إغلاق طرق في طهران وعمال النفط يلوحون بإضراب
اشتعلت حدة الاحتقان في شوارع العاصمة الإيرانية مع تواصل الاحتجاجات المنددة بقمع الحريات، وسط تقارير عن ملامسة عداد الوفيات جراء الاضطرابات التي امتدت إلى 154 مدينة لـ200 قتيل، في حين دافع وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان عن تعامل بلاده بقسوة مع المحتجين.
شهدت عدة مناطق بالعاصمة الإيرانية حالة غليان، ليل الاثنين ـ الثلاثاء، حيث نظّمت تظاهرات جديدة وأغلق متظاهرون أحد الطرق السريعة بطهران، في وقت شارك عدد اكبر من النساء والشابات في التظاهرات التي اندلعت بعد مقتل الشابة مهسا أميني، عقب احتجازها من قبل شرطة الآداب بسبب قواعد ارتداء الحجاب.
ومع دخول الاحتجاجات يومها الثاني عشر على التوالي، أطلق محتجون في طهران شعارات مناهضة للمرشد علي خامنئي، 83 عاما، وهتفوا: «الموت للديكتاتور»، بينما تصاعدت المطالبات بتوسيع دائرة الحريات الاجتماعية والفردية، فضلاً عن مطالبات بإنهاء نظام الجمهورية الإسلامية الذي يجمع بين حكم رجال الدين ونظام معقد من المجالس المنتخبة والمعينة.
وعمد عناصر شرطة مكافحة الشغب، الذين كانوا يحملون دروعاً، إلى ضرب المتظاهرين بالهراوات، ومزّق طلاب صوراً كبيرة للمرشد ولسابقه روح الله الخميني.
وأكدت مصادر معارضة، أمس، أن الانتفاضة الشعبية امتدت إلى 154 مدينة مخلفة قرابة مئتي قتيل و10 آلاف معتقل خلال الأيام العشرة الأولى منها، لكن بحسب أحدث حصيلة أعلنتها السلطات الرسمية، قُتل 41 شخصا بينهم متظاهرون وعناصر أمن.
ووسط حملة التضييق والخنق التي تشنها سلطات إيران لمنع تداول المعلومات، عبر عرقلة الوصول إلى الإنترنت واعتقال النشطاء واستهداف المؤسسات الصحافية واعتقال الصحافيين وسحب تراخيص المصورين، ذكرت «لجنة حماية الصحافيين»، أنه تم توقيف 20 صحافياً.
وأظهر تسجيل فيديو، يُعتقد أنه التقط في مدينة تبريز، أشخاصاً يتظاهرون على وقع إطلاق قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي بكثافة لتفريقهم شمال البلاد.
وعمد متظاهرون إلى رشق الشرطة بالحجارة، وإحراق سيارات الأمن والمباني الحكومية، كما تظاهر المئات في مدينة يزد ومدينة أشنويه غرب البلاد التي انتقلت لها الاضطرابات من مناطق كردستان الإيرانية الشرقية.
الجامعات
في موازاة ذلك، انضم عدد من أساتذة الجامعات إلى الطلاب المحتجين برفضهم المشاركة في الفصول الدراسية، واستقال بعضهم.
وكان من أوائل الأساتذة ليلى كله داران، عضوة هيئة التدريس بكلية الدراما بجامعة شيراز للفنون، والتي استقالت من منصبها بنشرها خطاباً يدعم احتجاجات الشعب والطلاب.
وكتبت في رسالتها رداً على مطالبة الطلاب المحتجين، الذين طلبوا، في الأيام الأخيرة من أساتذة الجامعة الانضمام إليهم، «أعضاء هيئة التدريس في كل جامعة، باستثناء عدد قليل منهم، جميعهم من الباسيج».
وفي تحرك لافت، طالب المرجع الديني البارز حسين نوري الهمداني، حليف المعسكر المحافظ المتشدّد، سلطات الجمهورية الإسلامية بـ «الإصغاء للشعب». وجاء في بيان نشره موقعه الإلكتروني، أنّ «القادة عليهم أن يصغوا لمطالب الشعب، وأن يحلّوا مشاكله، وأن يبدوا اكتراثاً بحقوقه».
وحذر عمال متعاقدون في شركة صناعة النفط الإيرانية، من أنه إذا «لم تنته الاعتقالات وقتل المواطنين وقمع وإيذاء النساء بسبب الحجاب واضطهاد الشعب» فلن يصمتوا وسينضمون إلى المواطنين المحتجين ويوقفون العمل.
وأعلن المجلس المنظم لاحتجاجات عمال عقود النفط، أمس الاول عن «غضب واستنكار» هؤلاء العمال «لمقتل الفتاة مهسا أميني على يد دورية الإرشاد». وخلال السنوات الأخيرة، احتج عمال صناعة النفط والبتروكيماويات في إيران عدة مرات على وضعهم الوظيفي.
قتل وديموقراطية
وبينما وصف برلماني ايراني الشابات اللواتي خلعن الحجاب خلال الاحتجاجات بـ «المومسات»، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في مقابلة مع «مونيتور»: «هناك ديموقراطية كاملة في إيران، تعالوا وانظروا بأنفسكم».
ورأى عبداللهيان أن «قمع الاحتجاجات أمر طبيعي»، مشيرا إلى أنه «يجب أن نرد على الاضطرابات بطريقة قوية وعنيفة».
ووصف صور وفيديوهات قمع المتظاهرين بأنها «مزورة»، نافيا مسؤولية شرطة الآداب عن مقتل مهسا أميني، موجها أصابع الاتهام لدول ومؤسسات خارج إيران.
وأكد عبداللهيان، أن النساء في إيران «ملتزمات بالحجاب كما يردن».
سقوط ونزوح
وفي وقت تسعى السلطات الأمنية إلى شد الانتباه لما تصفه بـ «عناصر كردية إيرانية معارضة تحرك الاضطرابات لصالح دول أجنبية»، سقطت طائرة مسيرة مفخخة، يعتقد أنها إيرانية، أمس في شمالي أربيل بالعراق.
وذكرت «قناة العربية» نقلا عن مصادر خاصة أن المسيرة سقطت في قرية بقضاء جومان التابع لأربيل.
جاء ذلك في وقت أعلن «الحرس» الإيراني أنه هاجم «مواقع لقوات بيجاك الانفصالية» في منطقة شومان على الحدود العراقية الإيرانية لليوم الرابع على التوالي.
ومع استمرار الهجمات الإيرانية الانتقامية، قام العديد من القرويين في المناطق الحدودية بإخلاء منازلهم.
ومع ارتفاع منسوب التوتر بين إيران والغرب بسبب سبل العنف ضد المحتجين، أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن واشنطن ستحقق بشأن كل المتورطين في قتل وقمع المحتجين وأن المزيد من العقوبات في انتظار النظام.