الكشف عن أقدم حمض نووي بشري في بريطانيا
كشفت البيانات الجينية الأولى لأفراد من العصر الحجري القديم بالمملكة المتحدة، عن أقدم حمض نووي بشري تم الحصول عليه من الجزر البريطانية، ويخص الحمض النووي مجموعتين متميزتين هاجرتا إلى بريطانيا في نهاية العصر الجليدي الأخير.
ووفق الدراسة الجديدة المنشورة في دورية “نيتشر إيكولوجي آند إيفلويشن”، وحسب ما نشر موقع nature والتي أجراها معهد الآثار بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس ومتحف التاريخ الطبيعي وباحثو معهد فرانسيس كريك، فإن النتائج تكشف لأول مرة أن إعادة استعمار بريطانيا تم عن طريق مجموعتين على الأقل لهما أصول وثقافات متميزة، واستكشف فريق الدراسة أدلة الحمض النووي من فرد من كهف “جوف” بمقاطعة سومرست جنوب غربي إنجلترا، وفرد من كهف “كيندريك”، شمال ويلز، عاش كلاهما منذ أكثر من 13500 عام.
ويوجد عدد قليل جدا من الهياكل العظمية من هذا العصر في بريطانيا، حيث تم العثور على نحو 12 في 6 مواقع في المجموع، وتُظهر الدراسة، التي تضمنت تأريخ الكربون المشع وتحليله وكذلك استخراج الحمض النووي وتسلسله، أنه من الممكن الحصول على معلومات وراثية مفيدة من بعض أقدم المواد الهيكلية البشرية في البلاد.
ويقول المؤلفون، إن تسلسلات الجينوم هذه تمثل الآن الفصل الأول من التاريخ الجيني لبريطانيا، لكن الحمض النووي والبروتينات القديمة تعد بإعادتنا إلى أبعد من ذلك في تاريخ البشرية، ووجد الباحثون أن الحمض النووي للفرد من كهف جوف، والذي توفي منذ نحو 15000 عام، يشير إلى أن مجموعته كانت جزءا من هجرة أولية إلى شمال غربي أوروبا منذ نحو 16000 عام، ومع ذلك، فإن الفرد من كهف كندريك هو من فترة لاحقة، منذ نحو 13500 عام، ويُعتقد أن أصول أسلاف هذه المجموعة من الشرق الأدنى، هاجرت إلى بريطانيا منذ حوالي 14000 عام.
وقالت ماتيجا هاجدينجاك، من معهد فرانسيس كريك والباحثة المشاركة بالدراسة: “العثور على السلالتين قريبين جدا من الزمن في بريطانيا، على بعد ألف عام فقط أو نحو ذلك، يضيف إلى الصورة الناشئة لأوروبا من العصر الحجري القديم، والتي هي واحدة من الدول المتغيرة والسكان الديناميكيون“.
ولاحظ الباحثون أن هذه الهجرات حدثت بعد العصر الجليدي الأخير عندما كانت ثلثا مساحة بريطانيا تقريبا مغطاة بالأنهار الجليدية، ومع ارتفاع درجة حرارة المناخ وذوبان الأنهار الجليدية، حدثت تغييرات بيئية جذرية وبدأ البشر في العودة إلى شمال أوروبا.
وقالت صوفي تشارلتون، مؤلفة الدراسة المشاركة: “الفترة التي كنا مهتمين بها، من 20 إلى 10000 سنة مضت، هي جزء من العصر الحجري القديم، وهذه زمنية مهمة للبيئة في بريطانيا، حيث كان من الممكن أن يكون هناك احترار مناخي كبير، وزيادة في مساحة الغابات، وتغيرات في نوع الحيوانات المتاحة للصيد”، بالإضافة إلى ذلك، وُجد أن المجموعتين مختلفتان ثقافيا، مع وجود اختلافات في طبيعة طعامهم أيضا”.