” الأوقاف” تنتصر للرسول الكريم بخطبة الجمعة عن مناقبه الشريفة وأخلاقه العظيمة
عممت وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية خطبة الجمعة اليوم عن فضائل النبي الكريم سيدنا ” محمد ” ص” والدفاع عن مقامه الشريف ضد من طمس الله على اعينهم وقلوبهم .
ودعت الخطبة التي اعدتها لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة بقطاع المساجد بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية جموع الْمُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا أَنْ يَنْصُرُوا نَبِيَّهُمْ وَيُدَافِعُوا عَنْ حَبِيبِهِمْ وَشَفِيعِهِمْ وَصَفِيِّهِمْ.
وشددت الخطبة على ان من هولاء السفهاء من يَأْتُونَ بِالرُّسُومِ الْمُسِيئَةِ لِيُطْفِئُوا أَنْوَارَ النُّبُوَّةِ الْمُضِيئَةَ، وَبِالتَّغْرِيدَاتِ الْمَوْهُومَةِ لِيُشَوِّهُوا مَقَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَمَائِلَهُ الْمَعْلُومَةَ، وَيَتَعَمَّدُونَ الْإِسَاءَةَ بِالطُّعُونِ الْحَاقِدَةِ وَالْأَلْفَاظِ الْبَذِيئةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِيَنَالُوا مِنْ مَقَامِ نَبِيِّ الْمَرْحَمَةِ وَالْمَلْحَمَةِ، وَيُؤْذُوا مَشَاعِرَ مِئَاتِ الْمَلَايِينِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
واكدت خطبة الجمعة على أَنَّ سُنَّةَ اللهِ مَاضِيَةٌ فِي الْمُسْتَهْزِئِينَ، بِالِانْتِقَامِ وَالنَّكَالِ وَالْعَذَابِ الْمُهِينِ ]إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ [ [الحجر: 95]. وَمَا أَبْغَضَهُ أَحَدٌ وَانْتَقَصَهُ؛ إِلَّا قَطَعَهُ اللهُ تَعَالَى وَنَغَّصَهُ، ]إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ[ [الكوثر: 3]؛ أَيِ الْمَقْطُوعُ ذِكْرُهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وفيما يلي نص خطبة الجمعة …
خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 11 من ذي القعدة 1443هـ – الموافق 10 / 6 / 2022م
نُصْرَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [ال عمران: 102].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدِ امْتَنَّ عَلَى الْبَشَرِيَّةِ بِبِعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ( [آل عمران:164].
أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيرًا، فَخَتَمَ بِهِ الرِّسَالَةَ، وَهَدَى بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَعَلَّمَ بِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ، وَفَتَحَ بِرِسَالَتِهِ أَعْيُناً عُمْياً وَآذَاناً صُمًّا وَقُلُوباً غُلْفاً، فَأَشْرَقَتْ بِرِسَالَتِهِ الأَرْضُ بَعْدَ ظُلُمَاتِهَا، وَتَأَلَّفَتْ بِهَا الْقُلُوبُ بَعْدَ شَتَاتِهَا، فَأَقَامَ بِهَا الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، وَأَوْضَحَ بِهَا الْمَحَجَّةَ الْبَيْضَاءَ، وَشَرَحَ لَهُ صَدْرَهُ، وَوَضَعَ عَنْهُ وِزْرَهُ، وَرَفَعَ لَهُ ذِكْرَهُ، وَجَعَلَ الذِّلَّةَ وَالصَّغَارَ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ الْهُدَى وَالفَلَاحَ فِي اتِّبَاعِهِ وَمُوَافَقَتِهِ، وَالضَّلَالَ وَالشَّقَاءَ فِي مَعْصِيَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ.
وَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقُدْوَةٌ لِكُلِّ مَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ، وَمَفْخَرَةٌ لِكُلِّ مَنْ تَتَبَّعَ الْهُدَى، وَتَلَمَّسَ النُّورَ، وَطَلَبَ الْمَفَاخِرَ وَالْمَآثِرَ.
