سوق «خدم» سوداء في الكويت… والخدمة «Delivery»
الكويت – النخبة:
المصدر – الراي:
على غرار أي أزمة، خلفت مشكلة العمالة المنزلية في الكويت، ولاسيما التصعيد الفيلبيني الأخير الذي وصل إلى حد منع استقدام العمالة من تلك الدولة، خلفت ما يسمى بـ«سوق سوداء» يستغلها البعض لتحقيق مصالحهم وانتهاز الفرصة المواتية للربح.
ففيما تبدو مكاتب استقدام العمالة المنزلية مكتوفة الأيدي تجاه الأزمة التي تعيشها الكويت حاليا وليس لديها الحلول التي يمكن أن تقدمها، وجد مناديب المكاتب الخارجية التي تعنى بتصدير العمالة المنزلية الفرصة سانحة لتقديم عروضهم بأسعار معقولة وتنافسية، كما هو الحال في أي سوق سوداء، فانتشروا في ممرات أمام مكاتب استقدام العمالة، يترصدون الزبائن لخطفهم قبل الدخول إلى أي مكتب، فيقدمون عروضهم التي – وفق ما اطلعت عليها «الراي» – تقنع الزبون وتجعله يرضى بها، مقارنة بما يجده في المكاتب من أسعار، وحتى هناك بعض المندوبين يمكن أن يوصلوا خدمتهم إلى البيوت من خلال توزيع أرقام هواتفهم.
جولة «الراي» في أحد مجمعات مكاتب استقدام العمالة المنزلية، كشفت عن حيثيات القضية، من خلال لقاء مندوب يتبع مكتبا لتصدير العمالة المنزلية في مومباي، كان يتجول في المجمع مقدما العروض للناس، فاستفسرنا منه عن عرضه، فأكد أنه على استعداد وبجهوزية كاملة لتوفير عاملة منزلية هندية بسعر 672 دينارا، وبراتب شهري قدره 80 دينارا للعاملة التي لم يسبق لها المجيء للكويت، و100 دينار للعاملة التي تمتلك الخبرة.
وللوقوف على القضية بشكل أدق، قال مدير التسويق في مكتب جمال ايكسبورتس، مبارك حسين «مكتبي في الهند على استعداد لتوفير العمالة المنزلية الهندية الجديدة وذات الخبرة، بسعر 672 دينارا، ورواتب تتراوح بين الـ 80 إلى 100 دينار، على الكفيل أن يخرج الفيزا ونحن نتكفل بالباقي، على أن تصل للكويت خلال شهر واحد».
وفي حين تحمل المكاتب الحكومة مسؤولية الأزمة، بوضعها قوانين مجحفة بحق الخدم منذ البداية، دفعت بعضهن إلى الهرب، فيما شهدت الكويت بسبب تلك القوانين حالات انتحار بسب سوء المعاملة، يرى المواطنون أنهم غير معنيين بمعرفة الأسباب والحلول للأزمة، بل يعنيهم أن تتوفر العمالة بأسرع وقت ممكن وبالأسعار الصحيحة دون أي زيادة، قبل حلول شهر رمضان الذي يشهد ارتفاعا جنونيا لتكلفة الخدم.
المكاتب بدورها تنعى حظها لعدم حصولها على أي طلبات حتى الآن، ولا تستطيع توفير العمالة من أي جنسية، عدا الجنسيتين الهندية وقريبا من ساحل العاج، بينما المواطن اصطدم مرة أخرى بالأسعار المبالغ بها التي يطلبها أصحاب هذه المكاتب، بالإضافة للشروط التي وضعتها المكاتب للعمالة من الجنسية الهندية.
ويشكو المواطنون بأن العاملة الهندية لا تنظف، ولا تطهو، ولا تغسل، ولا تخيط، وإنما تهتم بديكور المنزل فقط وتقوم بتربية الأطفال لمدة 12 ساعة يوميا، تتقاضى 100 دينار شهريا، وسعر استقدامها وصل 990 دينارا، إلا أن الأمر لم يخل من الإغراءات، حيث تحصل على يوم واحد كإجازة مستحقة خلال الشهر بدلا من كل أسبوع، في حين أن العاملة التي سيوفرها احد المكاتب من ساحل العاج خلال يومين، سيبلغ سعر استقدامها 850 دينارا، وبراتب شهري قدره 80 دينارا.
وعبر المواطنون، الذين يجوبون المكاتب بحثا عن عاملة، عن سخطهم مما وصل إليه الحال، حيث قال منير القطامي إنه وصل لحالة من اليأس وهو يبحث استقدام خادمة، حيث إن «الأزمة تطورت وستتطور بشكل أكبر، إذا لم تضع الحكومة حلا ستفتح الباب أمام تجار البشر والسوق السوداء، ولا نريد الاضطرار للاستعانة بهم حتى لا نخالف القانون، ولكن لم تتوفر حلول أخرى حتى الآن». وأضاف «وكأن الحكومة توفر بيئة خصبة لنمو السوق السوداء في هذه الأثناء، رمضان على الأبواب، وحتى ربات المنازل بحاجة إلى عاملة لمساعدتهن، ليس فقط الزوجات العاملات».
أما أم حمد، فقد عبرت عن استيائها بصوت عال في منتصف مجمع المكاتب، معترضة على أسعار استقدام العمالة المنزلية من الهند وساحل العاج، وقالت «من المفترض ألا تتجاوز أسعار استقدام العمالة المنزلية 500 إلى 600 دينار، وهذا ما سمعنا به أخيراً، الآن عادت الأسعار إلى سابق عهدها وقفزت إلى 800 لأفريقيا و900 للهند، نريد عمالة نظيفة وموثوقة بأسعار طبيعية رأفة بحالنا».
من جانبه أكد سعود القصار أن «لدينا خادمة لكننا نبحث عن أخرى بسبب اقتراب شهر رمضان، نحتاج لأكثر من عاملة خلال هذا الوقت من العام، نظرا لكثرة اجتماع الأهل والأصدقاء على الموائد الرمضانية، ولن تستطيع ربة المنزل أن تقوم بمتاعبة إعداد الطعام والتنظيف، ناهيك عن مراقبة أبنائها لوحدها» مضيفا أنا «أبحث منذ أسابيع وحتى الآن لم أوفق بواحدة».
أما ناهدة الحياري فأكدت أنه «منذ سافرت العاملة القديمة حتى الآن وأنا بلا عاملة، كنت أرفض استقدام العمالة إلا من الجنسية الفيلبينة، الآن حتى الجنسيات الأخرى غير متوافرة، سننتظر حتى تنفرج الأزمة رغم أنني لا أعلم أسبابها».