أعلن صندوق النقد الدولي في بيان صحافي اختتام مشاورات عام 2021 مع الكويت بموجب المادة الرابعة من اتفاقية إنشاء الصندوق، حيث قال الصندوق ان السلطات الكويتية استجابت على نحو سريع وحازم إزاء جائحة كورونا، وذلك من خلال فرض قيود التباعد الاجتماعي وانتهاج مجموعة من التدابير الداعمة في إطار السياسة المالية والنقدية.
ووفقا لتقييم المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، فقد اتسمت الإجراءات التي اتخذتها السلطات الكويتية بسرعة الاستجابة والحزم إزاء جائحة كورونا، فضلا عن تحقيق معدلات تطعيم مرتفعة ضد فيروس كورونا في عام 2021، ما ساهم في تعافي الاقتصاد تدريجيا.
ضبط المالية العامة
على الرغم من ارتفاع أسعار النفط العالمية وانعكاساتها الإيجابية على الإيرادات النفطية والدفع بعجلة النمو، قال الصندوق ان أجواء عدم اليقين لاتزال تهيمن على التوقعات، الأمر الذي يتطلب قيام السلطات الكويتية ببذل المزيد من الجهود في سبيل مواجهة التحديات المرتبطة بالاعتماد الكبير على قطاع النفط وتحقيق الاستدامة المالية.
وقال الصندوق: «يتعين ضبط أوضاع المالية العامة لتعزيز الاستدامة المالية وتحقيق المساواة بين الأجيال، فعلى صعيد زيادة الإيرادات العامة ينبغي النظر في مدى إمكانية تطبيق ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية، والتوسع في نطاق ضريبة الدخل على الشركات لتشمل الشركات المحلية، وتطبيق ضريبة الممتلكات بغرض زيادة الإيرادات الحكومية».
أما على جانب الإنفاق العام، قال الصندوق انه يتعين تقليص فاتورة الأجور بالقطاع العام والدعوم والمزايا الاجتماعية، وإقرار قانون الدين العام الجديد ووضع أطر مالية قوية متوسطة الأجل، وإرساء ركائز مالية واضحة للحد من مخاطر السياسات المسايرة للدورات الاقتصادية، وتعزيز المصداقية وتقليص المخاطر المالية، وتحسين القدرة على إدارة الصدمات المعاكسة.
النظام المصرفي
وأكد الصندوق أن سياسة ربط سعر صرف الدينار بسلة من العملات تبقى ملائمة للاقتصاد الكويتي كونها تقدم دعامة فعالة للاستقرار النقدي، ويتسم النظام المصرفي بالكويت بالمتانة، كما أن بنك الكويت المركزي ينتهج سياسات رقابية حصيفة.
وفي ظل أجواء عدم اليقين حول التوقعات، يتعين استمرار العمل على تقييم جودة الأصول المصرفية والتدابير المصاحبة لدعم احتياطيات رأس المال والسيولة بما يسهم في تحقيق مرونة النظام المالي.
ومن شأن تخفيف سقف أسعار الفائدة على القروض التجارية وتعزيز البنية التحتية للمعلومات الائتمانية، أن يسهم في تحسين النفاذ إلى التمويل، بما في ذلك الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، فضلا عن مواصلة بذل الجهود في سبيل تعزيز أطر مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقال الصندوق ان هناك حاجة لتنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية بشكل تدريجي، وبما يشمل شبكات الأمان الاجتماعي وسوق العمل والأطر التنظيمية وبيئة الأعمال، بغرض تنويع مصادر الدخل وتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص.
وأوضح أنه يجب الأخذ بالاعتبار معالجة القضايا ذات الصلة بالتحديات المناخية، بما في ذلك دعم البنية التحتية الخضراء، وتعزيز المعايير الخاصة بكفاءة استخدام الطاقة، حيث يشير المديرون إلى أن إنفاذ استراتيجية مكافحة الفساد أمر غاية في الأهمية لتعزيز الحوكمة وتحسين بيئة الأعمال.
توقعات النمو الاقتصادي
أشار صندوق النقد الدولي، إلى ان النمو في القطاعات غير النفطية بالكويت تعزز إلى ما يقدر بنحو 3.4% في عام 2021، ومن المتوقع أن يرتفع بشكل طفيف ليصل إلى نحو 3.5% في عام 2022 مدفوعا بتعافي النشاط الاقتصادي المحلي تدريجيا بالتزامن مع الاقتصاد العالمي.