وَمِمَّــا زَادَنِــي شَرَفًــــا وَتِيهًــا وَكِدْتُّ بِأَخْمَصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا
دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِكَ {يَا عِبَادِي} وَأَنْ صَيَّرْتَ أَحْمَـــدَ لِي نَبِيَّا
أَيُّهَا الإِخْوَةُ فِي اللهِ:
إِنَّ نَبِيًّا هَذِهِ رِسَالَتُهُ، وَبَشَرًا هَذِهِ دَعْوَتُهُ، وَمُخْلِصًا هَذِهِ قَضِيَّتُهُ؛ لَحَرِيٌّ بِالْبَشَرِ أَنْ يُعَظِّمُوا أَمْرَهُ، وَلَحَقِيقٌ بِهِمْ أَنْ يَعْرِفُوا لَهُ قَدْرَهُ، بَيْدَ أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ طَمَسَ اللهُ عَلَى بَصِيرَتِهِ، وَجَعَلَ عَلَى قَلْبِهِ غِشَاوَةً وَفِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَسَدَّ عَلَيْهِ بَابَ هِدَايَتِهِ، فَيَتَيَمَّمُ الْجَوْزَاءَ لِيُطْفِئَ نُورَهَا، وَيَقْصِدُ الْعَلْيَاءَ لِيَطْمِسَ دَوْرَهَا، وَهَذَا مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ السُّفَهَاءِ مِنَ الْأَقْوَامِ بَيْنَ فَيْنَةٍ وَأُخْرَى، حَيْثُ يَأْتُونَ بِالرُّسُومِ الْمُسِيئَةِ لِيُطْفِئُوا أَنْوَارَ النُّبُوَّةِ الْمُضِيئَةَ، وَبِالتَّغْرِيدَاتِ الْمَوْهُومَةِ لِيُشَوِّهُوا مَقَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَمَائِلَهُ الْمَعْلُومَةَ، وَيَتَعَمَّدُونَ الْإِسَاءَةَ بِالطُّعُونِ الْحَاقِدَةِ وَالْأَلْفَاظِ الْبَذِيئةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِيَنَالُوا مِنْ مَقَامِ نَبِيِّ الْمَرْحَمَةِ وَالْمَلْحَمَةِ، وَيُؤْذُوا مَشَاعِرَ مِئَاتِ الْمَلَايِينِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ]أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ[ [الذريات:53].
وَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا أَنْ يَنْصُرُوا نَبِيَّهُمْ وَيُدَافِعُوا عَنْ حَبِيبِهِمْ وَشَفِيعِهِمْ وَصَفِيِّهِمْ، أَلَا وَإِنَّ مِنْ أَجَلَى مَظَاهِرِ نُصْرَتِهِ، وَمِنْ أَقْوَى دَعَائِمِ الذَّبِّ عَنْ شَرِيعَتِهِ: مَعْرِفَةَ حُقُوقِهِ الْجَلِيَّةِ، وَالِاقْتِدَاءَ بِسُنَّتِهِ السَّنِيَّةِ، فَمِنْ حُقُوقِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: الإِيمَانُ الصَّادِقُ بِهِ عَلَى الدَّوَامِ؛ قَالَ تَعَالَى: ) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ( [الأعراف:158]. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
وَالإِيمَانُ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ: تَصْدِيقُ نُبُوَّتِهِ، وَالْإِيقَانُ بِعُمُومِ رِسَالَتِهِ، وَتَصْدِيقُهُ فِي جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ تَعَالَى إِلَى جَمِيعِ بَرِيَّتِهِ.
وَمِنْ حُقُوقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَالِانْتِهَاءُ عَمَّا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ؛ قَالَ تَعَالَى: ) وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ( [الحشر:7]. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. وَقَدْ جَعَلَ اللهُ الْهِدَايَةَ فِي طَاعَتِهِ؛ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ) وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا( [النور:54].
إِخْوَةَ الإِيمَانِ:
وَمِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتِّبَاعُهُ وَاتِّخَاذُهُ قُدْوَةً فِي جَمِيعِ الأُمُورِ، وَالِاهْتِدَاءُ بِهَدْيِـهِ حَيْثُ الْهُدَى وَالنُّورُ؛ قَـالَ تَعَالَـى: ) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ( [آل عمران:31]، وَقَالَ تَعَالَى: )وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ( [الأعراف:158].
وَمِنَ الْحُقُوقِ الْعَظِيمَةِ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: مَحَبَّتُهُ أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّةِ الأَهْلِ وَالْوَلَدِ، وَالْوَالِدِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ؛ فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].
