“إعفاء القروض”.. هكذا دعمت #دول_الخليج مواطنيها وشركاتها
تصنف دول الخليج العربي على أنها من بين أكثر الدول تقديماً للقروض لمواطنيها والشركات العاملة فيها عبر البنوك الوطنية والخاصة، من خلال برامج مختلفة وفي قطاعات عديدة، سواء بالإسكان أو الصحة أو الزواج أو الاستثمار، حيث تقدر المساهمات الرسمية لإعفاء المتعثرين بملايين الدولارات.
وتحرص دول مجلس التعاون على مساعدة المتعثرين عن سداد القروض من خلال تأجيل السداد أو إعفاء غير القادرين على الدفع، في محاولات متواصلة لإنقاذ الشركات الناشئة ومنع تراكم الأعباء المالية على مواطنيها ما يؤثر بشكل غير مباشر على اقتصاد الدولة والبنوك خاصة غير الحكومية منها.
ويتوقع أن يساعد ارتفاع أسعار النفط، وتسجيل موازنات دول الخليج فوائض كبيرة خلال العام الجاري، في إقدام حكومات هذه الدول على قرارات تشمل إعفاء متعثرين عن سداد القروض للبنوك.
وبلغ إجمالي المخصصات التي تغطيها البنوك الخليجية مقابل القروض المتعثرة المصنفة في المرحلة الثالثة 71.7% بنهاية الربع الثاني من العام 2022، وفقاً لتقرير “كامكو إنفست” حول أداء قطاع البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي بالربع الثاني من العام 2022، الذي نشره الأحد 21 أغسطس الماضي.
وأظهر التقرير تراجع متوسط حصة القروض المتعثرة (قروض المرحلة الثالثة) في دفاتر قروض البنوك الخليجية بنسبة 3.4% في الربع الثاني من العام 2022، مقابل 3.6% في الربع الأول من العام 2022، ونسبة 4.1% في الربع الأول من العام 2021.
وبلغت تغطية مخصصات قروض المرحلة الثانية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي 8.4% في الربع الثاني من العام 2022، بتراجع هامشي من 8.5% في الربع الأول من العام 2022.
إعفاء عُماني
وصدرت أحدث قرارات الإعفاء الخليجي من القروض في سلطنة عمان، بعد أن أعلن السلطان هيثم بن طارق، في 25 أغسطس، سداد ديون 1169 شخصاً من الحالات المستحقة، حسب وكالة الأنباء العمانية الرسمية.
وحسب المرسوم السلطاني، فإن الحالات المستحقة للإعفاء من الديون تشمل بعض أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأفراد. وأكد القرار إلغاء أوامر الحبس الصادرة بحقهم، ورفع كافة الحجوزات عنهم.
وأظهرت بيانات لتقرير “كامكو إنفست”، تسجيل البنوك العُمانية أكبر تغطية لمخصصات قروض المرحلة الثانية بنسبة 20.7%.
قرارات كويتية
الكويت أيضاً كان لها قرارات مشابهة، فقد عملت على تأجيل الأقساط المستحقة على جميع المواطنين والمقيمين للبنوك لمدة ستة أشهر، خلال قانون أقره مجلس الأمة المنحل في (أبريل 2021).
واستفاد نحو 480 ألف مواطن كويتي من القانون، وبلغت القيمة الإجمالية التي تحملتها الدولة لتأجيل الأقساط نحو ملياري دولار.
وقررت الحكومة الكويتية في حينها تحمل كلفة تأجيل أقساط القروض للمواطنين فقط، فيما ترك قرار تأجيل القروض بالنسبة إلى الوافدين للمصارف الكويتية.
وسجلت البنوك الكويتية أدنى نسبة قروض متعثرة في دفاترها بنسبة 1.6% بنهاية الربع الثاني من العام 2022، مقاربة لمستويات الربع الأول من العام 2022، وبتراجع حاد عن مستوى 2.7% المسجل العام الماضي، وفقاً لتقرير “كامكو إنفست”.
الإمارات والبحرين
في نوفمبر الماضي، أعلن “صندوق معالجة الديون المتعثرة” الإماراتي عن قيام 20 بنكاً ومصرفاً ومؤسسة تمويلاً يعفي 4511 مواطناً من مديونياتهم، بقيمة إجمالية تبلغ أكثر من مليار و157 مليوناً و388 ألف درهم (43 مليون دولار).
وفي حينها، قال مدير ديوان ولي عهد أبوظبي رئيس اللجنة العليا لصندوق معالجة الديون المتعثرة، جبر السويدي، إن “إعفاء مئات المواطنين من مديونياتهم، يأتي في إطار منهج راسخ في دولة الإمارات في الرعاية والاهتمام بمواطنيها”.
