الرؤية السامية أعطت استحقاق «أمة 2022» زخما كبيرا وهيأت الظروف للاختيار الأمثل لنواب الأمة
ر
تكتسب انتخابات مجلس الأمة للفصل التشريعي ال17 المقررة 29 سبتمبر الجاري زخما كبيرا بفضل الرؤية السامية للقيادة السياسية العليا التي شكلت دافعا كبيرا للناخبين والناخبات نحو الاختيار الأمثل لمرشحيهم وتصحيح المشهد السياسي والعلاقة المثمرة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بما يحقق المصالح الوطنية.
وظهرت بشائر الإجراءات الدستورية باستخدام الحق الوارد في المادة (107) من الدستور بإعلان حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في كلمة ألقاها نيابة عنه سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في يونيو الماضي قرار حل مجلس الأمة.
وبالفعل صدر في الثاني من أغسطس الماضي مرسوم بحل مجلس الأمة جاء فيه النص الآتي: “تصحيحا للمشهد السياسي وما فيه من عدم توافق وعدم تعاون واختلافات وصراعات وتغليب المصالح الشخصية وعدم قبول البعض للبعض الاخر وممارسات وتصرفات تهدد الوحدة الوطنية وجب اللجوء إلى الشعب باعتباره المصير والامتداد والبقاء والوجود ليقوم بإعادة تصحيح المسار بالشكل الذي يحقق مصالحه العليا”.
كما توافق توجه القيادة السياسية بوجوب اللجوء إلى الشعب باعتباره المصير والامتداد والبقاء والوجود ليقوم بنفسه بإعادة تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد بالشكل الذي يحقق مصالحه العليا مع ما نصت عليه المادة (6) من الدستور باعتباره مصدر السلطات جميعا.
وانطلاقا من مبدأ اللجوء إلى الشعب أكدت القيادة السياسية عدم التدخل في اختيارات الناخبين لممثليهم وعدم التدخل في اختيارات مجلس الأمة المقبل لرئيسه أو لجانه المختلفة ليكون المجلس سيد قرارته على الرغم من حق رئيس الحكومة والوزراء في المشاركة بالتصويت وفق نص المادة 80 من الدستور.
كما حددت القيادة السياسية ضوابط في مرحلة انتخابات (أمة 2022) تمثلت بالتشديد على عدم دعم فئة على حساب أخرى بل الوقوف من الجميع على مسافة واحدة بهدف فتح صفحة ومرحلة جديدة مشرقة لمصلحة الوطن والمواطنين.
وترجمة للرؤية السامية تم تفعيل المادة (71) من الدستور بصدور مرسوم ضرورة بشأن اعتماد التصويت لانتخابات أعضاء مجلس الأمة وفق عنوان السكن المسجل بالبطاقة المدنية ليكون المجلس النيابي معبرا بشفافية تامة عن إرادة الأمة والنائب هو المعبر الحقيقي عن إرادة الناخبين المقيمين بصفة فعلية ودائمة بالدائرة الانتخابية ولتمكين جميع من لهم حق التصويت من استخدام حقهم الانتخابي المخول بالدستور.
كما صدر مرسوم ضرورة بشأن إضافة مناطق جديدة إلى الدوائر الانتخابية باعتبارها مأهولة فعليا بالمواطنين المستوفين لشروط الناخب تطبيقا لما جاء في مواد قانون الانتخاب التي تستوجب مشاركة جميع أبناء الوطن في إدارة شؤون البلاد على نحو يعبر عن إرادة الأمة.
أما وزارة الداخلية من جهتها نفذت حملات مكثفة لمكافحة ظاهرة الانتخابات الفرعية أو التشاوريات التزاما بالتوجيهات السامية “بألا يكون الاختيار أساسه التعصب للطائفة أو للقبيلة أو للفئة على حساب الوطن”.
وأجرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الأربعاء لقاءات منفصلة مع متخصصين بشأن انعكاس الرؤية السامية على أجواء انتخابات (أمة 2022) إضافة إلى تحقيق الهدف الذي تصبو إليه المادة (50) من الدستور بشأن فصل السلطات مع تعاونها في هذه المرحلة من المسيرة الديمقراطية للكويت.
