تشيلسي للبيع.. هل يدخل الخليج سباق الاستحواذ على أبرز أندية لندن؟
ألقت الحرب الروسية ضد أوكرانيا، التي دخلت يومها التاسع، بظلالها بقوة على المشهد العالمي برمته، ومن ضمنه الرياضي، حيث اختفى شعار “لا لخلط الرياضة بالسياسة”، ووجد القطاع الرياضي نفسه في قلب الأحداث.
وفرضت الهيئات والمؤسسات الرياضية الدولية عقوبات صارمة على اتحادات روسيا ومنتخباتها وأنديتها؛ كالإيقاف والإبعاد وسحب تنظيم البطولات منها حتى إشعار آخر.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فحسب؛ بل وصل إلى الملاك الروس للأندية الرياضية، حيث بدأ الحديث يتصاعد حول بيعها لملاك آخرين مع تزايد العقوبات الغربية الاقتصادية المفروضة على روسيا ورجال أعمالها وأثريائها.
تشيلسي للبيع..
صدم رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش الوسط الرياضي العالمي بإعلانه، في 2 مارس 2022، عزمه بيع نادي تشيلسي الذي يستحوذ على ملكيته منذ نحو عقدين كاملين، مع التبرع بالأموال لمساعدة ضحايا الحرب في أوكرانيا.
وقال أبراموفيتش في بيان رسمي: “كنت دائماً أتخذ قرارات في مصلحة النادي. في الوضع الحالي اتخذتُ قراراً ببيع النادي. أعتقد أن هذا في مصلحة النادي والجماهير والموظفين، وكذلك رعاة النادي وشركائه”.
وشدد على أنه “لن يتم تسريع بيع النادي، لكنه سيتبع الإجراءات القانونية الواجبة”، كاشفاً عن أنه أصدر تعليمات لفريقه بإنشاء مؤسسة خيرية يتم فيها التبرع بجميع عائدات البيع الصافية لصالح ضحايا الحرب في أوكرانيا.
ووصف الملياردير الروسي -الذي تقدر مجلة “فوربس” صافي ثروته بنحو 13.3 مليار دولار- قرار البيع بـ”الصعب للغاية”، معبراً عن ألمه في الانفصال عن النادي اللندني بهذه الطريقة.
سبب البيع
جاء قرار البيع بعد تزايد الضغوط على أبراموفيتش منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، حيث طالب بعض السياسيين بفرض عقوبات على الملياردير الروسي بسبب قربه من الرئيس فلاديمير بوتين.
وكالة الأنباء الألمانية ذكرت في تقرير لها أن الملياردير السويسري هانز يورج فيز، تلقى عرضاً لشراء نادي تشيلسي، حيث أبدى الأول اهتماماً و”لكن ضمن تحالف”، متطلعاً للتعرف على تفاصيل أي صفقة محتملة، في حين ذكرت تقارير صحفية أن المبلغ المطلوب يتجاوز ملياري جنيه إسترليني (2.6 مليار دولار).
وقبل خطوة البيع أعلن أبراموفيتش منح أمناء المؤسسة الخيرية للنادي حق “الإشراف ورعاية” النادي الإنجليزي، في خطوة اعتبرت “تنحياً مؤقتاً” وإبعاداً لنفسه عن الأنظار.
وكان أبراموفيتش قد استحوذ على تشيلسي الذي يقع غربي العاصمة البريطانية، في عام 2003، ونجح في ضخ استثمارات مليونية بانتداب أبرز اللاعبين والنجوم إلى قلعة “ستامفورد بريدج” ليحقق لقب الدوري الإنجليزي في 5 مناسبات، ومثلها كأس الاتحاد الإنجليزي.
كما حقق فريق قلعة “ستامفورد بريدج” لقبين في دوري أبطال أوروبا عامي 2012 و2021، فيما أضاف إلى خزائنه كأس العالم للأندية في الإمارات، منتصف فبراير الماضي.
فرصة ذهبية
ونظراً لأهمية تشيلسي في الساحة الكروية الإنجليزية والأوروبية، فإنه من المتوقع أن يستقطب أنظار الملاك المعنيين بالاستثمار في المجال الرياضي، ومن ضمن ذلك دول الخليج.
محلل قنوات “بي إن سبورت” القطرية عبد الناصر البار، يقول في هذا الصدد إنه لا يمكن التكهن بمدى إمكانية دخول دول خليجية في السباق نحو شراء النادي اللندني الشهير.
ويوضح “البار” في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن دولاً خليجية قادرة على شراء أندية بحجم وقيمة تشيلسي، على غرار قطر والإمارات والسعودية، لكنه شدد على أنه “لا توجد معلومات حول ذلك حتى الآن”.
ولفت إلى أن الأيام القليلة المقبلة سوف تكشف تفاصيل إضافية، خاصة في حال تأكد على نحو نهائي بيع النادي اللندني، مستنداً في ذلك إلى أن الحرب الدائرة وما خلفته من أزمة لا تزال في بداياتها، ولا يُعرف إلى أين ستذهب وعن ماذا ستسفر من نتائج وتسويات.
