توزيعات البنوك نصف السنوية: مَن يستطع فليفعل… بعيداً عن قاعدته الرأسمالية
رفض بنك الكويت المركزي السماح للبنوك بإضافة الأرباح المرحلية إلى قاعدة رأس المال، في حالة التوزيعات المرحلية «نصف السنوية»، أو تأجيل خصم التوزيعات النقدية المرحلية من قاعدة رأس المال إلى نهاية العام مع توقيت إضافة أرباح العام إلى القاعدة الرأسمالية.
بيانات مالية
وفي هذا الخصوص، كشفت المصادر أن اتحاد مصارف الكويت كان قد اقترح على «المركزي» تحديث تعليمات «بازل 3» في شأن كفاية رأس المال، بتخفيف متطلباتها، مؤكداً أهمية هذه الخطوة لتتماشى التعليمات الرقابية وتتوافق مع القوانين الخاصة بتوزيعات الأرباح المرحلية.
ومحاسبياً يعني طلب البنوك بهذا الشأن، السماح للبنوك باستدخال الأرباح ربع السنوية ضمن قواعدها الرأسمالية، وهو الإجراء الذي لا يطبقه «المركزي» باعتبار أن هذه البيانات غير مدققة محاسبياً، فالأرباح المرحلية للبنوك والتي تشمل البيانات المالية عن الربع الأول إلى الثالث تتم مراجعتها مالياً، بخلاف البيانات السنوية للبنوك التي يجري تدقيقها محاسبياً ورقابياً.
وما يستحق الإشارة أن القاعدة الرقابية المحاسبية نفسها مطبقة أيضاً على طريقة تبويب الخسائر المرحلية والتي لا تدخل أيضاً ضمن القاعدة الرأسمالية للبنوك، كونها بيانات مالية تمت مراجعتها مالياً لكنها غير مدققة، ويأتي ذلك من باب الاحتراز والتحوط.
تغيرات مرتبطة
ويدعم «اتحاد المصارف» وجهة نظره في تزكية طلبه في شأن تحديث تعليمات «بازل 3» في شأن كفاية رأس المال، بأن البنوك لم تواجه في السابق أي معوقات باتباع نهج تعميم توزيعات الأرباح المرحلية، وتعليمات «بازل 3» الصـادرة 2014 بشـأن تراكم الأرباح المرحلية حتى نهاية العام، ومن ثم يفترض إضافتها إلى قاعدة رأس المال حسب تعليمات «بازل 3»، بعد خصم توزيعات الأرباح المقترحة.
ويعتقد «اتحاد المصارف» أن مقترحه يكتسي أهمية إضافية بسبب التغيرات المرتبطة بتوزيعات الأرباح، مبيناً أنه بسبب عدم السماح رقابياً بتوزيعات الأرباح المرحلية، حالياً، ستنشأ 3 صعوبات عملية، وهي كالتالي:
1 – سينتج عن خصم توزيعات الأرباح المرحلية من الشريحة الأولى من رأس المال دون إضافة الأرباح المرحلية، انخفاض قاعدة رأس المال، ما قد يؤثر مباشرة على حدود التركز الائتماني لكل عميل (15 في المئة من قاعدة رأس المال) والحدود الرقابية الأخرى المتصلة برأس المال القانوني.
2 – ستضعف نسب كفاية رأس المال الكلية للبنك، ما قد ينتج عنه عوائق متعلقة بالسيولة الرأسمالية بالنسبة لنمو الأعمال.
3 – ستتأثر نسبة التمويل المستقرة بشكل سلبي ويؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف السيولة الإجمالية للبنك.
استقرار البنوك
وقد يكون مفيداً الإشارة إلى أن «المركزي» هو الذي شجّع البنوك في البداية على التوزيعة المرحلية «نصف السنوية»، حيث لم يعارض طلب البنوك ذلك منذ البداية، لكنه ربط الإجراء باستيفاء شروط أساسية، أهمها تمتع البنوك بمصدات كافية، تمكّنها من التوزيعة الفصلية دون أن يقابل ذلك التخفيف بالمتطلبات الرقابية.
إذاً هناك موافقة رقابية للبنوك من حيث المبدأ على التوزيعة نصف السنوية، لكن في التفاصيل هذا الإجراء اختياري وليس إلزامياً، ويجب أن يُنفّذ بما لا يخالف السياسة التحوطية التي يقرها «المركزي» لضمان استقرار البنوك ومقدرتها المالية، ومن ثم باستطاعة البنوك الكويتية توزيع أرباح نقدية على مساهميها، لكن ذلك يتعين أن يتناسب مع نتائج أعمالها وصافي الربح المحقق عن العام المالي، وذلك في ضوء ما أظهرته بياناتها المالية من قوة ومتانة.
مقدرة مالية
ووفقاً لسياسة «المركزي» سيكون بإمكان البنوك التي تتمتع بمقدرة مالية أن توزع أرباحاً فصلية ما دام سيتم تغذية ذلك من عوائدها وسيولتها بعيداً عن التعرض للقاعدة الرأسمالية للبنوك، وذلك بما يتوافق مع السياسة التحوطية التي يتبعها الناظم الرقابي، وبما لا يخالف تعليمات «بازل 3» في شأن كفاية رأس المال.
يذكر أن البنوك الكويتية أظهرت قوة ومتانة بمستويات الكفاية الرأسمالية لديها، مع عدم استخدامها للمصدات الرأسمالية التحوطية خلال العام 2020.
التخطيط السليم للتوزيعات دون التأثير على المتطلبات الرقابية
لعل ما يعزّز وجهة النظر الرقابية بخصوص عدم الحاجة لتحديث تعليمات كفاية رأس المال المصرفي وفقاً للمقترح من البنوك، إقرار أحد البنوك توزيعات نقدية نصف سنوية وفقاً للمتطلبات المقررة.
وفي إطار حرص بنك الكويت المركزي المستمر على تنمية الاقتصاد الوطني وتعزيز سلامة أوضاع القطاع المصرفي بما يرسخ الاستقرار النقدي والاستقرار المالي، أشارت مصادر إلى ما سبق أن أوضحه «المركزي» في تصريحات سابقة، وذلك في إطار مبادرته بإصدار تعليمات إلى البنوك في شأن السماح بتوزيع أرباح نصف سنوية.
وتضمنت التعليمات ضرورة تقديم دراسة فنية لأثر التوزيعات على أوضاع البنك، وبما لا يؤثر على كفايته الرأسمالية، وغيرها من المتطلبات الرقابية، وبما يتماشى مع معايير لجنة بازل للرقابة المصرفية.
وبينت المصادر أنه يتعين على البنوك الراغبة في إجراء التوزيعات نصف السنوية التخطيط السليم لذلك، دون التأثير سلباً على المتطلبات الرقابية.
ونوهت إلى أن «المركزي» وافق على طلبات جميع البنوك التي تقدمت لتعديل نظمها الأساسية بما يسمح لها إجراء توزيعات نصف سنوية، وبما يؤكد متانة وملاءة القطاع المصرفي.