وقال أستاذ الإدارة والسياسات العامة في جامعة الكويت الدكتور بدر الديحاني إن الخطاب السامي التاريخي الذي ألقي في 22 يونيو الماضي جاء ليبشر بمرحلة جديدة قوامها الالتزام بالدستور والقانون والتمسك بالديمقراطية والمكتسبات الوطنية.
وأضاف الديحاني أن تأكيد القيادة السياسية على عدم التدخل في اختيارات الشعب لممثليه أو في اختيار أعضاء مجلس الأمة لرئيس المجلس أو في لجانه رغم أن رئيس الحكومة والوزراء وفقا لنص المادة 80 من الدستور هم أعضاء في المجلس “يعد تطورا مهما يجعل المجلس سيد قراراته”.
وأوضح أن دورا مهما يقع على كاهل الحكومة برئاسة سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء لترجمة مضامين الخطاب على أرض الواقع عبر سياسات عامة وقوانين وإجراءات منظمة.
ونوه بالإجراءات الضرورية التي اتخذتها في الاتجاه الصحيح لعل أبرزها إصدار مرسومي ضرورة باعتماد التصويت وفق عنوان السكن المقيد في البطاقة المدنية وإضافة مناطق جديدة إلى الدوائر الانتخابية القائمة بما يحد من التلاعب في الانتخابات فضلا عن محاربتها الانتخابات الفرعية أو ما تسمى ب(التشاوريات).
ودعا الديحاني السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى استكمال الإجراءات الإصلاحية باتخاذ خطوات جريئة تسهم في مواصلة بناء الدولة الديمقراطية منها ما يتعلق بالقانون الانتخابي وتقليل سن الناخب إلى 18 سنة والسماح بتصويت الناخبين في الخارج بما يمهد مستقبلا إلى اعتماد آلية الانتخاب وفق القوائم النسبية على حد رأيه.
ولفت إلى ضرورة إنشاء مفوضية مستقلة للانتخابات تتولى كل ما يتعلق بشؤونها مثل تحديد سقف الإنفاق على الحملات الانتخابية ومنع المال السياسي لتصبح المنافسة ذات طابع سياسي جماعي بعيدا عن الطابع الفردي الحالي أو أي اصطفافات قبلية أو طائفية أو فئوية.
وأشار إلى أن حالة الارتياح والتفاؤل الشعبي التي خلفها الخطاب السامي مرهونة بمدى قدرة الحكومة المقبلة على تنفيذ مضامينه وتوجيهاته وما إذا كان تشكيلها متجانسا منوها إلى وجوب مجيئها بمشروع دولة وخطة وبرنامج شامل للإصلاح والتقدم الاجتماعي والتنموي.
وشدد على ضرورة أن تتولى الحكومة المقبلة حل المشكلات العامة وحماية الحريات ووضع السياسات العامة التي تكفل تعزيز المواطنة وتحصينها والحفاظ عليها وتحقيق التعاون العادل بين القطاعين العام والخاص والعمل على توفير المزيد من الحياة الكريمة للمواطن من سكن وتعليم وصحة وترفيه وضمان اجتماعي ومختلف الخدمات العامة.
بدوره، قال رئيس تحرير جريدة (الراي) وليد الجاسم إن الخطاب السامي عكس نبض الشارع بعد انسداد أفق العلاقة ما بين السلطتين رغم حاجة البلاد الماسة إلى التعاون البناء من أجل التنمية والتطور.
وأضاف الجاسم أن القيادة السياسية وضعت حدا فاصلا ما بين تطوير البلاد ونهضتها وتداعيات ما شهدته من أزمات سياسية بإعلان حل مجلس الأمة والدعوة إلى إجراء انتخابات تشريعية جديدة وإصدار مرسوم ضرورة بشأن تغيير القيود الانتخابية لتتوافق والواقع الجغرافي لعنوان الناخبين والمقيدة في البطاقة المدنية.
واعتبر الإجراءات المتخذة كبيرة جدا قياسا بالفترة الزمنية القصيرة الذي تمت فيها لافتا إلى أن الحكومة أثبتت القدرة على العمل والقيام بما هو مطلوب منها من أجل مصلحة البلاد متى ما توفرت لها الظروف المناسبة والدعم القوي.
