فوارق بين إحصاءات «التخطيط» و«المعلومات المدنية»
قال «الشال» إن الإدارة المركزية للإحصاء والهيئة العامة للمعلومات المدنية مؤسستان تتبعان حكومة الكويت، ومهمتهما الأساسية رصد وتوفير البيانات الإحصائية الدقيقة، من أجل استخدامها مدخلات للتخطيط عند رسم السياسات العامة.
والإحصاء الأساس وقاعدة كل ما عداه هو إحصاء السكان بتصنيفاته التفصيلية، والفرضية التي لا تقبل الجدل هي حتمية تطابق بياناتهما، وإن حدث واختلفت، وهما مؤسستان حكوميتان، فيفترض أن يعملا على التواصل بينهما من أجل توحيدها قبل صدورها، أو شرح أسباب عدم تطابق البيانات.
وخلال الأسبوع الأول من أغسطس 2022، أصدرت الإدارة المركزية للإحصاء تقريراً حول تقديراتها لإحصاء السكان كما في 31 ديسمبر 2021، وجاء فيه أن إجمالي عدد السكان في الكويت بلغ 4.216.900 نسمة بنقص عن نهاية عام 2020 بنحو 119.112 نسمة، حينها كان عدد السكان 4.336.012 نسمة. والنقص كان حصيلة انخفاض بنحو 148 ألف نسمة في إجمالي عدد السكان الوافدين، مقابل زيادة بنحو 29 ألف نسمة في عدد السكان الكويتيين.
وحتى كتابة هذه الفقرة، لم تصدر عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية إحصاءات السكان كما في نهاية عام 2021، وكانت أرقامها كما في نهاية يونيو 2021 لإجمالي السكان تبلغ 4.627.674 نسمة، بفرق عن أرقام الإدارة المركزية للإحصاء كما في نهاية عام 2021 بنحو 411 ألف نسمة، وهو فرق جوهري.
والاختلاف الجوهري يمتد إلى أرقام الفئات العمرية، فبينما تقدر الإدارة المركزية للإحصاء أعداد الفئة العمرية لمن أعمارهم 60 سنة وما فوق بنحو 361.493 نسمة، تقدرهم الهيئة العامة للمعلومات المدنية بنحو 122.004 نسمة، كما في نهاية يونيو 2021، والعكس للفئة العمرية ما بين 25 و29 سنة، تقدرهم الإدارة بنحو 206.048 نسمة، بينما تقدرهم الهيئة بنحو 512.087 نسمة، أي أكثر من الضعف، وبفارق بحدود 306 آلاف نسمة.
ويبدو من القراءة في جدولي إحصاءات السكان للمؤسستين كأننا نقرأ إحصاءات عن دولتين مختلفتين لو تم حجب العنوان الرئيسي الذي يحمل اسم كل منهما، فالعلاقة تكاد تنعدم في الإجماليات وفي تفصيلاتها في أرقام الوافدين.
لا نعرف أين الصواب في أرقامهما، وليست مهمتنا تقصي الحقائق، ما نعرفه أنه لا يمكن التخطيط لأي سياسة بوجود تلك الفروق الجوهرية، وإذا كانت الفوارق في الإحصاءات الأولية خاطئة جداً، فمن المؤكد احتمال أن تكون الإحصاءات الأكثر تعقيداً التي تبنى عليها، مثل النمو الاقتصادي والتضخم والعمالة والبطالة، خاطئة أيضاً.
والمطلوب هو تلاشي تلك الفروقات وإصدار معلومات دقيقة وموحدة، وإما أن يجمع المؤسستين لقاء تنسيقي لمراجعة الفروقات ومبرراتها قبل صدورها، أو أن يوكل إلى مؤسسة واحدة إصدار تلك المعلومات، وحتى يتحقق ذلك، سوف تصبح كل الدراسات والسياسات التي تعتمدها الدولة مكان شك كبير في تحقيقها لأهدافها، ودقة وحداثة الأرقام هما غذاء التنمية.