“ليزي في صندوق”.. لماذا لم يحزن البعض على وفاة ملكة بريطانيا؟
قوبلت وفاة ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، بحزن شديد لدى العديد من سكان العالم، لكن آخرين كان لهم موقف آخر.
وسلطت الانتقادات التي وجهها هؤلاء، ومن بينهم كتاب وفنانون وخبراء في القانون والتاريخ، الضوء على إرث بريطانيا خلال القرون الماضية، وعلى المشاعر المعقدة التي يحملها البعض تجاه الملكة التي يعتبرونها رمزا للإمبراطورية الاستعمارية.
وعقب الإعلان عن وفاتها الخميس الماضي، سارع منتقدوها إلى الحديث عن دور العائلة الملكية في “إخضاع” الناس في البلدان التي كانت تسيطر عليها بريطانيا.
وفي مباراة لكرة القدم في دبلن، عاصمة إيرلندا، بعد ساعات من وفاتها، غنى عدد من أفراد الجمهور: “ليزي في صندوق، ليزي في صندوق!”.
ولقيت تغريدة للأستاذة المساعدة في جامعة كارنيغي ميلون في بيتسبرغ، أوجو أنيا، وجهت فيها انتقادات لاذعة للملكة صدى واسعا، قبل حذف تويتر لها، لانتهاكها سياسة المحتوى، فيما أصدرت الكلية التي تُدرس بها بيانا، قالت فيه إن آراءها “لا تمثل مطلقا قيم المؤسسة”.
وكتب أنيا: “سمعت أن رئيسة إمبراطورية لصوص ومغتصبين وصاحبة إبادة جماعية تحتضر أخيرا. أتمنى أن تتألم بشدة”.
وفي مقابلة يوم الخميس، قالت إنها “طفلة استعمار”، إذ أن والدتها ولدت في ترينيداد ووالدها في نيجيريا. وقالت: “بالإضافة إلى استعمار نيجيريا، هناك أيضا استعباد الإنسان في منطقة البحر الكاريبي”.
وكتب مغني الراب والمخرج، بوتس رايلي، على تويتر: “ماتت ملكة إرث تجارة الرقيق، والإمبريالية، والاستعمار، والسرقة، ورمز البذخ والتميمة للطبقة الحاكمة”.
الصحفية في واشنطن بوست، كارين عطية، كتبت: “تعرض ذوو البشرة السوداء والبنية في جميع أنحاء العالم لسنوات من العنف والحرمان الاقتصادي تحت حكم الاستعمار البريطاني، وعليه فإن لهم كل الحق في أن يكنّوا مشاعر سلبية تجاه الملكة إليزابيث”:
ونقل مراسل “سي أن أن” تقريرا مباشر من كينيا، نبه فيه إلى أن الملكة ليست محبوبة تماما في أفريقيا، مشيرا إلى أن البعض لن يحزنوا على وفاتها لأن أجدادهم “عانوا من فظائع كبيرة على يد شعبها ولم تعترف بذلك بشكل كامل”.
ونشرت منظمة “مقاتلي الحرية الاقتصادية”، وهي مجموعة ناشطة في جنوب أفريقيا، بيانا جاء فيه: “لا نحزن على وفاة إليزابيث لأن موتها بالنسبة لنا تذكير بفترة مأساوية للغاية في هذا البلد وتاريخ أفريقيا.. العائلة المالكة البريطانية تقف على أكتاف ملايين العبيد الذين تم ترحيلهم بعيدا عن القارة لخدمة مصالح تراكم رأس المال الأبيض العنصري”.
ووسط هذا الجدل، قال أحد المعلقين على تويتر: “الأشياء اللي لفتت نظري بعد وفاة الملكة كثرة الكلام بشأن تاريخ الاستعمار البريطاني في المنطقة والعالم رغم بعض خلط الأمور التي استشفيتها بفترتها وفترات سابقة لحكمها”.
وبالنسبة لبعض المراقبين، فإن بعض الانتقادات الموجهة إلى الملكة والنظام الملكي لها ما يبررها والبعض الآخر غير منصف، وفق موقع “ياهو نيوز”.
وقال مايكو كليلاند، الخبير في شؤون العائلة المالكة البريطانية للموقع: “لا يمكننا ولا ينبغي لنا أن ننكر أفعال التاريخ، لكن الدور الدستوري الحديث للملكية، حيث يتم فصل الملكية عن السياسة، والعمل فقط بناء على تعليمات الحكومة الحالية، يعني أنه يتعين التوجه إلى الأشخاص الذين لديهم مقاليد السلطة”.
وقال كليلاند إن الملكة ترأست انتقال الإمبراطورية البريطانية إلى الكومنولث وتحديث النظام الملكي، وهو نظام “قادر بشكل ملحوظ على سماع المشاعر العامة والتكيف”.
وقد اعترفت الملكة ببعض الانتهاكات التي سبقت حكمها، وفق التقرير، ففي عام 1986 مثلا، ووسط موجة من المعارضة العالمية لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ورد أنها غضبت من رئيسة الوزراء حينها، مارغريت تاتشر، عندما رفضت فرض عقوبات.
وفي عام 2011، دخلت الملكة إليزابيث التاريخ كأول ملكة تسافر إلى إيرلندا منذ استقلالها عن بريطانيا في عام 1922، وتحدثت هناك عن الماضي المشترك المؤلم، وقالت في كلمة: “إلى كل أولئك الذين عانوا نتيجة ماضينا المضطرب، أقدم أفكاري الصادقة وتعاطفي العميق”.
وأضاف كليلاند: “لا يمكننا الحكم عليها إلا بناء على اختياراتها”.