ووصل مستوى القروض المتعثرة للبنوك الإماراتية إلى 5.5% من إجمالي القروض بنهاية الربع الثاني من العام 2022، أي أقل بمقدار 30 نقطة أساس مقارنة بالربع الأول من العام 2022 وأقل بكثير من مستوى الربع الثاني من العام 2021 البالغ 6.0%، وهو الأعلى على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، حسب تقرير “كامكو إنفست”.
أما في البحرين، فقد وافق مجلس النواب، في ديسمبر الماضي، على مقترح مستعجل بتأجيل القروض الشخصية والعقارية عن المواطنين ودفع الأرباح المستحقة عليها بأقساط ميسرة.
ووصل معدل تغطية القروض المتعثرة في البنوك البحرينية إلى نسبة 70.5% خلال الربع الثاني من العام 2022، في حين ظلت تلك النسبة دون مستوى 70% لبقية دول مجلس التعاون الخليجي.
خطوات سعودية
قدمت السعودية كذلك تسهيلات لمواطنيها المتعثرين عن سداد الديون، حيث بلغ عدد قضايا طلبات التنفيذ ضد متعثرين في سداد قيمة أجرة السكن 116 ألفاً و55 طلباً خلال الـ11 شهراً الماضية.
وأمام تلك الطلبات، يدرس البنك المركزي السعودي (ساما) تحديث مبادئ قواعد حماية عملاء المؤسسات المالية، وتشمل البنوك وشركات التأمين والتمويل، وتضمنت المبادئ المعدلة إلزام المؤسسات المالية ببذل العناية والاهتمام الخاص للعملاء محدودي الدخل والتعليم وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة من الجنسين.
وطالب البنك المركزي المؤسسات المالية، خلال بيان له، في مارس الماضي، الأخذ في الحسبان الحالات الإنسانية ومسؤولياتها المجتمعية عند التعامل مع العملاء الذين لديهم صعوبات مالية طارئة، مع إيجاد الحلول المناسبة لهم قبل البدء باتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم.
وسجلت البنوك السعودية أقل معدل تغطية لمخصصات تلك المرحلة بنسبة 5.8%، خلال الربع الثاني من العام 2022.
قرارات قطرية
وفي قطر، وجه المصرف المركزي البنوك المحلية، في شهر مارس من العام 2020، بتأجيل أقساط القروض المستحقة والفوائد أو العوائد المترتبة عنها، لمن يرغب من مؤسسات القطاع الخاص المتضررة، لمدة ستة أشهر.
وأقر البنك القطري حينها تأجيل أقساط القروض دون رسوم على الشركات أو فوائد تأخير، ودون أي تأثير على التصنيف الائتماني الخاص بهذه الشركات وعلى رأسها المختصة بقطاعات التجزئة والسياحة والضيافة والترفيه والخدمات، وشركات الصناعات التحويلية.
وجاء القرار حينها بالتزامن مع ذروة جائحة كورونا، حيث أثرت تداعيات الإغلاق الذي فرض آنذاك على جميع القطاعات في الدولة.
كما أطلق بنك التنمية القطري برنامج “الضمان الوطني”، بتمويل كامل من الحكومة، ويهدف لمساعدة الشركات الخاصة المتأثرة بصعوبات سداد المدفوعات قصيرة الأجل، ويشمل ذلك الرواتب ومستحقات الإيجار.
وحسب تقرير “كامكو إنفست”، تميزت البنوك القطرية بأعلى معدل تغطية ضد القروض المتعثرة المصنفة في المرحلة الثالثة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي خلال هذا الربع بنسبة 99.2%، أي أعلى من تغطية الربع الأول من العام 2022 البالغة 95.9%.
توفر السيولة
الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم، يرى أن الفوائض التي حققتها دول الخليج بسبب ارتفاع أسعار النفط، تعطي الحكومة فرصة لتقديم أي احتياجات طارئة للمواطنين.
ويقول عبد الكريم في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “تلك الأموال تعطي دول الخليج إمكانية لدعم مواطنيها بشكل مباشر ، وهذا ليس جديداً على هذه البلدان فقد اعتادت على دعم مواطنيها بالسكن والزواج إضافة إلى أنها لا تفرض ضرائب دخل عليهم”.
ويوضح عبد الكريم أن دول الخليج يمكنها سداد القروض المتعثرة لمواطنيها من خلال الإيرادات النفطية التي تعد مصدر الدخل الأساسي لها.
ويبين أن ارتفاع أسعار النفط يساهم في قيام حكومات خليجية بسداد قروض المتعثرين في بلادها من سكانها وإعفائهم.