البنوك تُلاحق الحكومة على 400 مليون دينار… متأخّرة من تأجيل القروض
علمت «الراي» من مصادر ذات صلة، أن البنوك تلاحق نحو 400 مليون دينار متأخرة لدى الحكومة، عبارة عن كلفة تحصيل أقساط القروض الاستهلاكية التي تقرّر إرجاؤها من الدولة لمدة 6 أشهر، بدءاً من أبريل 2021 ولغاية أكتوبر من العام نفسه.
ولفتت المصادر إلى إرجاء تحصيل أقساط القروض الاستهلاكية للمواطنين والمقيمين بسبب تداعيات جائحة كورونا لمدة 6 أشهر للمرة الأولى من أبريل 2020 حتى أكتوبر من العام نفسه، بحيث تحمّلت المصارف كلفة التأجيل التي بلغت وقتها نحو 380 مليون دينار، فيما صدر قانون في أبريل 2021 بتأجيل الأقساط للمواطنين 6 أشهر أيضاً، على أن تتحمّل الحكومة فوائد هذه الفترة، إلا أن المبالغ المستحقة من الإجراء لم تسدّد للبنوك حتى الآن.
تحركات متعددة
وذكرت المصادر أن مسؤولي البنوك، بادروا منذ فترة لاتخاذ تحركات عدة، لمعرفة آلية الحكومة في سداد فوائد تأجيل القروض المتأخرة لنحو 10 أشهر، موضحة أن تحركاتهم في هذا الإطار شملت أكثر من جهة، ومن بينها الناظم الرقابي.
ونوهت إلى أن الناظم الرقابي لم يوجه البنوك إلى اتخاذ إجراءات محدّدة ملزمة، إلا أنه تم التفاهم رقابياً ومصرفياً على استمرار البنوك في تبنّي سياسة منح الحكومة، مزيداً من الوقت والصبر على تسلم مستحقاتها المترتبة على تأجيل أقساطها، وتحديداً حتى تستطيع الحكومة الوفاء بالتزاماتها الأساسية.
وقالت المصادر إن البنوك متفهمة لتأخر دفع مستحقاتها حتى نهاية العام الماضي، على أساس وضع المالية العامة عند صدور قرار تأجيل الأقساط، والذي منح أولوية السداد للرواتب والمتأخرات الملحة في الميزانية، سواء عن السنة المالية الماضية أو الحالية، إلا أن لصبر البنوك حدوداً محاسبية يتعيّن عدم تغافلها.
مواعيد سداد
وأوضحت المصادر أن المصارف تدفع حالياً للحصول على وعد حكومي بمواعيد سداد معينة ولو على أقساط، مع وجود فوائض مالية مناسبة في صندوق الاحتياطي العام تغطي استحقاقاتها، مبينة أن ما يشجعها على ذلك أنه حان الوقت لتسدّد الحكومة ما عليها للمصارف مع التحسن الحاصل في إيرادات المالية العامة خلال الفترة الماضية.
ولفتت إلى أن البيانات المالية المعلنة للدولة منذ بداية العام، تظهر ارتفاع قدرتها على تسوية العديد من العجوزات المالية، والمبوّبة كمتأخرات في ميزانية السنة المالية الماضية لجهات مختلفة، بدعم من استمرار بقاء مستويات أسعار النفط منذ بداية العام المالي الحالي عند مستويات عالية تتجاوز 100 دولار للبرميل.
ونوهت المصادر إلى أن البنوك تحتاج من الحكومة إلى تحديد موعد لدفع مستحقاتها، وبمعنى أدق تقديم التزام زمني بالدفع، حتى تستطيع بناء ميزانيتها النهائية عن السنة المالية الحالية 2022 وفقاً لرؤية واضحة لمستقبل مديونياتها، مبينة أنه في حال لم تحصل على خريطة محدّدة لدفع مبالغها المستحقة، فستضطر إلى تبويب هذه الأموال في خانة مديونية بذمم حكومية.
سلوك محاسبي
وأفادت المصادر بأنه في حال تأخر الحكومة عن سداد فوائد أقساط القروض الاستهلاكية المؤجلة حتى ديسمبر المقبل، سيكون على البنوك تبويب هذه المستحقات في ميزانياتها ضمن خانة الأصول، وليس الأرباح المالية، ما يعني محاسبياً أنها ستظهر رقمياً في قيم الأصول فقط، لكن لن يترتب عليها أي إضافة مالية حقيقية على أداء العام الجاري.
وتعتقد المصادر أنه لا يتعيّن الاعتماد على أن تحافظ البنوك على هذا السلوك المحاسبي إلى أجل غير مسمى، فما تحتاجه بوضوح هو تسوية هذه المستحقات مع الحكومة، بإنهاء حالة عدم وضع موعد محدد لدفعها، لا سيما أنه منذ انتهاء العمل بتعليق سداد أقساط الديون الاستهلاكية، لم تضع الحكومة تاريخاً محدّداً لدفع هذه المبالغ إلى البنوك.
وبيّنت أنه إذا تعذّر مصرفياً التوصل لموعد حكومي محدد لتحصيل مديونية فوائد تأجيل أقساطها، فقد تبدأ البنوك في مواجهة بعض القضايا المحاسبية، مفيدة أن استمرار تأخر سداد هذه المديونية يعطي للمصارف صورة مضطربة تؤثر على حساباتها لميزانياتها، إلا أنها لم تكشف عن ماهية الضرر المتوقّع في هذا الخصوص تحديداً.
هكذا عالجت المصارف أرباحها الفائتة من أول تأجيل للقروض
عالجت البنوك تبويب حجم أرباحها الفائتة من تأجيل أقساط القروض الاستهلاكية خلال الأشهر الستة الأولى، مع إلغاء الفوائد والأرباح المترتبة على هذا التأجيل وأي رسوم أخرى، والتي تتراوح بين 350 و380 مليون دينار، بتمديد آجال المحافظ الائتمانية محاسبياً بما يتناسب مع فترة التأجيل، ومن ثم توزيع كلفة التأجيل على أكثر من سنة مالية (تصل حتى 5 سنوات).
وساعد هذا السلوك المحاسبي الذي تم اعتماده رقابياً في انحسار الأثر السام لهذه الخسائر، وامتصاصها مصرفياً دون أي تداعيات محاسبية جانبية، تنعكس سواءً على أداء البنوك لجهة الأرباح، أو على حقوق المساهمين منذ 2020.