مختلفون! – بقلم : فاطمة المزيعل
وحدهم الأشخاص الحقيقيون هم من يسمحون لك بأن تكون على طبيعتك، عفويتك، سجيتك، بساطتك، وحدهم الأشخاص الحقيقيون من يسمحون لك بأن تكون نفسك، دون تكلف أو تصنع أو ابتذال، فتأكد إن شعرت معهم بغير ذلك، أو أحسست في داخلك بأنك مضطر إلى التغيير أو لإخفاء شخصيتك والاستغناء عن جمال عفويتك، أو تشعر بالخجل والحرج من خلال تواجدك بينهم، فتيقن حينها أن الوقت قد حان إذن لعمل علاقات مع أشخاص آخرين غيرهم.
وذلك لأن المنطق يخبرنا دائما بأن العلاقات لم تخلق إلا للراحة والود والمحبة، خلقت للتفاهم واللين في التعامل فيما بيننا، خلقت لنكون على طبيعتنا بعيدا عن التصنع والتكلف وبعيدا عن الدفاع عن أنفسنا لتجميلها، أو للفوز في معاركها، فهي لم تخلق لإثبات حسن نوايانا، ولنستنزف أيامنا بسببها.
لذلك التواصل مع الأشخاص الحقيقيين هو أحد أفضل الأشياء التي يمكننا القيام بها لصحتنا وسعادتنا وحياتنا، فالحقيقيون هم الذين لا يؤذونك أو يتلاعبون بك أو يستغلونك، أو يضغطون عليك حتى تكون شخصا آخرا فقط لترضيهم، بل على العكس تماما، فالشخص الحقيقي هو من يلهمك بأن تكون الأفضل والأكثر سعادة وصحة وبهجة، وهو من يساعدك لتكون «نفسك».
هذا وبخلاف إن كنت أنت من تبادر دائما بكافة الأفكار، وتضع جميع الخطط، وتكون مسؤولا عن تغييرها إذا لم تكن ملائمة لأولئك الأشخاص، كما أنك الذي تقوم بالتواصل المستمر وطلب اللقاء والتحدث معهم، والتقرب والتودد منهم وتعمل على دعمهم، في مقابل صفر كبير منهم، إذن فتأكد هنا أيضا أنك أنت بمنزلة موظف لديهم لا اكثر، ولست بشخص قريب عزيز عليهم.
بعكس أولئك الحقيقيون الموجودون دائما ليبادروك ولأفراحك ونجاحاتك وانجازاتك يشاركونك وفي جميع أحزانك يؤازرونك، يشعرونك بالسعادة والثقة تجاههم.
لذلك كمثل تلك العلاقات الجيدة تمثل توازنا في الدعم المتبادل، ذلك ولأن وحدهم الأشخاص الحقيقيين هم المختلفون في الطباع وينجحون دائما في تقديم الدعم لبعضهم، فرصيد الدعم بينهم يذهب ويأتي ولا يتوقف عند أحدهم.
تلك العلاقات تظهر أجمل ما في شخصيتك، ولا تسبب لك الإحباط او الضعف والانكسار، ولا تجعلك تنخرط في الأمور غير اللائقة، فهي من الأشياء الأكثر من رائعة، والتي تمنحك أيضا مشاعر جميلة كالثقة والاطمئنان والأمان، وتشعرك بأن هناك من هو موجود من أجلك.