«إعلانات الشوارع».. تفسد ذوق المواطنين وتقودهم إلى التهلكة!
الكويت – النخبة:
المصدر – القبس:
أصبحت إعلانات الشوارع من الظواهر السلبية التي لا تحتكم إلى رقيب أو حسيب، حيث استباح القائمون عليها ذوق المواطنين، وذرعوها في كل الشوارع الرئيسية والفرعية أيضًا، الأمر الذي تسبب في وقوع العديد من الحوادث المميتة التي أوردت كثيرين موارد التهلكة.
وينطبق مثل «من أمن العقوبة أساء الأدب» تماما على حال الكثير من شوارع الكويت الداخلية والرئيسية في معظم المناطق، حيث امتلأت بهذه الإعلانات العشوائية واللوحات المخالفة، من دون ترخيص من قبل البلدية.
اللافت أن انتشار الإعلانات غير المرخصة، واللوحات العشوائية المخالفة، مستمر على مدى سنوات، رغم حملات الإزالة من قبل البلدية، واللافت أيضا أن أصحاب هذه اللوحات يدونون عليها أسماءهم وأرقام هواتفهم، وأحيانا يضعون صورهم، وبالتالي فهم يخالفون القانون في وضح النهار!
القبس جالت على عدد من المناطق، ورصدت الظاهرة ومدى انتشارها في الشوارع، واستطلعت ردود الأفعال ازاءها ومدى تأثيرها السلبي في المجتمع، كما استمعت إلى الحلول المقترحة من قبل بعض المواطنين، للحد منها أو القضاء عليها.
تتفشى اللوحات الإعلانية في شوارع محافظة الجهراء، بشكل كبير، وتزيد كثافتها في المنطقة التجارية، بالقرب من الأسواق التجارية والدوّارات، وتتنوع عادة ما بين دعوات لأعراس، وأخرى تتعلق بمناسبات عزاء، وغيرها إعلانات تجارية.
وتسبب بعض الإعلانات واللوحات في الشوارع، عادة سلبيات كثيرة، أبرزها حجب الرؤية عن السائقين، ومنعهم من رؤية بعض اللوحات الإرشادية والمرورية المعلقة في الشوارع، أو رؤية السيارات الآتية من بعض الجهات، لا سيما مع كبر بعض الإعلانات في مساحاتها، وكثرة ألوانها، وتواجدها في مواقع حساسة كالإشارات والدوّارات.
عشوائية كبيرة
ويطالب مواطنون من سكان المحافظة، بضرورة تكاتف الجهات المعنية، في وضع حد لظاهرة الإعلانات العشوائية والمخالفة المنتشرة في أرجاء المحافظة، خاصة أنها شوهت المنظر العام، وأتلفت بعض المرافق، لافتين الى أن بعض الإعلانات عبارة عن ملصقات تعلق على الأعمدة والإشارات، ومن الصعب إزالتها. ويصف المواطن فيصل العنزي، انتشار دعوات الأفراح والمناسبات مع الإعلانات التجارية في الشوارع بـ«قمة العشوائية»، مستغربا استمرار الظاهر المخالفة للقانون طوال السنوات الماضية وعدم تحرك الجهات المعنية بشكل جاد للتصدي لها لتلافي سلبياتها التي تسببها في الكثير من المناطق التي تنتشر فيها.
تشديد المحاسبة
ويصنف العنزي الجهراء كأكثر المحافظات اكتظاظا بالإعلانات في الشوارع والطرقات، رغم اعترافه بأن الظاهرة محدودة في المناطق الداخلية، «فبالكاد ترى إعلانا معلقا في الشوارع بمناطق العاصمة»، مؤكدا أن إزالة الإعلانات دون محاسبة أصحابها غير مقبول لأنهم خالفوا القانون.
ويرى أن الحل المناسب للحد من الظاهرة، اتخاذ إجراءات صارمة مع أصحاب الإعلانات واللوحات غير المرخصة والعشوائية، مرددا «من السهل التعرف على أصحابها، فالكثير منهم يتركون عليها أسماءهم وأرقامهم».
عينك عينك
في المنطقة الصناعية بالجهراء، رصدت القبس بعض العمال الآسيويين وهم يعلقون بعض الاعلانات في وضع النهار وعلى مرأى ومسمع المارة، بلا خوف أو تردد، رغم أن إعلاناتهم عشوائية ومخالفة للقانون، لكنهم كانوا يعلقون الإعلان تلو الآخر بلا مبالاة ويبحثون عن المواقع المميزة التي يتردد عليها الناس بكثرة، كالمداخل والمخارج، اضافة إلى الاشارات المرورية والدوارات التي تشهد ازدحاما مروريا.
ويبدي المواطن علي النبهان، استغرابه من تزايد انتشار اللوحات الإعلانية بشكل عشوائي في البلاد في السنوات الأخيرة، فباتت تتعدد في أشكالها وأحجامها ومواقعها، وتعلق في وضع النهار رغم مخالفتها وعدم سماح القانون بها، داعيا البلدية إلى تكثيف حملاتها لرفع تلك اللوحات والإعلانات فور وضعها واتخاذ إجراءات صارمة لمنع وضعها من قبل بعض الأشخاص والشركات.