وقال إن ما قدمته القيادة السياسية من تأكيدات وضوابط وردت في الخطاب السامي ستنعكس بدورها بشكل إيجابي على العملية الانتخابية وإتاحة الفرصة للجميع فالشعب سيختار من يمثله ليقوم ممثلوه باختيار رئيس البرلمان وأعضاء اللجان البرلمانية.
وأوضح الجاسم ان الأجواء المصاحبة للعملية الانتخابية تبعث على الارتياح والتفاؤل في حين تسود المشاعر الوطنية الناخبين بفضل الخطاب السامي لافتا إلى غياب حالات الاستقطابات والعداوات الاجتماعية لتكون هناك نظرة شمولية للمصلحة العامة للبلاد بعيدا عن أي تقسيمات فئوية أو طائفية أو قبلية.
ونوه بالتعامل الحكومي الحازم مع مايسمى الانتخابات الفرعية بالتالي انعكس على وجود حالة من الاستقرار والتقبل باعتبار الإجراءات التي قامت بها الحكومة قد شملت الجميع وليس طرفا دون الآخر.
وأشار إلى أهمية استغلال المرحلة لمعالجة أوجه الخلل كافة والقضاء على الظواهر السيئة وإصلاح النظام التعليمي والتركيز على الطاقة البشرية باعتبارها الاستثمار والثروة الحقيقية للدولة.
وذكر الجاسم أن القيادة السياسية هيأت الأجواء لسلطتين متعاونتين في الفصل التشريعي المقبل والشعب متفائل جدا بأن تكونا على قدر المسؤولية تجاه البلاد والشعب والأجيال القادمة.
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور حمد الثنيان إن الأوضاع الإيجابية التي تشهدها البلاد اليوم تعود إلى ما حمله الخطاب السامي في إطار التمسك بالدستور نصا وروحا من رسائل مهمة بالتأكيد على عدم التدخل في اختيارات الشعب لممثليه وعدم تدخل السلطة التنفيذية في اختيارات مجلس الأمة المقبل لرئيسه ولجانه وتلت ذلك خطوات أخرى تمثلت في محاربة الانتخابات الفرعية ومنع استغلال أي نوع من المحسوبية وحقوق الشعب لخدمة أغراض انتخابية.
وأضاف الثنيان أن الخطاب السامي لم يقف عند هذا الحد بل اقترن بتعيين رئيس وزراء جديد وقيادة جديدة واتباع نهج جديد عبر إصدار مرسوم ضرورة يقضي بربط التصويت في الانتخابات وفق عنوان السكن المسجل بالبطاقة المدنية وهي خطوة إصلاحية لمعالجة التلاعب في نقل الأصوات بين الدوائر ومحاربة أي شبهة فساد تتعلق بتزوير إرادة الناخبين.
ورأى أن الجوانب سالفة الذكر بعثت تفاؤلا كبيرا لدى المواطنين الذين شعروا بعد الخطاب السامي بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم في الانتخابات المقبلة عبر اختيار نواب يمارسون دورا إيجابيا في تطوير أداء السلطة التشريعية.
وأشار إلى تحديات عدة تواجه السلطتين التشريعية والتنفيذية خصوصا سوء العلاقة خلال الفترة السابقة مما أدى إلى تعطيل إنجاز التشريعات والقوانين المطلوبة منهما وخلل في الجانب التنفيذي لتطوير البلاد مؤكدا ضرورة استغلال الأوضاع الايجابية الحالية التي تشهدها البلاد كخطوة نحو تعاون السلطتين.
وقال الثنيان إن هناك تحديا مهما يواجه السلطة التنفيذية يتمثل في تقديم رؤية واضحة وإصلاحية في الاقتصاد والتعليم والبنى التحتية وغيرها من المجالات التنموية بما يحدد مستقبل البلاد بعد 20 سنة من الآن.
وأشار إلى أن تحديات تواجه السلطة التشريعية أيضا منها عدم وجود رؤية واضحة لدى عدد كبير من المرشحين حول مستقبل البلاد وتبني قضايا إصلاحية فعلية.