هل تعود الفوائض المالية بعد 9 سنوات من العجوزات؟
تنتهي السنة المالية في 31 مارس خلال أيام والتي قدرت الحكومة في موازنتها التقديرية قبل أكثر من عام أن يصل العجز فيها إلى أكثر من 12 مليار دينار، على أساس متوسط سعر برميل النفط 45 دولارا، ومعدل إنتاج يومي أقل من 2.5 مليون برميل يوميا، ما جعل تقديرات الحكومة للإيرادات النفطية عند 9 مليارات دينار تقريبا، علما أنها تمثل 89% من إجمالي الإيرادات.
لكن التعافي من كورونا وزيادة الطلب على الطاقة وتصاعد التوترات الجيوسياسية حول العالم بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا قلب الموازين ودفع أسعار النفط لتسجل أعلى مستوياتها منذ 14 عاما بعدما تخطت 130 دولارا للبرميل.
تحول العجز في الموازنة التقديرية من 12 مليار دينار إلى 400 مليون دينار عجزا في عشرة أشهر فقط من العام المالي الجاري حتى نهاية يناير الماضي بحسب تقرير المتابعة الشهري الصادر عن وزارة المالية، وسط توقعات بتحوله للفائض مع الصعود الكبير الذي شهدته أسعار النفط في فبراير وحتى منتصف مارس. فقد ارتفع النفط خلال تلك الأسابيع القليلة بنحو 43% ليقفز من مستويات نهاية يناير البالغة 90 دولارا للبرميل.
تجاوزت إيرادات الأشهر العشرة الأولى من العام تقديرات العام بالكامل، وبلغت 14.5 مليار دينار بزيادة 85% على أساس سنوي بدعم من ارتفاع إيرادات النفط بنسبة 91%.
وتوقع تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني أن تزداد النفقات في آخر شهرين بالسنة المالية ما يغطي زيادة إيرادات النفط، لكن أسعار النفط قفزت بشكل كبير خلال الشهرين، ما يشير إلى إمكانية أن ينتهي العام المالي الجاري دون عجز وتحقيق فوائض.
وتفترض الموازنة التقديرية للعام المالي 2022/ 2023 والذي ينتهي في 31 مارس من العام القادم أن يصل العجز إلى 3.2 مليارات دينار. وجاء ذلك بافتراض أن سعر النفط في المتوسط سيكون 65 دولارا للبرميل، وهو ما يبدو بعيدا عن الأسعار الحالية وتوقعات بيوت الأبحاث العالمية، ما يرجح أن يشهد العام المالي الجديد عودة للفوائض التي غابت عن الكويت منذ تسجيل آخر فائض بقيمة 5 مليارات دينار في العام المالي 2013/2014 أي منذ نحو 9 سنوات.
وفي ظل الواقع الجديد المتوقع لأسعار النفط والفوائض المرجحة، يبدو أن هناك ملفات إصلاحية سيتم ركنها وأخرى ستكون مستحقة يفترض القيام بها في ظل عودة الانتعاش للاقتصادي الكويتي، وهنا بعض هذه الملفات:
٭ الاحتياطي العام: طلب بنك الكويت الوطني في أحد تقاريره أن تبدأ الكويت باستغلال الفوائض وإعادة بناء صندوق الاحتياطي العام لامتصاص اي صدمات مستقبلية بعد أن بلغ أدنى مستوياته على الإطلاق.
٭ قانون الدين العام: منذ توقف العمل به في أكتوبر من العام 2017 لم يتم تمرير قانون الدين العام الجديد في ظل التأزيم السياسي بين الحكومة ومجلس الأمة، وقد يتسبب ارتفاع أسعار النفط في استمرار الوضع على ما هو عليه.
٭ الإصلاحات المالية: تأخرت الكويت في تطبيق ضريبة القيمة المضافة والانتقائية مطلع العام 2018، عندما ارتفع النفط وقتها إلى مستويات 70 دولارا للبرميل، وقد اقترب اليوم من ضعف ذلك السعر، فهل ستمضي الكويت قدما في اقرار الضريبتين.
٭ الإنفاق الاستثماري: من المرجح أن يرتفع الانفاق الاستثماري على المشاريع مع زيادة الفوائض، علما أن وتيرة ترسية المشروعات تراجعت في 2021 إلى مستويات متدنية بلغت 1.5 مليار دينار، وتعد مشروعات الحكومة المحرك الأساسي لنشاط الشركات والائتمان، وتشير توقعات مجلة ميد إلى زيادة تلك الترسيات الى 3 مليارات دينار في العام 2022 بفضل تحسن أسعار النفط ومع الارتفاعات الحالية قد تزيد على تلك القيمة.