«ذي بانكر»: الكويت الأخيرة إقليمياً… في التكنولوجيا المالية
أصبحت التكنولوجيا المالية «فنتك» كلمة طنانة ذات أهمية متزايدة للحكومات في جميع أنحاء الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، خصوصاً خليجياً، كجزء من الجهود المبذولة لاحتضان الابتكار والتنويع، بعيداً عن الاعتماد المفرط على عائدات النفط.
وفي هذا الخصوص لفتت مجلة «ذي بانكر» في عددها الأخير إلى أن تطوير قطاع التكنولوجيا المالية بالكويت أكثر تواضعاً حتى الآن من مراكز إقليمية أخرى، مثل البحرين ودبي وأبوظبي، ما يعكس مكانة الدولة المنخفضة كمركز مالي مقارنة بجاراتها، ونظامها السياسي الفريد الذي يجعل إصدار قوانين ولوائح جديدة أكثر صعوبة من أي مكان آخر، منوهة إلى أن الكويت تحتل المرتبة الأخيرة في المنطقة كوجهة للتكنولوجيا المالية.
وأفادت «ذي بانكر» بأن مشهد التكنولوجيا المالية في البلاد بعيد كل البعد عن الخمول، حيث أنتج مجموعة شركات ناشئة ناجحة في السنوات الأخيرة دون ضجة المراكز الإقليمية الأخرى، مبينة أنه ورغم أن اللوائح المحلية لتشجيع لاعبي الخدمات المالية الرقمية حلت أخيراً في مرتبة متأخرة عن الموجودة في دول أخرى، فإن اللوائح الجديدة الخاصة بالخدمات المصرفية الرقمية الصادرة عن بنك الكويت المركزي التي طرحها في فبراير تبشر بفجر جديد لمشهد التكنولوجيا المالية المحلية.
قواعد اللعبة
من ناحيته، قال حسام عيتاني من «إرنست آند يونغ»: «أحدثت اللوائح الجديدة المصدرة تغييراً بقواعد لعبة كل الخدمات المصرفية الرقمية، ومشهد التكنولوجيا المالية في الكويت بشكل عام. وأعتقد أننا سنشهد دفعة متسارعة وإصدار المزيد من اللوائح في التكنولوجيا المالية».
من ناحية أخرى، أضافت المجلة أن السنوات العشر الماضية شهدت موجة نشاط عبر المراكز المالية بالخليج في مجال التكنولوجيا المالية. إذ أطلق مركز دبي المالي العالمي برنامج تسريع «FinTech Hive» في 2017، فيما أطلقت البحرين حاضنة «FinTech Bay»، وفي 2018 أطلق سوق أبوظبي العالمية مختبراً لتجربة وتنظيم التقنيات المالية.
وحذت الكويت حذو هذه الدول في العام نفسه، حيث أعلن «المركزي» عن إطار عمل البيئات التجريبية الرقابية (sandboxes) بالشراكة مع البنوك المحلية، ما يمكّن المشاركين من اختبار خدمات جديدة بمتطلبات رقابية وتراخيص ميسرة.
وفيما تم إدراج 4 شركات على أنها تخرجت «من البيئة التجريبية الرقابية على الموقع الإلكتروني لـ(المركزي)، فإنه مع ذلك، يتضاءل مثل هذا النشاط بالمقارنة مع المنافسين الإقليميين، ومع تخريج (FinTech Hive) لـ44 شركة في 2021 وحده».
مراكز عالمية
وفي المؤشر العالمي للتكنولوجيا المالية لعام 2021 الذي تصدره شركة «findexable»، احتلت الكويت المرتبة 238 بين 264 مركزاً حول العالم والأخيرة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجاءت بالمركز 108 في مؤشر المراكز المالية العالمية الذي أصدرته «Long Finance» لعام 2021، أي أقل من أي مركز آخر خليجياً، فيما تسير تحديات التكنولوجيا المالية في البلاد بالتوازي مع تصورها كمركز مالي.
