ماذا يفعل الإنسان عندما يتوب من ذنب ثم يعاوده؟ وماهي شروط التوبة؟
أرسلت إحدى الفتيات، عبر بوابة دار الإفتاء المصرية، سؤالًا حول التوبة من تكرار نفس الذنب، مهما عزمت على التوقف عنه، إلا إنها تعود له مُجددًا، وكيف تتوقف عن الذنب وتستغفر عنه؟
وعلى الفور، أجابت دار الإفتاء، على السؤال، قائلة: «عليك بالتوبة الصادقة والندم الشديد، والعزم على عدم فعل هذه المعاصي مرة أخرى».
وأضافت: «على المذنب العاصي أن يستر على نفسه في معصيته ولا يفضح نفسه، فلا ينبغي الإخبار بما أقدم عليه، وحتى لو تكرر الذنب لا يترك الإنسان نفسه للشيطان، بل يجب عليه المبادرة بالتوبة كلما أذنب فالله يحب التوابين، ويحب المتطهرين فإن الله يغفر الذنوب جميعًا، فعلى العبد المبادرة بالتوبة، ولا يقنط من رحمة الله، وعلى المسلم إذا تاب من المعصية التي فعلها، وندم عليها، وعزم مع كثرة الاستغفار على عدم العودة إلى مثلها مرة أخرى أن يحسن الظن بالله في قبول تلك التوبة، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له»، مستندة لقول رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ)) أخرجه ابن ماجه في سننه.
وشرحت دار الإفتاء، خلال الإجابة كيفية التوبة بالتفصيل، مستندة لقول الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53] قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: 8].
وأضافت: «والتوبة هي الندم على المعصية، والإقلاع عنها من حيث هي معصية، لا لأن فيها ضررا لبدنه وماله، والعزم على عدم العود إليها إذا قدر، والتوبة من المعصية واجبة شرعا على الفور، وتأخير التوبة ذنب آخر يستوجب توبة».
وقالت: «حتى لو تكرر الذنب لا يترك الإنسان نفسه للشيطان، بل يجب عليه المبادرة بالتوبة كلما أذنب فالله يحب التوابين ويحب المتطهرين»، وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-(( أَنَّ رَجُلا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدُنَا يُذْنِبُ، قَالَ: كْتَبُ عَلَيْهِ “، قَالَ: ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ مِنْهُ وَيَتُوبُ؟ قَالَ: ” يُغْفَرُ لَهُ، وَيُتَابُ عَلَيْهِ “، قَالَ: فَيَعُودُ فَيُذْنِبُ؟ قَالَ: ” يُكْتَبُ عَلَيْهِ، وَلا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا ))، أخرجه الحاكم في المستدرك.
ماذا يفعل من أراد التوبة؟
أولا: أن يصلي ركعتين لله بنية التوبة، وبعد السلام يكثر من الاستغفار لله عز وجل، مع الالتزام بشروط التوبة وهي:
1- الإقلاع عن المعصية حالا.
2- والندم على فعلها في الماضي.
3- والعزم عزما جازما أن لا يعود إلى مثلها أبداً.
وعلى المسلم بعد ذلك الابتعاد عن أسباب المعصية، وذلك بالتزامه بشرع الله، ويستحب له ملازمة رفقة صالحة تعينه على صلاح الحال، وبعد ذلك ينبغي نسيان الذنب، كأنه لم يكن، من باب الثقة واليقين في رحمة الله عز وجل .
الالتزام بكثرة الذكر والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه كلها أسباب عظيمة لمغفرة الذنوب والتجاوز عن الخطايا، ونوال الرضا والعفو من الله سبحانه وتعالى كما يجب على المذنب العاصي أن يستر على نفسه في معصيته ولا يفضح نفسه.