المتحدثون في ندوة «نزاهة»: الكويت جادّة لاسترداد الأموال المنهوبة
نظمت الهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة» ندوة وورش عمل تحت عنوان «التحري ومتابعة استرداد الاموال المنهوبة من خلال الجرائم المنظمة»، وذلك بالتعاون مع الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام انطلاقا من دور الهيئة في تشجيع دور مؤسسات المجتمع المدني في مجال الرقابة المجتمعية ومؤازرة الجهات الحكومية في أداء دورها الرقابي وذلك صباح امس في مقر الهيئة بمنطقة الشامية.
في البداية، أكد نائب رئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد المستشار نواف المهمل توجه الكويت الحثيث عبر أحكام قانون انشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد رقم 2 لسنة 2016 نحو اعداد مجموعة من الآليات المتصلة بتدابير استرداد الموجودات المنهوبة نتيجة الفساد ومتابعة اجراءاتها، لافتا الى تناول القانون تحديد اهداف واختصاصات الهيئة العامة لمكافحة الفساد والتي يبرز من بينها: العمل على مكافحة الفساد ودرء مخاطره وآثاره وملاحقة مرتكبيه وحجز واسترداد الاموال والعائدات الناتجة عن ممارسته وفقا للقانون ومتابعة الاجراءات والتدابير التي تتولاها الجهات المختصة لاسترداد الاموال والعائدات الناتجة عن جرائم الفساد، هذا بالإضافة الى اختصاص البيئة بمتابعة اجراءات ضبط وحجز واسترداد الاموال والعائدات المتحصلة من جرائم الفساد وفقا للاحكام والقواعد والاجراءات المقررة في القوانين المعمول بها.
ولفت المهمل الى حرص المشرع الوطني على كفالة اتساق الاحكام التشريعية الوطنية مع نصوص وقواعد الاتفاقيات الدولية والاقليمية التي صادقت الكويت عليها في إطار منع ومكافحة الفساد والتي من بينها احكام الاتفاقيتين الأممية والعربية لمكافحة الفساد.
تحديات واقعية
وذكر المهمل انه لا تزال هناك العديد من التحديات الواقعية والاجرائية التي تتعلق بأوجه تعزيز الجوانب العملية في شأن استرداد واسترجاع الموجودات والأموال المنهوبة نتيجة ارتكاب جرائم الفساد، مشددا على اهمية مواصلة العمل الوطني وتطويره من اجل ضمان فعالية الاجراءات الوطنية وكفالة ترجمة احكام الفصل الخامس من الاتفاقية الاممية لمكافحة الفساد الى واقع عملي ملموس وناجز.
وشدد المهمل على ضرورة التوعية المجتمعية وترسيخ مقومات ودعائم نشر ثقافة مناهضة جرائم الفساد ومناهضة كافة اشكال وصور ومظاهر الجرائم المنظمة العابرة للحدود الوطنية وهي جميعها آليات لا غنى عنها في اطار تعزيز وتطوير التدابير الوقائية المرتبطة بمنع الجرائم بصفة عامة وجرائم الفساد والجرائم المنظمة عبر الوطنية بصفة خاصة.
إستراتيجية وطنية
بدوره، أوضح أمين صندوق الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام فهد الناصر ان الهيئة العامة لمكافحة الفساد عملت جاهدة لمحاربة الفساد والمفسدين، لذا تم تدشين الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة، وذلك لتحقيق مبادئ التنمية المستدامة ورؤية الكويت 2035.
ودعا الناصر المجتمع المدني الى السعي لتنفيذ مسؤولياته ودوره بالتعاون مع بقية مؤسسات الدولة والمنظمات الدولية لإبراز دورها في دعم جهود الدولة في استرداد الأموال المنهوبة، وذلك عن طريق البحث وزيادة الوعي والدعم المجتمعي، وتزويد السلطات المعنية بالمعلومات والمساهمة في رصد التعدي على المال العام من خلال البلاغات ومساندة الإدارات المختصة في استرداد الأموال المنهوبة، هادفة بذلك لمساندة السلطات المعنية نحو زيادة الشفافية تحقيقا للعدالة التامة.
