بعد فتح أبواب السينما.. مخرجو السعودية يحلمون بالعالمية
تحت قبة مبنى فخم بمدينة الظهران الشرقية، افتتح قبل أيام مهرجان أفلام السعودية بالمملكة الخليجية التي تسعى لأن تكون مركزا إقليميا لصناعة السينما.
وعلى الرغم من أن الدعم الحكومي الهائل لصناعة السينما في المملكة لم يبدأ إلا مؤخرا، لكن مهرجان أفلام السعودية دشن عام 2008 وافتتحت نسخته الثامنة، الخميس الماضي، بعد أن صار “جاذبا للانتباه” كما يقول المشاركون.
وتضمنت فعاليات المهرجان الذي يستمر حتى يوم 9 يونيو بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، عرضا لـ 80 فيلما يتنافسون في أربع فئات منها اثنتان للأفلام الطويلة والقصيرة وجائزة للفيلم الخليجي ومسابقة للسيناريو غير المنفذ.
يقول المخرج السعودي، عبدالعزيز آل سلطان، إن “المهرجان يزداد تنظيما وحجما وجلبا للانتباه مع زيادة حجم الأعمال المشاركة وعدد الأيام”.
وقال آل سلطان لموقع قناة “الحرة” إن “المهرجان ينمو ويحقق نجاحا متصاعدا دون أن يفقد هويته المعتادة”.
ومهرجان أفلام السعودية أحد برامج المبادرة الوطنية لتطوير صناعة الأفلام السعودية التي أطلقتها الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالدمام شرق المملكة.
“نضج أكبر”
يسعى المهرجان ليكون محركا لصناعة الأفلام ومعززا للحراك الثقافي في السعودية، وتوفير الفرص للمواهب المحلية من الشباب والشابات المهتمين في صناعة الأفلام والاحتفاء بأفضل الأعمال، بحسب موقع المهرجان على الإنترنت.
ويتفق الكاتب والمنتج، عبدالله عرابي، مع رأي المخرج آل سلطان بقوله إن “التطور كان واضح جدا وسوق الإنتاج أكبر مع دخول شركات كثيرة”.
وقال لموقع “الحرة” إن “مزيدا من الجوائز استحدثت مثل أفضل سيناريو يتم تنفيذه … المهرجان في الدورة الثامنة تطور كثيرا”.
وقبل 14 عاما أثناء سريان الحظر الديني على السينما في السعودية، تنافس في النسخة الأولى 44 فيلما قبل أن يتوقف المهرجان حتى عام 2015.
وتعليقا على الأعمال المشاركة في المهرجان، قال آل سلطان الذي يدخل المنافسة بفيلم “عز لمولانا السلطان” وهو عمل من إنتاج عرابي، إن “هناك نضج أكبر في السينما السعودية لدى الشباب”.
وتابع: “مهما كان عندنا هناك قوة مادية، فلا يوجد شيء مثل الجرعة الإبداعية ومحاولة ارتياد المناطق غير المأهولة من الإبداع وتجربة ألوان جديدة من القصص والحكايات … الجرعة الإبداعية هي العملة الأصعب”.
وفيلم “عز لمولانا السلطان” ينافس ضمن مسابقة أفضل عمل قصير وهو عمل خيالي يتحدث عن آخر ساعات مملكة غرناطة في الأندلس وحوار بين الملك وزوجته.
يرى عرابي الذي يشارك بعملين في المهرجان، من جانبه، أن هناك عدة “أعمال مميزة” تشارك بمختلف فئاتها مع ملاحظة التطور الكبير في صناعة الأفلام السعودية.
وبينما يؤكد آل سلطان أن “الدعم الحكومي مفيد جدا” للصناعة ويوفر “بيئة خصبة للإبداع”، شدد عرابي على أهمية هذا الدعم على اعتبار أن السعودية لا تزال في بداية الصناعة.
ويشرح عرابي قائلا: “نحتاج إلى هذا الدعم للانطلاق بشكل أسرع وتكون هناك فرص أكبر من خلال المشاركة بالأفلام القصيرة في المهرجانات لتساعدهم (الشباب السعودي) للعمل على أفلام طويلة تعرض في دور السينما ومنصات رقمية مثل نتفليكس وشاهد”.
“المنافسة العالمية”
ورفعت السعودية مؤخرا الحظر مؤخرا عن دور السينما، وسعت لاستقطاب أفلام هولوودية لتصويرها في المملكة، إضافة إلى دعم رسمي هائل للكوادر الوطنية.
وقبل أيام، أعلنت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض أنها تستعد لإطلاق أول برنامج بكالوريوس للسينما والمسرح على مستوى جامعات المملكة في العام المقبل.
وجاء برنامج بكالوريوس السينما والمسرح “لمواكبة تطوير القطاعات الثقافية والفنية والترفيهية التي تتضمنها رؤية المملكة 2030، وتنص عليها اتفاقية التعاون بين وزارة الثقافة ووزارة التعليم لتعزيز البرامج التعلمية والأنشطة الثقافية في قطاع التعليم”، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) على لسان عميد كلية الإعلام والاتصال، الأمير سعد بن سعود.
وكانت هيئة الأفلام السعودية التابعة لوزارة الثقافة أعلنت خلال الشهر الماضي على هامش مهرجان كان السينمائي عن تكفلها بنسبة 40 بالمئة من ميزانية الأفلام التي تصوّر على أراضيها وفق شروط معينة.
وتهدف تلك الخطوة لـ “جعل المملكة العربية السعودية وجهة عالمية لإنتاج الأفلام” حيث “سيساعد برنامج الحوافز على تمكين الكفاءات المحلية وجذب الخبرات العالمية ونمو قطاع الأفلام وعرض المواقع الخلابة وإبراز ثقافة المملكة إلى العالم”.
كما سبق للسعودية أن نظمت مهرجانا سينمائيا دوليا في جدة خلال السنوات الماضية. ويقام مهرجان البحر الأحمر الدولي هذا العام في مطلع ديسمبر المقبل.
ويرى المخرج آل سلطان أن هذا الدعم الحكومي “يشجع المنتجين والممولين للدخول في هذا السوق والمجال”.
وذهب عرابي إلى أبعد من ذلك بقوله إن السعودية اختصرت الخطوة الأولى لصناعة السينما في السنتين الماضيتين، لا سيما وأن البداية قد تستغرق 5 أعوام، وفق قوله.
ورجح أن تدخل الأفلام السعودية منافسة عالميا بعد 10 سنوات من الآن، قائلا: “عندها سيثق الجمهور بالفيلم السعودي في صالات السينما”.