بينما كنت أبحث في المواقع العلمية عن دراسات أو معلومات حديثة استعدادا للقيام بدوري في التوعية للتصدي لأمراض القلب والوقاية منها بمناسبة قرب يوم القلب العالمي في 29 سبتمبر، فقد توقفت عند تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية عن جهود المنظمة لرصد المنتجات الطبية متدنية النوعية، وقد جاء في مقدمة هذا التقرير أنه في عام 1500 قبل الميلاد كلفت ملكة مصر حتشبسوت فريقا للبحث عن نباتات طبية أصلية لأن المنتجات المزيفة عديمة الفائدة وليست ذات قيمة وأغرقت الأسواق. بالإضافة إلى أن التقرير أشار إلى أن كتب التاريخ قد حفلت بحكايات عن الأدوية المغشوشة وهي مشكلة متزايدة على حد ما ذكره وبين أضرار ذلك على الأفراد والمجتمعات والبلدان وأثرها الاجتماعي والاقتصادي. وذكر التقرير أنواعا متعددة من تلك الأدوية التي تم الإبلاغ عنها ضمن برامج المنظمة والتي صنفت كأدوية مغشوشة ومن بينها مضادات حيوية وأدوية للقلب وأدوية للسرطان، ودعا هذا التقرير إلى التصدي لهذه المشكلة من خلال سلسلة من الإجراءات الرقابية والتي تضع السلطات المختصة بالدواء والصحة أمام هذا التحدي الذي ترجع جذوره إلى عهد الملكة حتشبسوت إلى ما قبل الميلاد. وإنني أدعو الإخوة المختصين إلى الاهتمام بهذه المشكلة وأن تكون أولوية، فلا جدوى من إنشاء المستشفيات الحديثة وتوظيف الأطباء والهيئات المساندة ورصد الميزانيات بينما نجد الأدوية المغشوشة والمتدنية النوعية ثغرات في نظام وإجراءات تداول الأدوية، ومن بينها التسويق بالمواقع الإلكترونية وبمسميات تجذب كبار السن والمراهقين، بالإضافة إلى ضعف الرقابة عند المنافذ والأساليب المتعددة وغير الأخلاقية للتسويق غير المسؤول. وأعتقد أن التوعية أمام تحد كبير في هذا الموضوع الهام الذي يمس الأمن الصحي، ويلقي بتداعياته السلبية على الحياة والصحة والاقتصاد، والأمل أن نتعلم من ملكة مصر ونخصص الفرق اللازمة للرقابة الصارمة دون مجاملات. ومن حق المجتمع أن تصل إليه المعلومات أولا بأول عن جهود الرقابة وإنجازاتها ومدى فعالية التجمعات والمبادرات الدولية ومشاركتنا معها للتصدي لتلك المشكلة ضمن الخطط والبرامج الصحية.
