ليس بسبب الراتب فقط .. لماذا يترك الموظفون أعمالهم؟
ترك نحو 69 مليون شخص في الولايات المتحدة الأمريكية وظائفهم العام الماضي، وفي حين يعتقد كثيرون أن السبب وراء ترك الموظفين لعملهم أنهم وجدوا شركات أخرى على استعداد لمنحهم رواتب أكبر، إلا أن الراتب في الحقيقة لم يكن العامل الوحيد الذي دفع كل أولئك الموظفين لترك عملهم، بل أن هناك عوامل أخرى.
ولتحديد هذه العوامل أجرى “جيم هارتر” رئيس الباحثين في مجال بيئة العمل لدى “جالوب” بحثاً، لفهم ما يحدث في بيئة العمل، ولمساعدة أصحاب الشركات على تحديد أسباب استقالة الموظفين.
المشكلة الأكبر
– يؤكد “هارتر” أن الرواتب مهمة؛ إذ قال 64% من الباحثين عن عمل إن الرغبة في كسب المزيد من الأموال تمثل دافعًا ومحركًا مهمًا للبحث عن وظيفة أخرى.
– لكن على الجانب الآخر يقول “هارتر” إن ثلثي الأسباب وراء ترك الموظفين لوظائفهم في 2021، يرجع إلى مشكلات تتعلق بمشاركتهم في العمل بشكل عام.
– وقد أظهر بحث “جالوب” أن 42% من أسباب استقالة الموظفين متعلقة بما يشعر به الموظفون تجاه مديريهم والثقافة التنظيمية.
– وتتراجع مشاركة الموظفين في العمل عندما يشعرون بأنهم لا يتطورون (يزدهرون)، أو لا يعُاملون بتقدير أو احترام.
– وبالنسبة للرفاهية فالأمر يتعلق بما إذا كان الموظفون يشعرون بالتوازن بين العمل والحياة الشخصية، ومدى قدرتهم على العمل عن بُعد ولو في أيام معينة.
– ويؤكد “هارتر” أن تحقيق التوازن بين العمل والحياة عامل مهم ومؤثر في اتخاذ قرار بترك العمل في مكان ما والذهاب إلى شركة أخرى.
– وتحتاج الشركات إلى فهم أهمية هذا العامل، إذا ما أرادت تقليل الدوران الوظيفي.
– ومن أجل فهم أسباب ترك الموظفين لعملهم بالتفصيل، طُلب من الموظفين خلال البحث الذي أجرته مؤسسة “جالوب” منح أنفسهم درجات تتراوح بين صفر إلى عشرة في خمسة مجالات رئيسية في حياتهم.
– ضمن ذلك حياتهم المهنية، والاجتماعية، والاستقرار المالي، والصحة البدنية، والتواصل مع الآخرين.
– ويعتبر أي شخص يمنح نفسه سبع درجات أو أكثر “مزدهراً”، بينما أولئك الذين يمنحون أنفسهم أربع درجات أو أقل يتم اعتبارهم “يعانون”، أما الموظفون الذين يمنحون أنفسهم درجات في المنتصف بينهم يُصنفون على أنهم “يكافحون”.
– وخلص البحث إلى أن الموظفين الذين يكافحون أو يعانون في حياتهم يزيد معدل تركهم للعمل على الضعف مقارنة بالموظفين المزدهرين.
– ومن ثم يجب أن يكون هدف الشركات أن تزيد نسبة الموظفين المزدهرين لديها، وأن يقل عدد الموظفين الذين يعانون أو يكافحون.
عامل “العمل عن بعد”
– فرضت جائحة كورونا على معظم الموظفين والشركات مفهوم “العمل عن بُعد”، ووجد الكثير من الموظفين أن ذلك أفضل بالنسبة لهم من إهدار الوقت والطاقة في الذهاب للعمل يومياً.
– ويؤكد “هارتر” أن رغبة الموظفين في وجود جدول عمل مرن زادت بشدة بعد جائحة كورونا.
– ومن ثم يجب على الشركات- إذا ما أرادت الاحتفاظ بموظفيها- تلبية هذه الحاجة، وتقديم خيارات أكثر مرونة للموظفين بشأن مكان ووقت عملهم، طالما أنهم ينجزون العمل.
– قال 84% من المشاركين في استطلاع للرأي شمل 10 آلاف شخص يعملون في قطاعات التمويل والتكنولوجيا والطاقة، إنهم يريدون العمل عن بُعد لمدة يومين أو أكثر في الأسبوع.
– وترى مؤسسة “جالوب” أن جدول العمل المختلط يمنح الموظفين قدراً أكبر من الاستقلالية، والتي تؤدي إلى ازدهارهم في النهاية.
– ومن المهم أن يساعد المديرون الموظفين في إعداد جداول العمل التي تناسبهم، من خلال طرح ثلاثة أسئلة عليهم.
– يتضمن ذلك “كيف يمكن تنفيذ العمل بشكل أكثر فاعلية؟”، “ما الأشياء التي تساعد على تحقيق أفضل ثقافة عمل والمزيد من التعاون بين أعضاء الفريق؟”، “كيف يمكن تلبية احتياجات العملاء على أفضل وجه؟”.
– يؤكد “هارتر” أن الموظفين أصبحوا مدركين الآن أنهم ليسوا في حاجة للتواجد في المكتب كل يوم ليكونوا منتجين، وإذا لم يدرك المديرون ذلك فسوف تكون شركاتهم معرضة لخطر فقدان الموظفين.
مشكلة الإدارة
– أكد “هارتر” أيضًا أن العديد من المديرين يفتقرون إلى القدرة على أداء وظائفهم بفاعلية، خاصة في حالة عمل الموظفين عن بُعد.
– وقد حددت “جالوب” المهارات الأساسية التي يجب أن تتوافر في المديرين، والتي تشمل مساعدة الموظفين على تحديد أهداف واضحة، ومعرفة الأشياء المهمة لكل موظف، والتواصل مع الموظفين كل على حدة مرة واحدة في الأسبوع.
– كما يجب أن يكون المديرون موضوعيين عند التعليق على أداء الموظفين، وأن يمدحوا الموظفين عندما يحققون إنجازًا، وأن تكون لديهم القدرة على تدريب الآخرين بفاعلية.
– ويتمثل التحدي الذي يواجه الشركات الآن في وضع الأعباء التي تقع على عاتق المديرين في اعتبارها، والتأكد من حصولهم على الوقت الكافي لأداء المهام المهمة.