«معركة الأعلام» فصل جديد من فصول النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين
في وسط بلدة حوارة في الضفة الغربية المحتلة، يقف جنود إسرائيليون بالقرب من عمود كهرباء يرفرف فوقه علم فلسطيني. يقفز فجأة إسرائيلي من سيارته وينقض على العلم فينزله ويمزقه أمام أعين فلسطينيين غاضبين وجنود لم يحركوا ساكنا.
وقال ظافر الصايغ الذي يملك محلا تجاريا في المنطقة «سقط العديد من الشهداء من أجل هذا العلم، ولا يمكن القبول بإنزاله» في بلدة تقع على أطراف الطريق الواصل إلى مدينة نابلس والذي يستخدمه مستوطنون إلى جانب الفلسطينيين.
وكتبت أسماء غالبية المحال التجارية في حوارة باللغتين العبرية والعربية، إذ شهدت البلدة خلال سنوات علاقة تجارية بعيدة عن توترات النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
لكن منذ مدة، بدأت «حرب أعلام» بين الطرفين. إذ بات مستوطنون يعيشون في مستوطنات غير قانونية قريبة، يدخلون بشكل متكرر إلى البلدة وضواحيها لإزالة أعلام فلسطينية ورفع أعلام إسرائيلية مكانها، ما يثير غضب السكان ويؤدي إلى مواجهات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي.
وفي إطار «حرب الأعلام» هذه التي تشكل فصلا جديدا من فصول النزاع، أقر البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قبل ايام قانونا يحظر رفع العلم الفلسطيني داخل اسرائيل.
في حوارة، يقول الفلسطينيون إن الجيش الاسرائيلي الذي يتمركز بشكل مكثف في البلدة يقف متفرجا ويراقب، رافضا التدخل ووقف «استفزازات» المستوطنين.
وأغلق الجيش الطرق الفرعية في البلدة بأكوام من التراب والأنقاض، ويقوم بدوريات في الشوارع الخلفية سيرا على الأقدام.
ويقول رئيس بلدية حوارة السابق وجيه عودة لوكالة «فرانس برس»: «صادروا العلم الفلسطيني»، مضيفا «بالنسبة لنا، العلم الفلسطيني رمز. يعني كل شيء ويعني كرامتنا، ويعني حقنا في الدفاع عنه ضد الإسرائيليين».
«علم دولة معادية»
في القدس الشرقية أيضا التي احتلتها اسرائيل في 1967، يمثل العلم مشكلة.
في جنازة الصحافية في قناة الجزيرة شيرين أبوعاقلة، التي قتلت خلال تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم جنين في الضفة الغربية، هاجمت الشرطة الإسرائيلية المشيعين لإجبارهم على نزع علم لف به النعش. وانتشرت لقطات مصورة للشرطة الإسرائيلية وهي تضرب حاملي النعش الذي كاد يسقط ارضا، وتلاحق حشود المعزين الذين رفعوا الأعلام الفلسطينية.
وفي مشهد نادر، رفع آلاف الفلسطينيين العلم الفلسطيني في شوارع البلدة القديمة في القدس.
الاسبوع الماضي، سار عشرات الآلاف من الإسرائيليين في «مسيرة الأعلام» السنوية عبر شوارع البلدة القديمة نفسها التي غمرها اللونان الأزرق والأبيض بمناسبة ذكرى احتلال إسرائيل في 1967 للقطاع الشرقي من المدينة.
وتقول د.لورا وارتون العضو الليبرالي في بلدية المدينة لوكالة «فرانس برس»: «رفع العلم الفلسطيني في القدس أمر غير قانوني والشرطة تقوم باعتقالات على أساس أن الأعلام تستخدم للاستفزاز».
ووصفت حملة الشرطة القمعية على الأعلام بأنها محاولة من اليمين الإسرائيلي المتطرف «لاختراع استفزازات حيث لا توجد أي استفزازات». وتم طرح مشروع قانون على الكنيست اقترحه العضو في حزب الليكود اليميني إيلي كوهين لاعتبار العلم الفلسطيني على أنه ألوان دولة معادية.
وينص مشروع القانون الذي نشر على موقع البرلمان على الإنترنت على أن «التلويح بعلم أولئك الذين لا يعترفون بدولة إسرائيل أو يمثلون خطرا وجوديا، خط أحمر يجب عدم تجاوزه ويختلف عن الاحتجاجات المشروعة».
وقال كوهين على تويتر «حان الوقت لإنهاء التحريض على الكراهية بتعزيز سيادتنا»، واضاف أن «أي شخص يشعر أنه فلسطيني سيحصل على كل المساعدة التي يحتاج إليها في رحلة ذهاب فقط إلى غزة».
ويخضع قطاع غزة الفلسطيني الذي تسيطر عليه حركة حماس لحصار إسرائيلي منذ 2007. وتواجهت حماس ودولة الاحتلال في أربع حروب منذ 2008.
وتقول وارتون «لسنا في حالة حرب مع السلطة الفلسطينية. على العكس وقعنا اتفاقات أوسلو للسلام معها ونحن نشهد حاليا دوامة» استخدام العلم.
ونجح الفلسطينيون خلال «مسيرة العلم الاسرائيلي» في لفت الانظار من خلال تحليق طائرة بدون طيار صغيرة تحمل العلم الفلسطيني فوق البلدة القديمة للقدس قبل أن تعيدها الشرطة إلى الأرض.ش