الاتفاق النووي الإيراني من الانسحاب الأميركي حتى التوترات الجديدة
شهد الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني العديد من التطورات منذ الانسحاب الأميركي الأحادي الجانب منه عام 2018 وحتى تبني الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا في 8 الجاري انتقدت فيه عدم تعاون طهران بخصوص تقديم إجابات شافية عن وجود آثار يورانيوم في ثلاثة مواقع لم يعلن عنها من قبل. وفيما يلي أبرز هذه التطورات:
انسحاب ترامب من الاتفاق النووي
في مايو 2018 أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق الذي أبرمته إيران مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا)، بالإضافة إلى ألمانيا، وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران.
وأتاح اتفاق العام 2015 رفع جزء من العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها وعدم سعيها لامتلاك سلاح ذري، وهو ما تنفيه دائما.
وبعدما أعلنت الولايات المتحدة 12 شرطا أكثر صرامة للتوصل إلى اتفاق جديد، أعادت اعتبارا من أغسطس 2018 فرض عقوبات قاسية خصوصا على القطاعين النفطي والمالي الإيرانيين. دفع هذا الأمر شركات عالمية كبيرة إلى وقف نشاطاتها أو مشاريعها في إيران.
وقرر ترامب اعتبارا من مايو 2019، إنهاء الإعفاءات التي سمحت لثماني دول بشراء النفط الإيراني من دون تعريض نفسها للعقوبات الأميركية.
التخلي التدريجي عن الالتزامات
بدأت إيران في 8 مايو 2019 التراجع عن بعض التزاماتها سعيا للضغط على الدول الأوروبية التي ظلت ملتزمة بالاتفاق لمساعدتها على الالتفاف عليها وتقليص آثارها.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على «القطاعات الإيرانية للحديد والصلب والألمنيوم والنحاس».
وفي 26 سبتمبر 2019، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران أطلقت عملية تخصيب اليورانيوم في أجهزة طرد مركزي متطورة.
ومطلع نوفمبر 2019، أكدت طهران أنها باتت تنتج خمسة كيلوغرامات من اليورانيوم الضعيف التخصيب يوميا، قبل أن تعلن استئناف أنشطة التخصيب التي كانت مجمدة حتى ذلك الحين في منشأة فوردو على بعد 180 كيلومترا جنوب طهران.
وفي 18 نوفمبر 2019، أكدت الوكالة الدولية أن الاحتياطات الإيرانية من المياه الثقيلة تجاوزت الحد المسموح به في الاتفاق.
أجهزة طرد مركزي متطورة
في بداية يناير 2020، أكدت إيران التخلي عن «كل القيود المتعلقة بعدد أجهزة الطرد المركزي» بعد يومين من اغتيال اللواء في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي.وفي
15 فبراير 2020، أكدت طهران أنها مستعدة للعودة، جزئيا أو حتى كليا، عن الإجراءات التي اتخذتها في سياق تراجعها عن تنفيذ التزاماتها، إذا قدم الأوروبيون لها في مقابل ذلك فوائد اقتصادية.
وفي 31 مارس من العام نفسه، فعلت الدول الأوروبية للمرة الأولى آلية «إنستكس» للمقايضة التجارية لتسليم إيران معدات طبية. وتتيح هذه الآلية للشركات الغربية التجارة مع إيران من دون التعرض للعقوبات الأميركية.
ثم في 18 نوفمبر 2020، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران بدأت تشغيل «أجهزة طرد مركزي متطورة» نقلت أخيرا الى قسم تحت الأرض من منشأة نطنز، أبرز موقع لتخصيب اليورانيوم في وسط البلاد.
اما في الرابع من يناير 2021، فأعلنت إيران بدء إجراءات تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%.
محادثات لإنقاذ الاتفاق
في بداية أبريل 2021، بدأت في ڤيينا محادثات لمحاولة إنقاذ الاتفاق النووي دعيت إليها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر للمرة الأولى منذ تنصيب جو بايدن الذي قال إنه يريد العودة إلى الاتفاق.
لكن في 16 من الشهر نفسه، أعلنت إيران أنها «ستبدأ في تخصيب اليورانيوم إلى 60%»، بعد يومين من عمل «تخريبي» استهدف منشأة التخصيب في نطنز وحملت إسرائيل مسؤوليته.
وفي 5 أغسطس، أكد الرئيس الإيراني الجديد آنذاك ابراهيم رئيسي الانفتاح على «أي خطة ديبلوماسية» لرفع العقوبات، محذرا في الوقت نفسه من أن إيران لن تذعن أمام «الضغوط والعقوبات».
تسوية «وشيكة»
جاء الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في 24 فبراير 2022 ليتدخل في الملف بعدما حصلت إعلانات متفائلة بشأن اتفاق وشيك.
ففي 5 مارس 2022، طالبت روسيا، التي فرضت عليها عقوبات غربية، بضمانات أميركية بأن تعاونها المستقبلي مع إيران في مجال الطاقة النووية المدنية لن يتأثر بالعقوبات التي أقرت بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا. واتهمت موسكو على اثر ذلك بالسعي لعرقلة المفاوضات النووية الايرانية.
وفي 15 من الشهر ذاته، أكدت روسيا تلقيها الضمانات المطلوبة من واشنطن. وفي اليوم التالي، اعتبرت واشنطن أن الاتفاق «وشيك» بعد تسجيل عدة إشارات ايجابية.
وفي 16 مارس، كشفت إيران أن نقاط الخلاف المتبقية مع الولايات المتحدة في المباحثات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي تقلصت الى «موضوعين».
وفي 18 من الشهر نفسه، حثت إسرائيل الولايات المتحدة على عدم شطب الحرس الثوري الايراني من القائمة السوداء «للمنظمات الإرهابية الأجنبية»، متهمة إياه بـ «قتل الآلاف» الاشخاص.
طريق مسدود مجدداً
لفت المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في 22 مارس 2022 إلى أن «اتفاقا من هذا النوع ليس وشيكا ولا مؤكدا».
وفي 30 من الشهر نفسه، فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية على مزودين لبرنامج ايران للصواريخ البالستية، اثر هجوم في كردستان العراق تبناه الحرس الثوري الايراني.وفي
13 مايو الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي أن المفاوضات النووية التي كانت متوقفة مع ايران ستستأنف. وفي 25 منه، حذر الموفد الأميركي المكلف ملف المفاوضات النووية مع إيران روب مالي من أن فرص فشل محادثات إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني تتجاوز إمكانية نجاحها.
قرار يدين عدم تعاون إيران
في 8 الجاري، تبنى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأغلبية كبيرة في ڤيينا قرارا ينتقد إيران رسميا على عدم تعاونها، وهي الانتقادات الأولى لطهران منذ يونيو 2020.
وقبل تبني القرار كانت طهران قد بادرت إلى وقف عمل كاميرتين وضعتهما الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة أنشطتها النووية.
وفي 9 الجاري اعتبرت ايران قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية «سياسي وغير بناء». وأعلن مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي أن ايران أبلغت الوكالة بأنها «ستغلق 27 كاميرا» لمراقبة نشاطاتها النووية ردا على القرار الذي ينتقد عدم تعاونها.