محافظة الفروانية
في محافظة الفروانية، لم تختلف الحال عن الجهراء، فالإعلانات واللوحات معلقة في شوارع كثيرة ومواقع متفرقة، وكانت أيضا متنوعة في أشكالها ومقاساتها.
أكثر الإعلانات في المناطق السكنية في المحافظة، كانت عبارة عن دعوات لأعراس أو حفلات تخرج أو مجالس عزاء، في حين كانت تنتشر في المناطق التجارية والاستثمارية إعلانات تجارية وتسويقية لبعض الشركات والمحال.
ويأمل المواطن فهد الغشام من قبل الجهات الحكومية المعنية التصدي الحازم لهذا التشويه المتجدد، مؤكدا أن السكوت عن تلك الإعلانات طوال السنوات الماضية ساهم في انتشارها وتوسعها، حتى بات بعض الأشخاص والجهات يزيدون في أحجام الإعلانات ومقاساتها، ويضعونها في المواقع الحيوية بلا مبالاة.
تحقيق الهدف
ويحذر سائق التاكسي محمد علي، من أن بعض اللوحات الإعلانية المنتشرة في شوارع الفروانية تحجب الرؤية عن السائقين، وتسبب وقوع حوادث مرورية، مؤكدا أن استمرار انتشارها يؤكد أن أصحابها أمنوا العقوبة، وأقصى ما سيتخذ بحقهم هو إزالة الإعلان بعد يوم أو يومين من وضعه، وبالتالي يكون قد تحقق الهدف المنشود من وضعه.
في حولي
في محافظة حولي، بدت الظاهرة محدودة، ولا تقاس بالوضع في محافظتي الجهراء والفروانية، فكانت إعلانات الأفراح والعزاء قليلة في المناطق السكنية، كما كانت الإعلانات التجارية والتسويقية محدودة في المناطق الاستثمارية، وأغلب الإعلانات عبارة عن ملصقات على الأعمدة والإشارات.
ويقول الشاب محمد فايز إن كثيرين اعتادوا وضع إعلاناتهم العشوائية والمخالفة بلا ترخيص رسمي من البلدية، ويبحثون عن مواقع مميزة تشهد اكتظاظا بالسيارات والمارة، وأحيانا يضعونها قريبة من مرافق حيوية ومهمة ليراها اكبر عدد من الناس.
وعن وجود حملات إزالة للإعلانات يعترف فايز قائلا: إنها مستمرة طوال أيام الأسبوع من البلدية، الا أن المشكلة أن أصحاب الإعلانات لا يتوقفون عن نشرها، وما يشجعهم هو المبلغ الزهيد لنشر اللوحة الإعلانية الذي يبدأ من 5 دنانير، ويمكن أن تظل لعدة أيام قبل إزالتها، وبالتالي يكونون الرابحين.
ويرى المواطن علي البلوشي ان هناك مناطق نموذجية، وأخرى استثمارية في البلاد، يتوافد إليها الكثير من السياح والزائرين، ومن غير المقبول وجود إعلانات عشوائية أو مخالفة تشوه منظرها وتخرب مرافقها.
أنشطة صغيرة
وأكد أن الشركات الكبرى تبتعد عن وضع إعلانات عشوائية أو غير مرخصة رغم قدرتها على الوصول إلى شرائح كثيرة في المجتمع خلال وقت قصير وتكلفة أقل، وتكتفي بالإعلانات القانونية والمرخصة حفاظا على سمعتها، في حين ان أغلب الإعلانات العشوائية تكون أنشطة تجارية صغيرة، كمطعم أو محل أو مكتب وما شابه ذلك، بينما الشركات الكبرى تبتعد عن أي إعلانات غير مرخصة بالبلاد.
وبين أن الكثير من المستهلكين لا يعيرون اهتماما للإعلان ما إذا كان مرخصا أو ممنوعا، بل يكون اهتمامهم بالعروض والأسعار والمنتجات الموجودة في الإعلان، لافتا إلى أن الإعلانات العشوائية وغير المرخصة لم تعد تعلق في الشوارع فقط، بل أصبحت توضع على البيوت والسيارات، مما تسبب مشاكل في جانب النظافة.
آثارها سلبية
بين أستاذ التسويق في جامعة الكويت د.عبدالله الدوسري، أنه على الرغم من أن الإعلانات العشوائية وغير المرخصة التي تعلق في شوارع ومناطق كثيرة بالبلاد، بأشكال متنوعة ومقاسات مختلفة، تسبب مشاكل وسلبيات كثيرة للدولة، كتشويه المنظر وإتلاف المرافق وما شابه ذلك، إلا أنها تعد إعلانات ايجابية ومهمة بالنسبة لأصحابها من محلات ومطاعم وشركات وغير ذلك، وتحقق لهم فوائد كثيرة، وتساهم في التسويق لمنتجاتهم والترويج لعروضهم، ولا تكلفهم شيئا.
وقال الدوسري لـ القبس ان لإعلانات الشوارع دورا حيويا في عصرنا الحالي، ولا تزال تنافس بقية الإعلانات، سواء التقليدية أو الحديثة كإعلانات «السوشيال ميديا»، ما يجعل انتشارها مستمرا في الكثير من الشوارع، ويصعب عملية الحد من تفشيها، فطالما أن أصحابها مستفيدون منها، فمن الطبيعي أنهم سيستمرون في وضعها لمصلحتهم وفائدتهم.