كنز ذهبي في معهد العالم العربي بباريس
وبهدف استقطاب شريحة واسعة من الجمهور الفرنسي والأوروبي والعربي، فإنّ المعرض يمتد على مدى أكثر من 6 أشهر، وذلك خلال الفترة من 14 سبتمبر(أيلول) 2022 ولغاية 26 مارس(آذار) 2023.
وتتضمن المجموعة المعروضة ما يقرب من 1100 قطعة نقدية للدينار في أشكال مختلفة مرّ بها عبر مئات السنين والولايات والدول، منها 430 قطعة نقدية ذهبية يحتويها متحف المعهد بشكل دائم، ومعظمها نادر جداً وفريد من نوعه، وجميعها تروي بلغة التجارة التاريخ الغني للحضارة العربية والإسلامية.
أداة التجارة
ووفقاً للمُنظّمين، فإنّ فكرة المعرض تنطلق من أنّ المال هو بالطبع الأداة الأساسية للتجارة، لكنّه أيضاً وسيلة اتصال اجتماعية وسياسية هائلة تؤكد الهوية والسلطة للشعوب وللولايات والدول في آنٍ معاً. ولتعريف الزوار بتاريخ الدينار فقد أصدر معهد العالم العربي قوائم تعريفية بعدّة لغات أوضح فيها أنّه، وبينما لم يتم سك النقود في شبه الجزيرة العربية إلا بعد ظهور الإسلام، فقد أصدر الخليفة عبد الملك بن مروان (26 هـ – 86 هـ / 646 – 705م)، خامس خلفاء بني أمية، الذي عُرف باهتمامه بتعريب الدواوين والنقود واهتم باستخدام اللغة العربية كلغة للإدارة والدولة، عملة خالية من التمثيلات التصويرية، باستثناء بعض النقوش فقط التي تؤكد على الإيمان بالله، ومع ذكر تاريخ سكّها. وفيما بعد درج استخدام اسم الملك واسم دار سك العملة لتوثيق أساطير وروائع الدينار بدءاً من منتصف القرن التاسع. وبعد سقوط الخلافة العباسية في عام 1258م، ظلّ هذا المبدأ قيد الاستخدام حيث قام السلاطين أو الشاه أو الأمراء أو الأباطرة أو الوزراء، بصياغة جميع العملات المعدنية بأشكال مختلفة من شمال إفريقيا إلى الهند.
ويهدف المعرض كذلك إلى تعزيز فكرة أنّ الدنانير تُمثّل كنوزاً حقيقية مُصغّرة تُبرز فنون الكتابة في الأبجدية العربية وأساليب الخط العربي الإبداعية. لكن ومع ذلك، فقد قام سلاطين آل عثمان في تركيا، والصفويون ثم القاجاريون في إيران، وأباطرة المغول في الهند، في بعض الأحيان بإعادة تقديم صورة الحاكم أو الشعار المجازي لقوتهم على دينارهم الخاص الذي سكّوه.
العصر الذهبي
وبهدف استقطاب الطلبة والشباب والعائلات، يُنظّم المعهد كذلك وضمن فعاليات المعرض، ورشة الإبداع الأسري “ورشة النقد”، والتي تُعرّف الزوار بكيفية صُنع الدينار، وتدعوهم بعد مشاهدة روائع المعرض، للانتقال إلى ورشة عمل صغيرة ليقوم كل من يرغب بسك الدينار الخاص بك، مع احترام دقة الخطوات وترتيبها خطوة بخطوة: صنع قالب، تقطيع الجوانب، فحص السبيكة، وضرب المطرقة لتعديل العملة. كما ويُتيح المعرض، وتحت شعار “وجدنا كنزا!” الفرصة للاطلاع على معلومات تفاعلية هامة حول العملات المعدنية، التي وإن كانت جميعها ذهبية، إلا أنها ليست متطابقة من جميع النواحي. ويسمح المعرض للشباب اكتشاف دروس ثمينة مُستوحاة من كل دينار من الدينارات المعروضة في المعرض، حيث يرمز كل منها لقصة واقعية دوّنها التاريخ.
كذلك، فإنّ معهد العالم العربي بباريس، وبالتوازي مع معرض “الدينار عبر العصور والدول.. كنز من الذهب” يُتيح الفرصة للجمهور لاكتشاف العصر الذهبي للعلم العربي من خلال مخطوطات المتحف الخاص به وأدواته العلمية. وذلك فيما تُتيح ورشة معالجة الإسطرلاب المبنية على مجموعة رائعة جدًا من الإسطرلابات، للمُهتمّين فرصة فهم كيفية عمل أداة القياس الفلكية التاريخية هذه، والتي ابتدعها وأبدعها العرب.