وَمِنْ ثَوَابِ مَحَبَّتِهِ: الِاجْتِمَاعُ مَعَهُ فِي الْجَنَّةِ بِمَنْزِلَتِهِ؛ فَقَدْ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ السَّاعَةِ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟» قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ وَلَا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: «فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
وَالْمَحَبَّةُ لَا تَكُونُ بِالِادِّعَاءِ؛ بَلْ بِصِدْقِ الطَّاعَةِ وَحُسْنِ الِاقْتِدَاءِ:
لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقاً لَأَطَعْتَهُ إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَــنْ يُحِـــبُّ مُطِيـــعُ
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:
وَمِنْ حُقُوقِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا: وُجُوبُ احْتِرَامِهِ، وَتَوْقِيرِهِ، وَنُصْرَتِهِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: )لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ( [الفتح:9]. وَمِنْ تَوْقِيرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ لَا نُسْرِعَ فِي أَمْرٍ قَبْلَهُ، بِلْ نَكُونُ تَبَعاً لَهُ فِي جَمِيعِ الأَمْرِ؛ قَالَ تَعَالَى: )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ( [الحجرات:1]، وَحُرْمَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوْقِيرُهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ: وَاجِبٌ كَوُجُوبِهِ حَالَ حَيَاتِهِ؛ وَذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِهِ وَسُنَّتِهِ، وَسَمَاعِ اسْمِهِ وَسِيرَتِهِ، وَعِنْدَ تَعَلُّمِ سُنَّتِهِ.
وَمِنْ حُقُوقِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: الصَّلَاةُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: )إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( [الأحزاب:56] وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْمُبِينِ، وَرَزَقَنِي وَإِيَّاكُمُ اتِّبَاعَ سُنَّةِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ.
مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ:
لَمَّا كَانَتْ نُصْرَةُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ عَلَيْنَا؛ فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ وَسَائِلِ نُصْرَتِهِ: تَقْدِيرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَحِفْظَ مَكَانَتِهِ، وَتَعْظِيمَ نَهْيِهِ وَأَمْرِهِ، وَتَقْدِيمَهُ عَلَى النَّفْسِ وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَتَفْدِيَتَهُ بِالْمَالِ وَالأَهْلِ وَالْوَالِدِ وَالْوَلَدِ، قَالَ تَعَالَى: ]النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ[ [الأحزاب:6].
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
وَمِنْ وَسَائِلِ نُصْرَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَرْسُ مَحَبَّتِهِ فِي نُفُوسِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الآنَ يَا عُمَرُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ]. وَمِنْ وَسَائِلِ نُصْرَتِهِ أَيْضًا: تَعْلِيمُ الْأُسْرَةِ سُنَّـتَهُ وَعِنَايَتُهَا بِسِيرَتِهِ؛ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: (كُنَّا نُعَلَّمُ مَغَازِيَ النَّبِيِّ وَسَرَايَاهُ كَمَا نُعَلَّمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ).
أَلَا وَمِنْ أَعْظَمِ النُّصْرَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ يُحَكِّمُوهُ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ فِي حَيَاتِهِ، وَأَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى سُنَّتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَالرِّضَى بِحُكْمِهِ، وَالذَّبُّ عَنْ شَرِيعَتِهِ وَهَدْيِهِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا[ [النساء:59].
وَلَنَعْلَمْ – عِبَادَ اللهِ- أَنَّ سُنَّةَ اللهِ مَاضِيَةٌ فِي الْمُسْتَهْزِئِينَ، بِالِانْتِقَامِ وَالنَّكَالِ وَالْعَذَابِ الْمُهِينِ ]إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ [ [الحجر: 95]. وَمَا أَبْغَضَهُ أَحَدٌ وَانْتَقَصَهُ؛ إِلَّا قَطَعَهُ اللهُ تَعَالَى وَنَغَّصَهُ، ]إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ[ [الكوثر: 3]؛ أَيِ الْمَقْطُوعُ ذِكْرُهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
اللَّهُمَّ انْصُرْ نَبِيَّكَ وَوَلِيَّكَ، وَأَدِرِ الدَّائِرَةَ عَلَى عَدُوِّهِ وَعَدُوِّكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ اللَّهُمَّ مِنْ شُرُورِهِمْ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ سُمُوَّ أَمِيرِ الْبِلَادِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي طَاعَتِكَ وَرِضَاكَ، وَأَلْبِسْهُمَا لِبَاسَ الْعَافِيَةِ وَالإِيمَانِ، وَجَنِّبْهُمَا بِطَانَةَ السُّوءِ وَالْخُذْلَانِ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.