مسؤولية مشتركة
من جهتها، أكدت ممثل الامين العام للأمم المتحدة والمنسق المقيم بالإنابة نسرين الربيعان، أن حماية المال العام مسؤولية مشتركة، لافتة الى ان الامم المتحدة من خلال جهاتها ومنظماتها المختصة واتفاقياتها الدولية تبذل جهود ومساعي دولية جادة في هذا المجال لمكافحة الفساد بجميع أشكاله وحماية المال العام، وذلك إيمانا منها بأن معالجة الفساد أمر ضروري لحماية حقوق الإنسان وتعزيز المساءلة الديموقراطية.
وتابعت الربيعان: وتتجلى هذه الجهود في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومبادرتها ستار (StAR) بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجرائم (UNODC) وبين مجموعة البنك الدولي (WBG) والتي صادق عليها 189 دولة عضو في الأمم المتحدة، وتعتبر هذه الاتفاقية الصك العالمي الوحيد الملزم قانونيا لمكافحة الفساد، مرتكزة على 5 مجالات رئيسية وهي: التدابير الوقائية، والتجريم وإنفاذ القانون، والتعاون الدولي، واسترداد الموجودات، والمساعدة التقنية وتبادل المعلومات.
وأشارت الربيعان الى أن أبرز ما يميز الاتفاقية إدراج فصل خاص بشأن استرداد الموجودات، بهدف إعادة الموجودات إلى أصحابها الشرعيين، بما في ذلك البلدان التي أخذت منها بطريقة غير مشروعة، مشيرة الى أننا نشهد حقبة زمنية تستوجب حفظ الموارد وتكريسها نحو خلق مستقبل مستدام ونزيه يخدم طموح وآمال الأجيال المستقبلية.
البحث والتحري
من ناحيته، تحدث الأمين العام بالإنابة في الهيئة العامة لمكافحة الفساد د.محمد بوزبر عن الآليات المتبعة حول البحث والتحري في استرداد الأموال المنهوبة، موضحا أن نزاهة احد الروافد الرقابية المعنية بمكافحة جريمة الفساد، لافتا الى أن هناك آليات تشريعية وأخرى تنفيذية «غير رسمية»، بالإضافة الى آليات مقترحة، مشيرا الى القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة والذي يركز على الاستيلاء على الأموال العامة والتربح على حساب المال العام وإفشاء الأسرار والإهمال الجسيم، لافتا الى قانون الكشف عن العمولات رقم 25 لسنة 1996 في شأن الكشف عن العمولات التي تتقدم في العقود التي تبرمها الدولة، وكذلك القانون رقم 106 لسنة 2013 في شأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وذكر د.بوزبر ان وحدة التحريات المالية هي الجهة المسؤولة عن تلقي وطلب وتحليل وإحالة المعلومات المتعلقة بما يشتبه ان يكون عائدات متحصلة من جريمة او أموال مرتبطة او لها علاقة بها او يمكن استعمالها للقيام بعمليات غسل اموال او تمويل إرهاب وفقا لأحكام هذا القانون، موضحا ان نزاهة لها تمثيل في اللجنة الوطنية لغسل الأموال وتمويل الارهاب.
وأشار د. بوزبر الى ان الكويت قامت بالتصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في سنة 2006 ووفقا للمادة 6 من هذه الاتفاقية تم انشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة» بقانون رقم 2 لسنة 2016، لافتا الى ان طبيعة قانون مكافحة الفساد هو قانون جنائي تكميلي وجنائي كاشف بالاضافة الى انه قانون وقائي، موضحا أن ابرز اهداف الهيئة العامة لمكافحة الفساد الجزائية تتمثل في إرساء مبدأ الشفافية والنزاهة في المعاملات الاقتصادية والإدارية وتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومكافحة الفساد ودرء مخاطره وملاحقة مرتكبيه وحجز واسترداد الأموال الناتجة عن ممارسته، بالإضافة الى حماية اجهزة الدولة من الرشوة والمتاجرة بالنفوذ وسواء استخدام السلطة ومنه الوساطة والمحسوبية وحماية المبلغين عن جرائم الفساد، وتعزيز مبدأ التعاون والمشاركة مع الدول والمنظمات الاقليمية والدولية في مجالات مكافحة الفساد وتشجيع وتفعيل دور مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في مكافحة الفساد وتوعية افراد المجتمع بمخاطره، فضلا عن وضع استراتيجية وطنية شاملة للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد ومتابعة تنفيذها مع الجهات المعنية.
