خدمة كبيرة تقدمها “النسور” للبيئة
النسور طيور، دورها في البيئة شبيه بدور عامل القمامة، وبـ “فرق تطهير طائرة” تعمل لخدمة البيئة، وتلعب دوراً مهماً في تخفيف انبعاثات الغازات التي تتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري، وفقاً لدراسة جديدة عن هذه الطيور الجارحة.
وتعيش في العالم 22 فصيلة من النسور، ومن خلال بصرها الثاقب والمسافات الطويلة التي تقطعها في الطيران على ارتفاعات شاهقة، عادة ما تكون النسور أول من يرصد جيف الحيوانات النافقة وتتغذى عليها.
خدمة للبشر والبيئة
ومن خلال هذا الدور، تسدي النسور خدمة بالغة الأهمية للأنظمة البيئية والبشر، لأنها تحافظ على استمرار الدورة الغذائية وتساعد في السيطرة على الأمراض والأوبئة التي يمكن أن تنتقل من جثث الحيوانات النافقة إلى الحيوانات الحية أو الانسان في نهاية الأمر.
وتنبعث من جثث الحيوانات النافقة الغازات المسببة للاحتباس الحراري مثل الميثان وثاني أكسيد الكربون، ولكن من الممكن منع هذه الانبعاثات إذا ما وصلت النسور إلى الجيف أولاً، بحسب دراسة حديثة أوردتها الدورية العلمية “إيكوسيستم سيرفسيز” المعنية بالبيئة.
وتوصلت الدراسة إلى أن النسر الواحد يتغذى على ما بين 2ر0 وكيلوغراماً واحد من الجيف يومياً بحسب كل فصيلة. وإذا ما تركت هذه الجيفة في الطبيعة دون التخلص منها، فسوف ينبعث من كل كيلوغرام متعفن زهاء 86ر0 من ثاني أكسيد الكربون.
تأثير تعفن الجيف في الهواء
وتستند هذه الدراسة على فكرة أن الجيف التي لا تقتات عليها النسور تبقى لتتعفن في الهواء الطلق، ولكن في الحقيقة أن كثيراً من الجيف يتم تحويلها إلى سماد أو توارى الثري بواسطة البشر، وهو ما يترتب عليه انبعاثات أكثر من الغازات الناتجة عن التحلل الطبيعي.
وقد يبدو حجم الانبعاثات التي يمكن تفاديها بواسطة النسور محدوداً، ولكن عند مضاعفة هذه الكمية في ضوء عدد النسور التي تعيش في البيئة ويتراوح ما بين 134 إلى 140 مليون طائر حول العالم، فإن كمية الانبعاثات التي يمكن تفاديها سوف تتحول إلى رقم يدعو للاعجاب، حيث سوف يتبين أنه من الممكن تفادي ملايين الأطنان المترية من الانبعاثات كل عام بفضل النسور.
خدمة بيئية موزعة بشكلٍ غير متساوٍ
وفي تصريحات للموقع الإلكتروني “ساينتفيك أمريكان” المعني بالأبحاث العلمية، يقول عالم الأحياء من جامعة كاموهي الوطنية بالأرجنتين، والباحث الرئيسي في هذه الدراسة إن هذه الخدمة البيئية التي تقدمها النسور ليست موزعة بشكل متساو حول العالم، حيث تتركز بشكل أساسي في الأمريكتين.
وتعيش في الأمريكتين ثلاث فصائل فقط من النسور، وهي النسر الأسود، والنسر التركي والنسر ذو الرأس الرمادي، وجدير بالذكر أن هذه الفصائل الثلاث مسؤولة عن 96 % من عملية تخفيف آثار غازات الدفيئة الناتجة عن الجيف في مختلف أنحاء العالم، بحسب الدراسة.
وبشكل جماعي، تمنع النسور في الأمريكتين قرابة 12 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون من الوصول للبيئة سنوياً، وبحسب تقديرات وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة، فإن هذه الكمية توازي التخلص من كمية العادم الذي ينبعث من 6ر2 مليون سيارة كل عام.
تراجع أعداد النسور
ويقول بلازا إن الوضع خارج الأمريكتين مختلف بشكل صارخ، موضحاً أن “تراجع أعداد النسور في كثير من المناطق في العالم مثل أفريقيا وأسيا، تسبب في أضرار بالغة في نوعية الخدمات البيئية التي تسديها النسور”، فقد وصل النسر ذو الظهر الأبيض الذي يعيش في الهند إلى حافة الانقراض خلال العقود القليلة الماضية، فقد انخفضت اعداد هذا الطائر بنسبة 9ر99 % من ملايين الطيور إلى عدة آلاف فقط.
ويرجع السبب في هذا التراجع الكبير إلى التسمم بمادة الديكلوفيناك التي تستخدم في علاج الماشية، وتتسرب إلى النسور عندما تقتات على جيف المواشى النافقة.
وفي الهند وحدها، تصل كمية الانبعاثات الضارة التي كان من الممكن تفاديها لو لم تكن النسور قد أوشكت على الانقراض إلى زهاء 9ر2 مليون طن متري سنوياً.
مهمة في الكوارث
ومن ناحية أخرى، تؤكد كارولينا باروتسي الباحثة البيئية بجامعة فلوريدا الأمريكية أن النسور تسدي أيضاً خدمات جليلة للبيئة في أوقات الكوارث الطبيعية أو المناخية.
ووثقت باروتسي دور النسور في التخلص من جيف الحيوانات التي تنتشر على نطاق واسع في الحياة البرية في حالات الكوارث الطبيعية أو الأوبئة، وتقول “بدون النسور تتحلل الجيف بوتيرة أبطأ مما يتسبب في كثير من الاشكاليات مثل زيادة الانبعاثات المسببة للاحترار العالمي وانتشار الأوبئة”.