رَجُلٌ عَنِ السَّاعَةِ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟» قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ وَلَا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: «فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
وَالْمَحَبَّةُ لَا تَكُونُ بِالِادِّعَاءِ؛ بَلْ بِصِدْقِ الطَّاعَةِ وَحُسْنِ الِاقْتِدَاءِ:
لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقاً لَأَطَعْتَهُ إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَــنْ يُحِـــبُّ مُطِيـــعُ
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:
وَمِنْ حُقُوقِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا: وُجُوبُ احْتِرَامِهِ، وَتَوْقِيرِهِ، وَنُصْرَتِهِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: )لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ( [الفتح:9]. وَمِنْ تَوْقِيرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ لَا نُسْرِعَ فِي أَمْرٍ قَبْلَهُ، بِلْ نَكُونُ تَبَعاً لَهُ فِي جَمِيعِ الأَمْرِ؛ قَالَ تَعَالَى: )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ( [الحجرات:1]، وَحُرْمَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوْقِيرُهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ: وَاجِبٌ كَوُجُوبِهِ حَالَ حَيَاتِهِ؛ وَذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِهِ وَسُنَّتِهِ، وَسَمَاعِ اسْمِهِ وَسِيرَتِهِ، وَعِنْدَ تَعَلُّمِ سُنَّتِهِ.
وَمِنْ حُقُوقِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: الصَّلَاةُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: )إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( [الأحزاب:56] وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْمُبِينِ، وَرَزَقَنِي وَإِيَّاكُمُ اتِّبَاعَ سُنَّةِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ.
مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ:
لَمَّا كَانَتْ نُصْرَةُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ عَلَيْنَا؛ فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ وَسَائِلِ نُصْرَتِهِ: تَقْدِيرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَحِفْظَ مَكَانَتِهِ، وَتَعْظِيمَ نَهْيِهِ وَأَمْرِهِ، وَتَقْدِيمَهُ عَلَى النَّفْسِ وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَتَفْدِيَتَهُ بِالْمَالِ وَالأَهْلِ وَالْوَالِدِ وَالْوَلَدِ، قَالَ تَعَالَى: ]النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ[ [الأحزاب:6].
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
وَمِنْ وَسَائِلِ نُصْرَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَرْسُ مَحَبَّتِهِ فِي نُفُوسِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الآنَ يَا عُمَرُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ]. وَمِنْ وَسَائِلِ نُصْرَتِهِ أَيْضًا: تَعْلِيمُ الْأُسْرَةِ سُنَّـتَهُ وَعِنَايَتُهَا بِسِيرَتِهِ؛ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: (كُنَّا نُعَلَّمُ مَغَازِيَ النَّبِيِّ وَسَرَايَاهُ كَمَا نُعَلَّمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ).
أَلَا وَمِنْ أَعْظَمِ النُّصْرَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ يُحَكِّمُوهُ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ فِي حَيَاتِهِ، وَأَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى سُنَّتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَالرِّضَى بِحُكْمِهِ، وَالذَّبُّ عَنْ شَرِيعَتِهِ وَهَدْيِهِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا[ [النساء:59].
وَلَنَعْلَمْ – عِبَادَ اللهِ- أَنَّ سُنَّةَ اللهِ مَاضِيَةٌ فِي الْمُسْتَهْزِئِينَ، بِالِانْتِقَامِ وَالنَّكَالِ وَالْعَذَابِ الْمُهِينِ ]إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ [ [الحجر: 95]. وَمَا أَبْغَضَهُ أَحَدٌ وَانْتَقَصَهُ؛ إِلَّا قَطَعَهُ اللهُ تَعَالَى وَنَغَّصَهُ، ]إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ[ [الكوثر: 3]؛ أَيِ الْمَقْطُوعُ ذِكْرُهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
اللَّهُمَّ انْصُرْ نَبِيَّكَ وَوَلِيَّكَ، وَأَدِرِ الدَّائِرَةَ عَلَى عَدُوِّهِ وَعَدُوِّكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ اللَّهُمَّ مِنْ شُرُورِهِمْ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ سُمُوَّ أَمِيرِ الْبِلَادِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي طَاعَتِكَ وَرِضَاكَ، وَأَلْبِسْهُمَا لِبَاسَ الْعَافِيَةِ وَالإِيمَانِ، وَجَنِّبْهُمَا بِطَانَةَ السُّوءِ وَالْخُذْلَانِ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.