ومع ذلك، بخلاف برامجها الرسمية، شهدت الكويت ولادة عدد من الشركات الناشئة الناجحة في مجال التكنولوجيا المالية. وتشمل هذه الشركات مزودي المدفوعات «Tap» و«MyFatoorah» و«UPayments» والتي تخرجت من برنامج التسريع في «Qatar FinTech Hub» عام 2020، إضافة إلى مجمع الخدمات المالية الرقمية «FinFirst».
وجاء النشاط الأكثر إثارة للاهتمام في مجال التكنولوجيا المالية خارج قطاع البنوك، من شركات الاتصالات الثلاث، وهي «زين» و«Ooredoo» و«stc».
خدمات مالية
ويقول عيتاني: «قامت (زين)، على وجه الخصوص، بعمل رائع، إذ لم تتعامل فحسب مع شركات التكنولوجيا المالية، وإنما أيضاً دخلت مجال الخدمات المالية».
وأطلقت «زين» التي تنشط في 7 دول في الشرق الأوسط وأفريقيا، خدمات مالية بأوصاف مختلفة عبر نطاق تواجدها، بما في ذلك القروض الصغيرة في السعودية، والمحافظ الرقمية في العراق والأردن، وعلى أمل إطلاق خدمات في الكويت والبحرين والسودان هذا العام.
وبحسب «زين»، نمت قاعدة عملاء الخدمات المالية الرقمية من 372 ألفاً نهاية 2019 إلى 1.54 مليون في ديسمبر 2021.
وكانت شركة أجيليتي من أوائل الشركات في الدولة التي أعربت عن اهتمامها بالحصول على ترخيص جديد، حتى قبل نشر تعليمات الترخيص من قبل «المركزي».
لاعبون جدد
ولفتت «ذي بانكر» إلى أن دخول لاعبين جدد سيجبر البنوك التقليدية على زيادة الاستثمارات في خدماتها ومنتجاتها الرقمية، لكنها لا ترجح تأثر نماذج الأعمال للشركات القائمة في البلاد بشكل سلبي.
وقبل منح أول تراخيص مصرفية رقمية في البلاد، حذا بنك الكويت الوطني حذو البنوك الخليجية مثل بنك الإمارات دبي الوطني وبنك الخليج الدولي بإطلاقه البنك الرقمي المستقل «وياي» في نوفمبر 2021، الذي يستهدف العملاء الكويتيين الشباب، والمتمرسين رقمياً، في محاولة لاستباق تأثير اللاعبين الجدد.
من جهته، قال نائب الرئيس التنفيذي لـ«الوطني» سليمان المرزوق، لـ«ذي بانكر»، إن «(وياي) حاز بالفعل على اهتمام استثنائي بقطاع الشباب للحسابات الجديدة، وتجاوز البنك أهدافه الأولية لشهر أغسطس بحلول نهاية فبراير».
من ناحيته، يقول الرئيس التنفيذي لشركة المركز المالي علي خليل: «بالنظر إلى مجموعة الفرص التي يجب توفيرها، سيظل تركيز البنوك التقليدية على الخدمات المصرفية الأساسية الأكثر ربحية والقدرة على رقمنة الخدمات من خلال البنوك الرقمية، بينما تركز الكيانات غير المصرفية بشكل أكبر على الجوانب المصرفية غير الأساسية مثل التحويلات والصرف الأجنبي والاستثمارات».
الكويت من أولى الدول التي يصبح فيها الطموح حقيقة
أفادت «ذي بانكر» بأنه يُرتقب أن تكون الكويت واحدة من أولى الدول التي يصبح فيها الطموح حقيقة.
وأوضحت أنه في حين أن مؤهلات الكويت في مجال التكنولوجيا المالية قد لا ترقى إلى مستوى منافسيها، أحرزت الدولة تقدماً قوياً في نظام ترخيص الخدمات المصرفية الرقمية، وضعها جنباً إلى جنب مع البحرين والسعودية، ويمكن القول إنها متقدمة على الإمارات.وأوضحت أنه رغم أنها شهدت إطلاق أول بنوكها الرقمية، إلا أنها لم تصدر حتى الآن برنامج ترخيص رسمي للاعبين الجدد.