ومع ذلك وصف “البار” الصفقة بأنها “فرصة استثمارية ذهبية ومهمة وناجحة” لرجال الأعمال الخليجيين للاستحواذ على نادٍ له اسم وتاريخ كبير.
واستبعد أن تدخل الإمارات في سباق امتلاك تشيلسي؛ لأن لديها نادياً كبيراً في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهنا يدور الحديث حول مانشستر سيتي، الذي يمضي بشكل جيد منذ سنوات.
ويعتقد أيضاً أن هناك فرصة للسعودية على الرغم من أنها اشترت قبل أشهر قليلة فقط نيوكاسل يونايتد أحد أندية “البريميرليغ”، ولا يزال ينتظره الكثير من العمل لتحسين أوضاعه.
ويرى أن السعوديين دخلوا حديثاً في مجال الاستثمار الرياضي، معرباً عن قناعته بأن “شراء نادٍ آخر كبير ليس سهلاً”.
وخلص في ختام حديثه إلى أن المنافسة على ملكية تشيلسي “لن تكون سهلة على الإطلاق”؛ بسبب وجود منافسة كبيرة من رجال أعمال أوروبيين وأمريكيين.
سجل حافل
ولدول الخليج، وهنا يدور الحديث حول قطر والإمارات والسعودية، سجل حافل في الاستثمار الرياضي، حيث تبرز الدول الثلاث في هذا المجال ولديها خبرة واسعة راكمتها على مدار السنين.
السعودية كانت أحدث الدول التي اتجهت للاستثمار في الساحة الرياضية، حيث توجت جهودها بنجاح صندوق ثروتها السيادية في شراء نيوكاسل يونايتد أحد أعرق الأندية الإنجليزية، في أكتوبر 2021، وذلك في صفقة قدرتها وسائل إعلام بريطانية بـ300 مليون جنيه إسترليني (408 ملايين دولار).
وكان صندوق الاستثمارات العامة السعودي قد حاول في أكثر من مناسبة الاستحواذ على مانشستر يونايتد، لكن عائلة “غلايزر” الأمريكية مالكة النادي رفضت الفكرة جملة وتفصيلاً.
كما يستحوذ الأمير عبد الله بن مساعد آل سعود على شيفيلد يونايتد، أحد الأندية الإنجليزية، بشكل كامل منذ 2019، حيث ينضوي النادي تحت مجموعة “يونايتد وورلد”، التي تضم أيضاً أندية شاتورو الفرنسي، وبيرشكوت البلجيكي، وكيرالا يونايتد الهندي، والهلال يونايتد الإماراتي وغيرها.
أما قطر فقد سبقت السعودية بأزيد من عقد فيما يتعلق بدخول الاستثمار الرياضي، حيث يستحوذ عبد الله بن ناصر آل ثاني، أحد أعضاء العائلة المالكة، على ملكية نادي ملقة الأندلسي الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1904، وذلك منذ صيف 2010.
ولكن الضربة الكبرى للقطريين كانت في العام الموالي عندما استحوذت هيئة قطر للاستثمارات الرياضية على ملكية نادي العاصمة الفرنسية باريس سان جيرمان، وحولته إلى وجهة مفضلة لنجوم “الساحرة المستديرة”.
ومع هذا كانت الإمارات سباقة في اقتحام الاستثمار الرياضي، إذ يعود تاريخ استحواذها على مانشستر سيتي الإنجليزي إلى عام 2008، عندما اشترته مجموعة “أبوظبي المتحدة للاستثمار والتطوير” التي يمتلكها منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الوزراء ووزير شؤون الرئاسة.
وإلى جانب مانشستر سيتي تضم مجموعة سيتي لكرة القدم تحت لوائها 9 أندية أخرى؛ هي: نيويورك سيتي الأمريكي، وملبورن سيتي الأسترالي، ويوكوهاما إف مارينوس الياباني، ومنتيفيديو سيتي الأوروغوياني، وجيرونا الإسباني، وشوانج الصيني، ومومباي سيتي الهندي، ولوميل البلجيكي، وتروا الفرنسي.
كما تستحوذ مجموعة “الإمارات الملكية”، التي يملكها بطي بن سهيل آل مكتوم، على خيتافي أحد أندية العاصمة الإسبانية منذ عام 2011.
تفاعل خليجي
وفي عالم “العصفور الأزرق” تحدث إعلاميون ومغردون حول عرض نادي تشيلسي للبيع، واعتبروها “فرصة لا تعوض”، معددين الأسباب التي تدفع في هذا الاتجاه.
إذ أعرب الإعلامي الرياضي القطري عبد العزيز القحطاني عن أمله في دخول مستثمر خليجي إلى جانب مانشستر سيتي ونيوكاسل، مؤكداً أن تشيلسي “فريق محترم، ولا يحتاج الكثير من العمل”، في إشارة إلى حضور النادي اللندني في الساحتين المحلية والقارية، وامتلاكه كوكبة من أبرز اللاعبين.
في الجهة المقابلة طالب مغردون بابتعاد المستثمرين الخليجيين عن النادي الإنجليزي؛ رفضاً لوجود أكثر من نادٍ بالبطولة الإنجليزية يتبع لدولة واحدة، الأمر الذي قد يثير تساؤلات وتكهنات حول اللعب النظيف والتنافس الشريف.