وختم د.بوزبر متحدثا عن الآلية المقترحة «مشروع نزاهة 2021» وهو مشروع قانون تنظيم اجراءات تلقي وتنفيذ وتبادل طلبات المساعدة القانونية والقضائية الدولية في المسائل الجزائية والذي سيفسح المجال للجهات الوطنية المختصة لتبادل المساعدة القانونية في المسائل الجزائية.
وانتقل الحديث الى ممثل ادارة الفتوى والتشريع محامي الدولة فهد العازمي، الذي اوضح ان قانون رقم 12 لسنة 1960 الذي انشأ ادارة الفتوى والتشريع هو من اهم القوانين الذي ينم على توجه الدولة في الانتقال من دولة الرفاه الى دولة القانون والمؤسسات.
ولفت العازمي الى ان استرداد الأموال المنهوبة يعني مجموعة من التدابير القضائية وغير القضائية وجهود الحكومات لاستعادة الاموال والثروات المنهوبة نتيجة الفساد بتحديد الاموال وتجميعها وإعادتها، لافتا الى ان الفساد هو كل عمل يتضمن استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة لنفسه او لجماعته.
وأشار العازمي الى ان هناك نوعين من الاسترداد، استرداد داخلي عن طريق القضاء الوطني باتباع قانون الاجراءات الجزائية الداخلي (تحقيق وتقاض) والاسترداد الدولي ويكون هديا على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد تحديدا في المواد 54 و55 و57.
وأشاد العازمي بتجربة جمهورية مصر العربية في استرداد الاموال العامة وفي مواجهة جرائم العدوان على المال العام، لافتا الى انشاء مصر للجنة قضائية لاستعادة الاموال، مشيرا كذلك الى النظام التشريعي لاسترداد المال العام في المملكة المتحدة وفي الفلبين.
من ناحية اخرى، أشار العازمي الى ان ادارة الفتوى والتشريع هي ادارة نظمها القانون رقم 12 لسنة 1962 وتتبع السلطة التنفيذية ولها اختصاصات رقابية مسبقة واختصاصات رقابية لاحقة وتهدف الى الدفاع عن مصالح الخزانة العامة في جميع القضايا التي ترفع امام المحاكم او منها في الداخل والخارج ومراجعة قانونية لعقود الدولة والرقابة المسبقة، بالإضافة الى إبداء الرأي القانون فيما يطلبه مجلس الوزراء والوزارات والدوائر والمصالحة ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والاقتراحات بقوانين ومشروعات المراسيم واللوائح والقرارات التنفيذية للقوانين.
وسلط العازمي الضوء على دور ادارة الفتوى والتشريع في التحكيم الدولي التجاري والاستثماري.
من ناحيته، تحدث رئيس الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام عبدالله البكر، موضحا ان الجرائم التي ترتكب بحق الاموال العامة سواء كانت عن طريق المهنة او الاستيلاء او التسهيل لها متنوعة وغير محصورة وتتخذ اشكالا عدة وتكون هذه الجرائم المرتكبة من قبل الافراد والمنظمات مستترة أحيانا بغطاء الروتين الاداري او المعاملة العادية، لافتا الى دور المجتمع المدني في التصدي وكشف هذه الجرائم من خلال الابلاغ عنها للجهات المختصة، حماية لهذه الاموال، موضحا ان دور المجتمع المدني دور المراقب والحامي لأمواله ومقدراته من خلال توعية الفرد نفسه في البداية بماهية المسؤوليات الاجتماعية والحث على نشر التوعية بين جميع اطياف وافراد المجتمع.