيات هذه الجهات معتمدة من الجهات المعنية ومنها الرقابية، ويفترض أن يُترك حق تنفيذ الخطط واستثمار الفوائض لمسؤولي هذه الجهات وإستراتيجياتهم، مشيرين إلى أنه يُنتظر من مسؤولي هذه الجهات تحقيق نقلة استثمارية كبيرة، وتعزيز أدوارهم المقررة قانوناً، وأن ذلك يتطلب الاعتماد على احتياطات قوية، وليس تفريغ الميزانيات من فوائض السيولة، ومن ثم الدخول مستقبلاً في أزمة تمويل الإستراتيجيات التوسعية، ومحاولة إقناع مسؤولي «الاحتياطي العام» بالحاجة الملحة لسرعة توفير الأموال المطلوبة.