«المقارعة» تحلّ محل «المقاومة» وتوقّع جلسة انتخاب رئاسة «النواب» الثلاثاء
غابت كلمة «المقاومة» عن الخطب الرسمية للمسؤولين اللبنانيين بمناسبة ذكرى تحرير الجنوب التي حلت أمس، بما فيهم تغريدة رئيس الجمهورية ميشال عون على تويتر، والتي ضمنها دعوة اللبنانيين إلى «وحدة الصف التي أثبتت جدواها، وكانت قادرة على مقارعة آلة العدو العسكرية»، معتبرا «أنها وحدة قادرة على إنقاذ لبنان».
وربما هي المرة الأولى منذ العام 2000 تحل كلمة «المقارعة» محل «المقاومة» في خطب وتغريدات المسؤولين اللبنانيين الرسميين، دون الأخذ بعين الاعتبار ردود فعل الممانعين وفي مقدمتهم حزب الله، الذي تحدث أمينه العام السيد حسن نصرالله عن هذه المناسبة أمس. وقد دعا النائب المنتخب عن دائرة جزين سعيد الأسمر السلطة إلى «السهر على ثلاثية جيش وشعب ودولة».
عمليا انتخاب رئيس لمجلس النواب مع نائبه وهيئة مكتبه مازالت الشغل الشاغل للوسط السياسي في لبنان، ومع انه لم تظهر بوادر أو مؤشرات على موعد إجراء هذه الانتخابات، ولو ان المصادر المتابعة توقعت لـ «الأنباء» ان يكون الثلاثاء المقبل.
وتقول مصادر مقربة من عين التينة، مقر الرئيس نبيه بري المرشح الوحيد ورئيس السن، ان النواب الجدد والتكتلات النيابية مازالت في مرحلة القراءة والمتابعة، وفي التوقيت المناسب تكون الجلسة.
ومع تلقي بري وعد كتلة اللقاء الديموقراطي بانتخابه، فضلا عن نواب آخرين، فإنه قد يحصل على 65 صوتا، وليس أقل، كما تردد.
في هذه الأثناء، يتقاطر النواب على المجلس النيابي للحصول على لوحات زرقاء لسياراتهم، ولحجز مكاتب لهم داخل المجلس، وشكا معنيون في المجلس من تزاحم بعض هؤلاء النواب على لوحة أرقام سيارة الرئيس سعد الحريري، وعلى مفتاح مكتبه في المجلس، إلى درجة إرباك عملية التوزيع.
فرحة اللبنانيين بنتائج انتخاباتهم لم تعمر طويلا، وما بين خطة التعافي الاقتصادي التي فجرت الخلاف بين الحكومة وجمعية المصارف، وبين رئيس حكومة تصريف نجيب ميقاتي ووزير طاقته وليد فياض، من تباينات وبيانات حول خطة الكهرباء فحدث ولا حرج.
بعد الانتخابات انشغل الفائزون بإحصاء حواصلهم وأرقامهم، فيما جيوب اللبنانيين تنضب، لا محاصيل ولا حواصل، نتيجة استفراد الدولار الأميركي بالليرة في غفلة من نواطيرها وخزنتها، وليتجاوز سقفه 34 ألف ليرة للدولار الواحد، ما يوحي بأننا ذاهبون إلى حيث سبقنا البوليفار الفنزويلي الحزين، بينما الحكومة تتلطى خلف جدار تصريف الأعمال، ومجلس النواب في نقاهة ما بعد الولادة، ونوابه منشغلون بتقبل التهاني والتبريكات، وتخطت صفيحة البنزين الـ 600 ألف ليرة والمازوت 700 ألف، وبقيت الكهرباء بعيدة المنال منذ وعد جبران باسيل للبنانيين بكهرباء 24 ساعة، و«كهربت» المناقصة التي سحبها وزير الطاقة وليد فياض من جدول أعمال آخر جلسة لمجلس الوزراء العلاقة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والفريق الرئاسي، حيث بدا للمكتب الإعلامي لرئيس الحكومة ان ثمة من أملى على فياض هذا القرار.
وبمعزل عن بيانات وزير الطاقة وليد فياض الذي لم يظهر يوما منذ تشكيل الحكومة أي طاقة، سوى التوقيع على ما يكتبه طاقم الوزارة التابع لباسيل، فإن لب المشكلة في أمرين: الأول عدم لحظ الخطة إقامة معمل لإنتاج الكهرباء في منطقة سلعاتا البترونية حيث معقل رئيس التيار الحر، والثاني يرد سحب الوزير للمشروع الذي يحظى برضا رئيس الحكومة، إلى رفض ميقاتي محاولة لتمرير بند على جدول أعمال آخر جلسة لمجلس الوزراء يتناول قائد الجيش العماد جوزيف عون لحسابات تتصل برئاسة الجمهورية العتيدة، على ما أشارت قناة «الجديد».
وهنا يطرح السؤال نفسه: هل بلغ لبنان مرحلة «الارتطام الكبير» الذي وعد ببلوغه بعد الانتخابات، في ظل التدهور المريع لسعر الليرة والارتفاع الفظيع للدولار وسط موجة اضطرابات قد تتطور إلى اضطربات اجتماعية وإلى أبعد من ذلك، مع حديث اللواء عباس إبراهيم، المدير العام للأمن العام، عن محفوفية المرحلة المقبلة بالمخاطر العسكرية.
خبراء اقتصاديون يردون ثورة الدولار إلى شح العرض مقابل ازدياد الطلب، فخلال الانتخابات سجل الدولار تدفقات واسعة، مع دخول الصوت الانتخابي السوق السوداء، ومع إغلاق هذا السوق، تبعا لانتهاء العملية الانتخابية، تقلص حجم تدخل مصرف لبنان في سوق الدولار، وازداد طلب التجار والمستوردين، فكانت النتيجة ما حصل.