وأضاف الصندوق أنه من المتوقع انتعاش الإنتاج النفطي بالكويت، وذلك عقب تخفيف قيود الإنتاج في ظل اتفاقية (أوپيك+)، وكمحصلة لذلك، فإنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد المحلي نموا بنحو 2.7% على المدى المتوسط.
وفيما يخص معدلات التضخم بالسوق الكويتيين، قال الصندوق ان معدلات التضخم السنوية ارتفعت إلى 3.4% مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الغذائية وتكاليف الخدمات ذات الصلة بالسفر، ومن المتوقع أن يشهد معدل التضخم مزيدا من الارتفاع ليصل إلى نحو 4.4% في 2022، ليعكس الاضطرابات بسلسلة الإمدادات العالمية، قبل أن ينخفض إلى 2.4% على المدى المتوسط.
اتساع عجز الميزانية
وحول عجز الميزانية الكويتية، قال الصندوق إن عجز الموازنة العامة (بحساب دخل الاستثمارات الحكومية) ارتفع إلى 16.6% من الناتج المحلي الإجمالي بالسنة المالية 2020/2021، ليعكس اتساع العجز انتهاج السلطات لتدابير التحفيز المالي لمواجهة تداعيات كورونا، بالإضافة لتراجع الإيرادات النفطية 13.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وأيضا النشاط الاقتصادي.
أشار الصندوق إلى انه في ظل غياب كل من قانون الدين العام الذي يتيح للسلطات المحلية الاقتراض، والقوانين التي تسمح للحكومة بالسحب من صندوق احتياطي الأجيال القادمة، فقد اعتمد تمويل الإنفاق على السحب من الأصول السائلة لصندوق الاحتياطي العام. وتوقع أن يحقق رصيد الموازنة العامة (بحساب دخل الاستثمارات الحكومية) فائضا تصل نسبته إلى 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 21/2022 مدعوما بارتفاع الإيرادات النفطية، إلى جانب تقليص الإنفاق العام والذي تم الإعلان عنه في شهر أغسطس 2021. وأيضا بدعم من الارتفاع الملحوظ في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي على إثر ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية والذي أدى بدوره إلى ارتفاع معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي. هذا، ومن المتوقع أن يرتفع الفائض في الحساب الجاري ليصل إلى نحو 16.1% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، مدفوعا بارتفاع الصادرات النفطية.
البنوك اجتازت الأزمة بشكل جيد
قال صندوق النقد إن القطاع المالي الكويتي اجتاز الأزمة بشكل جيد، نظرا لتمتع البنوك بمعدلات رسملة مرتفعة وسيولة وفيرة، حيث بلغت نسبة كفاية رأس المال بالقطاع المصرفي 18.6% في الربع الثالث من 2021، ما يفوق الحد الأدنى المطلوب، مع بقاء معدل صافي القروض غير المنتظمة بعد خصم المخصصات المحددة منخفضا، في حين أن المخصصات مرتفعة.
تأخر الإصلاحات المالية.. قد يقوض ثقة المستثمرين
أشار الصندوق إلى أن أجواء عدم اليقين لاتزال تهيمن على التوقعات، حيث يفرض الانتشار السريع لمتغير أوميكرون تحديات عالمية جديدة للسيطرة على الوباء، وقد يتسبب التأخير في الإصلاحات المالية والهيكلية إلى زيادة مخاطر السياسات المالية المسايرة للدورات الاقتصادية، وتقويض ثقة المستثمرين بالاقتصاد الكويتي، وإبطاء التقدم نحو تحقيق مزيد من التنويع الاقتصادي والتنافسية، وتعزيز الضغوط الاجتماعية، وسيكون لتقلبات أسعار النفط العالمية انعكاسات كبيرة على كل من التوقعات وأداء الاقتصاد الكلي.
وتابع الصندوق، سيؤدي حدوث انتعاش أقوى في النشاط الاقتصادي العالمي عما كان متوقعا، إلى تعزيز الإيرادات النفطية، وهذا من شأنه أن يقلل من المخاطر إزاء التوقعات، ومن الممكن أن يسهم حل الجمود السياسي وضبط أوضاع المالية العامة إلى تحسين ثقة المستثمرين بشكل كبير.
