بيرلوسكوني وبوتين.. صداقة ترمز للعلاقات الإيطالية ـ الروسية
يجد سيلفيو بيرلسكوني صعوبة في قطع علاقته بصديقه ڤلاديمير بوتين بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، مثل كثر آخرين في إيطاليا التي نسجت علاقات وثيقة مع موسكو على مر الزمن.
ويعكس تحفظ رئيس الوزراء الايطالي الأسبق عن توجيه انتقادات لسيد الكرملين بشكل واضح الصعوبات التي يواجهها القادة السياسيون الآخرون في شبه الجزيرة لإنهاء هذه العلاقة الخاصة.
وتواجه بعض وسائل الإعلام اتهامات بالعمل كمنبر للدعاية الروسية.
يدعم رئيس الوزراء الايطالي الحالي ماريو دراغي ذو الميول الأطلسية والقناعات الأوروبية الراسخة العقوبات المفروضة على موسكو ويسعى في الوقت نفسه لتقليل اعتماد روما على الغاز الروسي.
وبمبادرة منه، أعطى البرلمان الإيطالي الضوء الأخضر لإرسال أسلحة إلى أوكرانيا، لكن عددا من الأحزاب الأعضاء في ائتلافه الحكومي تبدي تحفظا بسبب صلاتها بموسكو، وهي «إلى الأمام إيطاليا» (فورتسا ايتاليا) بقيادة برلسكوني وحزب «الرابطة» السيادي المناهض للهجرة بقيادة ماتيو سالفيني وحركة «5 نجوم».
وبالعودة إلى الماضي، كان الحزب الشيوعي الإيطالي الأقوى في العالم الغربي واستثمر عددا من الشركات الإيطالية في الاتحاد السوفييتي في ستينيات القرن الماضي وبالعكس.
وقبل شهر واحد فقط من الهجوم الروسي في فبراير أمضى بوتين ساعتين في مؤتمر عبر الهاتف مع رجال الأعمال الإيطاليين.
وترصد وسائل الإعلام بدقة تصرفات وتحركات بيرلسكوني (85 عاما) وموقفه من بوتين على الرغم من أنه غادر السلطة منذ أكثر من عشر سنوات.
وبما أنه كان معجبا جدا بالرئيس الروسي عندما كان في السلطة، أقام الرجلان علاقة صداقة شخصية وأمضيا عطلا معا والتقطت لهما صور يظهران في واحدة منها وهما جالسين جنبا إلى جنب ويعتمران قبعتين ضخمتين من الفراء.
في الأشهر التي سبقت النزاع واصل بيرلسكوني إظهار قربه من ڤلاديمير بوتين وأشار إلى محادثة «طويلة وودية» معه بمناسبة ليلة رأس السنة الجديدة.
ورأى برلوسكوني في نابولي مؤخرا أن «على أوروبا (…) محاولة إقناع أوكرانيا بقبول طلبات بوتين»، قبل أن يتراجع على الفور ويصدر بيانا يدعم فيه كييڤ.
وقال جيبيلي إن «قطع العلاقات مع بوتين مكلف لبيرلسكوني»، إذ «سيكون عليه التخلي عن جزء من صورته، وهذا يعادل التخلي عن جزء منه شخصيا».
من جهته وبعدما التقطت له صور في الماضي وهو يرتدي قمصانا عليها عبارات مؤيدة لبوتين، دعا ماتيو سالفيني إلى الامتناع عن تسليم أوكرانيا أسلحة.
وكشف تحقيق أجرته مجلة «ليسبريسو» الأسبوعية ونشرته أن من بين 600 رسالة نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي منذ 24 فبراير، امتنع سالفيني عن ذكر اسم بوتين قبل أن يفعل ذلك أخيرا للمرة الأولى الاسبوع الماضي.
في الوقت نفسه، يتحدث عدد من المؤيدين لروسيا على شاشات التلفزيون في البرامج الحوارية الشعبية جدا في إيطاليا حيث تمثل«واحدة من أهم الوسائل الإخبارية» للجمهور العريض على حد قول روبرتا كارليني الباحثة في مركز تعددية وسائل الاتصال وحرية الصحافة في المعهد الجامعي الأوروبي في فلورنسا.
وهي تحذر من ميلهم إلى «حجب الحقائق».
وفتحت لجنة برلمانية تحقيقا في نشر «معلومات مضللة» ضد شبكة «راي» الإعلامية الإيطالية العامة المسيسة جدا، بناء على شكاوى حول الحضور المتكرر لضيوف روس في البرامج الحوارية.
وتواجه المجموعة الإعلامية العملاقة «ميدياست» التي تضم قنوات عدة يملكها بيرلوسكوني مشاكل بعد بثها مقابلة مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لاڤروڤ تمكن فيها من التعبير عن آراء مثيرة للجدل من دون أن يواجه بأي رأي معاكس.
ودافعت «ميدياست» عن نفسها بالقول إن الصحافة تتعلق بالاستماع إلى الآراء «حتى الأكثر إثارة للجدل».